في وقت أصبح فيه الذكاء الاصطناعي أحد أبرز الاختراعات التكنولوجية الحديثة، التي تبرهن يوما بعد الآخر عن قدرتها المتزايدة على اقتحام مختلف الميادين، كشفت مجلة « التايم » الأمريكية عن عشر مجالات سيحدث فيها هذا الزائر الجديد تحوّلاً جذرياً، بدءا من ألعاب الأطفال وقاعات التدريس، وصولا إلى المصانع والجيوش.
وفي هذا الإطار، قالت المجلة إنه بفضل ترسانة جديدة من الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، بات من الممكن اليوم تفسير الشيفرة الجينية للأوبئة، وجدولة بيانات التجارب السريرية بسرعة فائقة، ما يُمهد الطريق لتطوير اللقاحات خلال أيام معدودة من ظهور الوباء.
وإلى جانب ذلك، أوضحت « التايم » أن العلاقات الإنسانية أصبحت أحد أبرز المجالات التي اقتحمها الذكاء الاصطناعي، حيث يلجأ الملايين من الأشخاص بشكل يومي إلى روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ويتعاملون معها كمساعد شخصي، ومستشار في تنظيم الوقت وأداء المهام والتخطيط لها، مما يجعل من المرتقب وفق خبراء أن تصبح هذه الأدوات أكثر قدرة على تحليل المشاعر والأفكار الإنسانية.
ومن المنتظر أيضا أن تساهم أدوات الذكاء الاصطناعي في تطوير أنشطة مراقبة الحياة البرية، ليصبح فرز الصور الملتقطة للكائنات البرية وتحليلها أمرا يسيرا، خاصة أن هذه الأدوات تسمح بمسح ملايين الصور بسرعة كبيرة، وتحديد الحيوانات بدقة تصل إلى 99.4 في المائة، مما يتيح للباحثين رصد التهديدات التي تواجه التنوع البيولوجي، والتعامل معها بسرعة غير مسبوقة.
وفي المجال التعليمي كذلك، أصبح استخدام الذكاء الاصطناعي واسع الانتشار، حيث كشفت « التايم » أن شهر يوليو الماضي شهد تعاون نقابات المعلمين الأمريكية مع شركات « OpenAI » و »Microsoft » و »Anthropic » في مبادرة لتدريب 400 ألف معلم في المدارس على استخدام الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الخمس المقبلة.
ووفق المجلة فمن المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي مستقبلا في تخصيص المناهج الدراسية وفقاً لقدرات واهتمامات كل طالب، وتقديم دعم فوري للمتعلمين، ومساعدة الأساتذة على تقييم الأداء الأكاديمي بكفاءة أعلى.
وبالرجوع إلى الميدان الطبي، كشفت دراسة تجريبية أجرتها شركة « Penda Health »، وهي شركة كينية تُقدم خدمات الرعاية الصحية الأولية بالتعاون مع « OpenAI »، أن نظام « Penda » للذكاء الاصطناعي، المصمم لإثراء معارف الأطباء، نجح في تقليل أخطاء التشخيص الطبي بنسبة 16 في المائة، مما ينبئ بقدرة الذكاء الاصطناعي مستقبلا على تسريع عملية التشخيص، ورصد الحالات الطارئة، والمساعدة على اكتشاف الأمراض الوخيمة بشكل أدق.
وألعاب الأطفال لم تخل بدورها من تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث بدأت الشركات ببيع دمىً محشوةً تعمل بالذكاء الاصطناعي، وقادرة على التحدث مع الأطفال الصغار بلغة مناسبة لأعمارهم، ومن المتوقع أن تتحول هذه الألعاب إلى أدوات تعليمية وتربوية ذكية، تساعد الأطفال على تعلم اللغات والمهارات الاجتماعية والمنطقية.
ومن جهة ثانية، أعلنت غوغل عن نظام ذكاء اصطناعي يعمل كقمر صناعي افتراضي، يدمج البيانات البصرية والحرارية والرادارية والمناخية، لتحديد خصائص اليابسة والمياه الساحلية بدقة، وهو ما يمكن أن يمنح العلماء والباحثين فهماً عالمياً متسقاً للكوكب، وبالتالي قدرة أكبر على التعامل مع التغيرات المناخية، وتوقع الكوارث الطبيعية.
وفي المجال الصناعي، توقعت « التايم » أن تتحول المصانع إلى بيئات إنتاجية شديدة الذكاء، قادرة على التكيف مع التغيرات في الطلب بشكل لحظي، وتوقع الأعطال قبل حدوثها، وإدارة سلاسل التوريد بمرونة أعلى.
وبات الذكاء الاصطناعي لاعبا أساسيا أيضا في سباق التسلح بين الدول، خاصة في مجال صناعة الطائرات بدون طيار ذاتية التشغيل، التي من المرتقب أن تصبح قادرة على اتخاذ قرارات تكتيكية في لحظات، مما يحول السباق العسكري اليوم، وفق المجلة إلى منافسة على من يملك الطائرات الأكثر ذكاءً لا الأكثر عدداً.