وزارة الثقافة تتدارس سبل تطوير المهرجانات الفنية في المغرب

30 ديسمبر 2013 - 23:40

نظمت وزارة الثقافة لقاء دراسيا حول المهرجانات بالمغرب، ترأسه محمد أمين الصبيحي وزير الثقافة، إلى جانب كل من مديرية الفنون ومديري المهرجانات المنظمة من قبل الوزارة، وحضره كل من فوزي الصقلي المدير العام لمؤسسة روح فاس، وإبراهيم المزند المدير الفني لمهرجان تيميتار بأكادير، في حين غاب عنه محمد المغاري مدير مهرجان البولفار، الذي كان مقررا حضوره بسبب مرضه حسب ما صرح به لـ«اليوم24».

وقد أقر محمد لطفي المريني، الكاتب العام لوزارة الثقافة، خلال هذا اللقاء الدراسي، بأن وزارته تتطلع إلى بلورة نموذج تدبيري جديد للمهرجانات الفنية والثقافية التي تشرف على تنظيمها عبر مختلف جهات المملكة، يقطع مع النقائص التي تطبع عددا منها، ويؤسس لمردودية ثقافية وسوسيو-اقتصادية أفضل لهذه التظاهرات. وقد أبرز محمد لطفي المريني، في ورقة تأطيرية، أن بلورة هذا النموذج تقتضي اعتماد برمجة مدققة للمهرجانات، وإرساء شراكات مع مختلف الفاعلين على أساس دفاتر تحملات مضبوطة، وفسح المجال أمام تمثيلية مختلف التعبيرات الفنية الوطنية تفاديا للتهميش والنمطية. 

 كما أشار المريني إلى أهمية خلق شبكة بين المهرجانات التي تنظمها الوزارة وباقي التظاهرات الأخرى، من أجل الاستفادة من التجارب الناجحة، وضرورة إحداث نظام تقييمي للمهرجانات يسمح بتشخيص وقعها الاقتصادي والثقافي، فضلا عن تطوير آليات التواصل وإعطاء الأولوية للتراث الفني الوطني والاحتفاء بالمبدعين المغاربة. 

من جهته، اعتبر فوزي الصقلي، المدير العام لمؤسسة روح فاس، في اتصال له مع «اليوم24»، أن اللقاء، الذي حضره، «مبادرة إيجابية تجمع ما بين أشخاص يدبرون المهرجانات بشكل خاص ومبادرات تقوم بها الدولة بشكل رسمي أو شبه رسمي، موضحا أن هناك تقاربا في التخابر والخبرات، يمكن من طرح الأسس التي تقوم عليها هذه المهرجانات من حيث التدبير والاتصال والبرمجة والبحث عن سبل النجاح والإشعاع والتسويق، مضيفا أن هذه المهرجانات هي مقاولات من الجانب التقني، لكنها تختلف عن غيرها في كون أهدافها أهدافا ثقافية فنية.

وحول معايير نجاح مهرجان ما، قال فوزي الصقلي «إن أهمها أن تصير للمهرجان هوية خاصة به، وأن يملك مضمونا يتجدد كل سنة، بالإضافة إلى امتلاكه طاقما محترفا يشتغل على مدار السنة باحترافية وبكفاءات محددة في المهن الثقافية. وعلى المهرجان أن يكون له دور في المساهمة في التنمية الاجتماعية الشاملة بشكله الخاص، ويجب أن يتجاوز الموسمية، وتتولد عنه مشاريع لهذا الغرض، وهو ما نحرص عليه في عملنا في مؤسسة روح فاس، من خلال مقاهي الثقافات المتنوعة مثلا، وأنشطة أخرى يومية، الهدف منها تنمية المواطنة».

وقد أقرت الورقة التأطيرية للوزارة بجملة من النقائص التي تعتري بعض المهرجانات التي تنظمها، من قبيل تمركزها في جهات دون أخرى، إذ في مقابل احتضان جهة مكناس-تافيلالت مثلا لأربعة مهرجانات، ثمة خمس جهات لا ينظم فيها سوى مهرجان واحد، بل هناك ثلاث جهات لا تتوفر على أي مهرجان تحت إشراف الوزارة. 

 وانتقدت الورقة أيضا عدم تناسق المضمون الثقافي لبعض المهرجانات، وتكريس النمطية في البرمجة، وتداخل فترات التنظيم بينها، بالإضافة إلى إخلال جهات شريكة بالتزاماتها، ما يؤثر على جودة عدد من التظاهرات الفنية والثقافية. 

يذكر أن وزارة الثقافة تنظم 24 مهرجانا عبر مختلف جهات المملكة، تتوزع بين 16 مهرجانا تراثيا وأربعة مهرجانات دولية (مهرجان وليلي، ثقافات الواحات في فكيك، مهرجان العود بتطوان ومهرجان مسرح الطفل بتازة)، وأربعة أخرى تحتفي بالإنتاج الفني الوطني في المسرح وفنون الشارع والشعر والزجل. 

 ولم تخف الوزارة رهانها على هذا اللقاء، الذي حضره مدراء المهرجانات، لإفراز توصيات تفضي إلى وضع نموذج المنظور الجديد الذي ينبغي اعتماده من قبل المشرفين على تدبير هذه المهرجانات، والتعرف عن قرب على كيفية تنظيمها، وتقييم طرق اشتغال المسؤولين أو المشرفين عليها بتقديم ثلاث تجارب نموذجية (مهرجان أحيدوس بعين اللوح، ومهرجان فنون الشارع بفاس، ومهرجان العيطة بآسفي)، وتعميق الاستفادة من التجربة والطرق الحديثة المعتمدة في تدبير بعض المهرجانات الثقافية التي بصمت على حضور متميز ضمن المشهد الثقافي الوطني، وتحظى بدعم من القطاع الخاص ومؤسسات عمومية (مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، مهرجان البولفار بالدار البيضاء، مهرجان تيمتار بأكادير)، بالإضافة إلى تبادل الخبرات والتجارب والاستفادة من التراكمات التي تحققت، والتعرف على الآثار الاقتصادية والثقافية لهذه المهرجانات ووقعها على الجمهور، وخصوصا الشباب منه، اعتمادا على مؤشرات محددة ومضبوطة، ثم اعتماد الحكامة في التنظيم التي تتوخى تطوير الأداء، والوصول إلى نموذج موحد للتدبير يسمح بوضع الميزانيات وتأمين برمجة سنوية متوازنة تأخذ بعين الاعتبار الإكراهات الميزانياتية، وعدم تداخل مواعيد هذه المهرجانات فيما بينها، وتراعي الخصوصيات المحلية للمناطق التي تنظم بها.

شارك المقال

شارك برأيك
التالي