التكامل بين كينيا والمغرب خيار إستراتيجي من أجل إنطلاقة إقتصادية

24 يوليو 2022 - 18:55

كلما تكلمنا عن افريقيا إلا و ترامت افكار سوداوية إلى عقولنا عن تلك القارة الفقيرة, التي تنام على بحور سبعة من الثروات و الكنوز لكنها تئن في صمت.

هذه الفكرة يبدو أنها قد بدأت في الاندثار و لم يكن دلك ممكنا الا بعد مسار طويل من التضحيات و التنازلات على الصعيد السياسي و الاقتصادي كدلك.

لكن كل دلك بدأ يعطي أكله و يتضح أن الخيار الاقتصادي الذي اتخذته العديد من الدول و المتمثل بالتوجه لإفريقيا بدل الهرولة نحو غياهب الأسواق الأوروبية التي تنضح بالتنافسية الغير العادلة. والتي تجعل الدول الإفريقية الحلقة الأضعف و تترك ميزانها التجاري ينزف لصالح الأوربيين و أمريكا و الصين.

كينيا نموذج لاقتصاد صاعد من صحراء الشرق الافريقي

كما يعرف الجميع أن كينيا من دول الشرق الافريقي, و تتميز بجغرافيا شبه صحراوية تغلب عليها المناطق المنخفضة الخضوبة, و جراء دلك اتجهت كينيا في الآونة الاخرة إلى تنويع اقتصادها  ليكون عالية التنافسية, و اتخذت من التجارة الخارجية سبيلا لذلك, حيت تعتبر كينيا من المراكز التجارية المهمة في افريقيا برقم معاملات تجارية خارجية يتجاوز 21 مليار دولار أي 20 في المئة من الناتج الداخلي الخام موزعة على كل من الصين بحصة 3 مليار دولار و الاتحاد الأوروبي ب2 مليار دولار ثم الهند ب 18 مليار دولار و الإمارات العربية المتحدة ثم الولايات المتحدة الأمريكية, كما تقيم كينيا مبادلا تجارية مع دول أخرى من الشرق الإفريقي.

بين الصين و الولايات المتحدة الامريكية هل ستصمد كينيا

يتضح من تحليل البيانات الخاصة بالمبادلات التجارية بين كينيا و الصين أن الأخيرة تظفر بحصة الأسد منها،  حيث يبلغ إجمالي العجز التجاري لكينيا  اعتبارًا من عام 2020 حوالي 9.7 مليار دولار ، وتشكل الصين (3.3 مليار دولار) حوالي ثلث هذا الخلل, و لقد كان هدا العجز محل قلل لكينيا ما دفعها لتوقيع اتفاقيات للتجارة الحرة مع الصين لفتح الأسواق الصينية في وجه التجار الكينين لتصدير منتوجاتهم و خاصة الفلاحية منها, حيث تعد كينيا أول دولة افريقية في تصدير الأفوكادو الطازج الى الصين. في حين تعد العلاقات الكينية الأمريكية أكثر توازنا لكن لا يمكن الحكم عليها مبكرا قبل دخول اتفاقية التبادل الحر حيز التنفيذ.

في التوجه نحو المغرب فائدتين

في ظل رغبتها في التحول الى مركز تجاري قوي قاريا و دوليا, أمام كينيا خيارين, أولهما البحث عن اقتصادات مماثلة و محاولة التكامل معها في كل المجالات , و ثانيها هو البحث عن مورد إفريقي للمواد التي ستجعل كينيا تصمد أمام الاقتصادات الكبرى التي تتعامل معها كالصين و أوروبا.

في الخيار الأول يظهر جليا أن كينيا ستتجه نحو تقوية منتوجاتها الفلاحية والدخول  بها في خضم هذا السباق التجاري المحتدم.

و يعتبر المغرب حسب مراقبين المنافس الوحيد في القارة الافريقية القادر على التكامل مع كينيا لمساعدتها على الفوز بهذا الرهان، بالنظر إلى إحتياطاته الهائلة من الفوسفاط و التي تجعله من بين أهم المنتجين للأسمدة الفلاحية في العالم.

 

إضافة الى أن المغرب يعد المستثمر الثاني في افريقيا و المستثمر الأول في منطقة الغرب الإفريقي, كما أن التكامل الاقتصادي بين المغرب و كينيا يبدو مجديا  حيث تعتبر الأخيرة من كبار منتجي القهوة والشاي، التي تعرف طلبا كبيرا في السوق المغربية فإن المغرب يعتبر منتجا رئيسيا للأسمدة، التي تعد ضرورية في هده الزراعة.

مورد مهم للأسمدة ومنفذ على القارة الأوروبية وطريق نحو أمريكا

بموقعه الاستراتيجي شمال غرب إفريقيا, و توفره على بنية تحتية رائدة في القارة السمراء، يعد المغرب من الوجهات الرئيسة للراغبين في تصدير منتوجاتهم نحو الأسواق الأوروبية و الأمريكية, خاصة بعد تعزيز عرض الموانئ الضخمة بالمملكة, بميناء الداخلة و ميناء الكويرة إضافة الى مناء الناظور و طنجة سيقدم المغرب خدمة لا تقدر بثمن لكينيا و هكذا ستضرب الأخيرة عصفورين بحجر واحد من جراء التوجه للمغرب, تكامل إقتصادي و طريق لتصدير سلعها نحو المتعاملين التجاريين الاخرين.

 

*سعيد جديدي, الرباط

كاتب مهتم بالشؤون الاقتصادية و التنمية, طالب بسلك الدكتوراه

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي