تستعد جبهة “البوليساريو” الانفصالية لعقد مؤتمر جديد لها، وسط أزمة قيادة تتخبط فيها منذ أكثر من سنة، ظهرت بجلاء خلال أزمة إصابة زعيمها ابراهيم غالي بفيروس كورونا.
وأشرف غالي نهاية هذا الأسبوع، على عقد “الأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو”، في دورة استثنائية، تحضيرا لعقد المؤتمر السادس عشر لجبهة البوليساريو.
وفي كلمته الافتتاحية، أوضح غالي أن الدورة الاستثنائية تأتي تحضيرا للمؤتمر السادس عشر للجبهة، بغية “توفير كافة الشروط والإمكانيات الكفيلة بإنجاحه على كافة المستويات”.
ومنذ عودة زعيمها من رحلة الاستشفاء في إسبانيا، لا زالت جبهة “البوليساريو” الانفصالية تعاني من انهيار “مؤسساتها” منذ إعلانها عن “الحرب” قبل ما يقارب الشنتين، حيث بدأت الجارة الشرقية الجزائر تتحكم بشكل مباشر في المخيمات، وغيب “كورونا” أغلب الزعماء عن الميدان، ووصل الخلاف بين الأجنحة المتطاحنة إلى مستوى عدم التنسيق في المواقف التي تسوق لها الجبهة الانفصالية دوليا، ليصبح الجهاز الذي تخاطب به العالم برأسين.
مثال على هذه الأزمة، ما عاشته ما تسمى بوزارة الخارجية التابعة لجبهة “البوليساريو” الانفصالية، حيث لم تسلم من الصراع الدائر بين القيادات، وتأثرت بغياب إبراهيم غالي لفترة وبعض القادة ممن كانوا يجنبون “الوزارة” الكثير من المشاكل، كما تأثرت بـ”الحرب” المعلنة من طرف واحد، وفشلت دبلوماسيا في تسويقها، وجلب تعاطف دولي، ما جعل أطرها ودبلوماسييها يتصارعون فيما بينهم على الظهور بشكل منفرد، ويتبرأون من الفشل المحدق بالوزارة الأكثر تمويلا داخل جبهة “البوليساريو”.
وانقسمت “الخارجية” الانفصالية إلى أجزاء، ولم يعد بينها تنسيق من أي نوع، وصار كل حلف ينافح عن نفسه، ويسوق ما يريد، ويعلن عما يريد بالقنوات التي يريد وقتما يريد، وظل ما يسمى “وزير الخارجية” محمد سالم ولد السالك بدون أي سلطة لضبط باقي الشخصيات التي كانت تشتغل تحت إمرته، فاقدا للأهلية.
وأصبحت المصالح الخارجية للجبهة الانفصالية برأسين، وصار التنافس على الظهور الإعلامي السمة البارزة لتبني الإنجازات المفقودة، والتسابق على إعداد وتنظيم الندوات تحت مسميات متعددة، لا علاقة لها بالتنسيق المفترض دبلوماسيا، ومع غياب إبراهيم غالي استفحلت الظاهرة ووصلت حدودا لا تطاق. أبي بشرايا البشير السفير ممثل “البوليساريو” بأوربا، انفصل نهائيا عن “وزارة الخارجية” التي يديرها ولد السالك، وأصبح يتحرك بمعزل تام عنها، ويحاضر ويشارك في الإعلام بصورة منفردة، بل تخطاها لينظم الندوات والتظاهرات دون أي تنسيق مع أحد، لكن ما لم يكن متوقعا أن يخرج عن المعتاد، ويطلق على نفسه اسم “وزير”، مستغلا غياب زعيم “البوليساريو”.
لم
يشار إلى أنه منذ ينة ظهرت أزمة قيادة الجبهة، حيث استبد المرض بأغلب القادة، ما أن آخرين ممن كانت تعول عليهم للقيادة، باتوا يعانون من أمراض لتقدمهم في السن، فيما يشير المراقبون، إلى أن ما تعانيه الجبهة الانفصالية من أزمة قيادة حاليا، لم يسبق لها أن مرت به في تاريخها، ما بات يهدد أطروحتها الانفصالية، في ظل تزايد الالتفاف الدولي حول المقترح المغربي للحكم الذاتي، وبعد الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، وهو الاعتراف الذي غير كثيرا في معادلة النزاع الإقليمي المفتعل.