« أبو طلحة »… الوجه الجديد لشبكة قديمة

يؤكد (ع.ص)، أحد سكان القصير أن المدينة « مدمرة بنسبة تتخطى 85 في المئة، ومعظم مرافقها الأساسية خارج الخدمة ». لكنّ الأكثر إثارة في روايته هو ما اكتشفه السكان بعد انسحاب حزب الله، حيث عُثر على مخازن أسلحة تابعة للحزب في مواقع مثل وادي حنا.

 

الوجه البارز في المشهد الآن هو شخصية تُلقب بـ « أبو طلحة »، يدعي العمل ضمن فريق الأمن العام بالإدارة السورية الجديدة، ويُسهل عمليات التهريب؛ ولا سيّما تهريب الأسلحة. يحمل الرجل الجنسيتين اللبنانية والسورية، وينحدر من منطقة « الجوسية » الحدودية، التي تضم أحد أبرز المعابر الخمسة الرابطة بين سوريا وقرى القاع اللبنانية.

ووفق (ع.ص)، أحد سكان القصير، لا يقتصر نشاط « أبو طلحة » على تهريب الأسلحة، بل يمتد إلى سلع أخرى مثل المازوت والخردة والمواد الأساسية النادرة في سوريا. كما يعمل على بناء تحالفات مع عشائر وأحزاب مؤثرة على جانبي الحدود، سعياً لتثبيت هيمنته على الشبكة.

 

وادي خالد: رحلة إلى قلب اقتصاد الظل

 

في قرى وادي خالد النائية، حيث تتداخل الحدود بين لبنان وسوريا في تضاريس جبلية وعرة، يعمل كثيرون في « التهريب ». من بين هؤلاء، التقينا « أبو أحمد ورياض خليل »، اللذين يجمعهما الميلاد في المنطقة ذاتها، والانخراط في عالم لا يعترف بالحدود السياسية.

لم يكن أبو أحمد (اسم مستعار) يخطط ليكون حلقة في شبكة تهريب معقدة؛ فقد عمل لخمس سنوات مع منظمة إنسانية براتب 600 دولار أميركي، قبل أن تُنهي خدماتها فجأة في منطقته. يقول الرجل الأربعيني: « بحثتُ عن عمل بلا جدوى ». اتجه بعدها للتهريب الذي شمل الألواح الشمسية والمعدات الطبية والمواد الغذائية، من بيروت وطرابلس إلى حمص ودمشق، قبل أن يتوسع إلى « تهريب البشر ». يضيف أبو أحمد: « أستقبل مكالمات من عائلات سورية تريد عبور الحدود، أتفق مع وسطاء على الجانبين ».

في المقابل، ينظر رياض خليل إلى عمله في التهريب باعتباره تجارة لا مفر منها في المناطق الحدودية. تخرج في الجامعة عام 2011، لكنّ شهادته الجامعية لم تكن طوق النجاة من البطالة. يقول عن ذلك: « لا أحب التهريب ».