وسيط المملكة: جيل "Z" يوجد في زاوية مظلمة من السياسات وبعض المطالب "شعبوية" قد تنتج الاستبداد

04 أكتوبر 2025 - 14:00

قال حسن طارق، وسيط المملكة، إنه « يجب الانتباه إلى الأشياء الصلبة والأساسية في العلاقة بما يجري حاليًا في الشارع المغربي »، مؤكدًا أن « هناك جيلًا يوجد في زاوية مظلمة من السياسات، وإذا تحدثنا عنه بلغة السياسة المغربية، فهو جيل وُلد بين حكومة التناوب ودستور 2011 ».

وأوضح طارق، في برنامج خاص على القناة الثانية بثته ليلة أمس، أن هذا الجيل « وُلد إبان مرحلة عمل هيئة الإنصاف والمصالحة، وبالتالي تشبّع بقيم وبثقافة حقوق الإنسان وبخطابات الانتقال، لكنه يجد نفسه في حالة توتر مع لحظة الولوج إلى هذه الحقوق ».

وتحدث وسيط المملكة عن غياب القيادة في التعبيرات الشبابية، وقال، « غياب القيادة له مرادف واحد وهو غياب المسؤولية، قيادة حركة احتجاجية هو مسؤولية وفعل مواطن مدني، أعرف متى أتفاوض ومتى أتنازل، هذه هي السياسة ».

وأضاف، « أعرف كوارث الشعبوية، هناك في جزء من المطالب إرهاصات الشعبوية، عندما أسمع بحل الأحزاب، هل هذا ديمقراطي، هل هناك نموذج ديمقراطي مبني على حل الأحزاب، وماذا يعني المطالبة بالمحاسبة أمام أنظار الشعب، هذا يعني قضاء الشارع وتراكم سنوات من العهود الدولية لحقوق الإنسان لفكرة المحاكمة العادلة ».

وشدد طارق على أن « الوثيقة الشعبوية إغراء للشارع يقدم نوعا من الانزياح نحو الشعبوية، وشعبوية الاحتجاج هي إحدى المخاطر، بإمكانها أن تعيد إنتاج الاستبداد ».

وأشار حسن طارق إلى أن « ما يقع يحتاج إلى قراءة وفهم وتحليل »، مؤكدًا أن « جيل الشباب الحالي مليء بالتناقضات الطبقية والإيديولوجية والقِيمية، والسياسة في النهاية تُبنى على صراع بين مصالح وقيم وفاعلين سياسيين »، مضيفًا أن « السياسة والتناقضات الإيديولوجية تخترق كل الأجيال ».

لذلك، يضيف وسيط المملكة، « يجب أن نحتاط منهجيًا من التوصيفات والاختزالات تجاه جيل الشباب، الذي هو مثلُه مثل الأجيال السابقة »، مشددًا على أن « هناك تراكمًا وامتدادًا وذاكرةً لهذا الجيل، تحمل في عمقها ذاكرة احتياجات سابقة ».

وقال وسيط المملكة أيضًا: « المؤكد أن هناك خصوصيات لجيل الشباب الحالي، التي تنتمي إلى هذا العصر؛ هؤلاء أبناء هذا العصر، والشباب، سوسيولوجيًا، هم الأكثر إدراكًا للتحولات العالمية والقِيمية ».

وأضاف حسن طارق: « علينا أن نحذر من تحويل كلمة الشباب إلى كلمة مقدسة؛ بمعنى أنه يجب، ونحن نرافق الشباب، أن نقول إنه من الممكن أن يكونوا مخطئين، فالشباب ليسوا دائمًا على حق. هذه أشياء قد تبدو بسيطة، لكنها يجب أن تزعزع بعض اليقينيات التي يزخر بها حوار العموم ».

وشدد المتحدث على أن « المغرب دولة لها تقاليد، والمجتمع المغربي مجتمع ناضج وله قنوات للتعبير عن مطالبه. عشنا 20 فبراير، في محيط إقليمي صعب ووسط طلب متزايد على الإصلاحات، لكن كان هناك الذكاء الجماعي المغربي، الذي هو مزيج من العقل البارد لدولة راسخة وممتدة، ويقظة المجتمع والفاعلين. هذه المستويات الثلاثة مكّنت المغرب من تحويل لحظة شهدت تحولات دراماتيكية في مناطق أخرى إلى هبة إصلاحية ».

اليوم أيضًا، يؤكد المتحدث، « لدينا كل الوقت لتحويل هذه اللحظة إلى هبة إصلاحية وتجديد للحياة السياسية، ومناسبة لتصحيح السياسات. لا بد أن نقول إن الأمور ليست بسيطة، وتتميز بديناميات مختلفة، وهناك فرضيات يصعب تأكيدها أو نفيها. وكلنا نعرف أن بلادنا مستهدفة، وأن هذه المنصات ليست دائمًا رسول سلام، فهي محملة برهانات واستراتيجيات ».

ويرى طارق أننا « أمام مطالب إصلاحية بسقف منخفض، لكن هناك تعبئة أقوى من سقف المضمون المطلبي. هناك تناقض بين إصلاحية المطالب وفورية الدينامية، وهذا تناقض بين ثلاث ديمقراطيات متجاورة: ديمقراطية الرأي في الشبكات، التي تُنتج القضايا وتعبّئ حولها، ثم ديمقراطية الاحتجاج، الرهان على الشارع لتحديد موازين القوى، ثم ديمقراطية التمثيل. هذه القضايا تنتمي إلى سجل السياسات العمومية، الذي ينتمي إلى زمن آخر يتميز بالتدرج والتفاوض، وهو زمن معقّد ».

وأوضح وسيط المملكة أن « الاحتجاج اليوم من أجل الصحة، والحكومة استمعت، لكن الجواب معقّد وليس بسيطًا. لذلك، لكي تكون هذه الدينامية منتجة لبلادنا، يجب أن تنخرط في مشروع إصلاحي، وأن تتجنب مغامرة الحلول الفورية. فهذه أمور لن تُحل بمنطق المساء الكبير ».

وقال طارق أيضًا: « في يوم ما سنحسم كل الإشكالات والقضايا، لكن هذه أمور على درجة من التعقيد والصعوبة. تحتاج إلى نَفَس إصلاحي، بكل تأكيد، لكنها أيضًا تحتاج إلى مساطر، وتحتاج إلى برلمان وميزانيات وتفاوضات. حين نخرج من غرف الدردشة، سنكتشف أن الحياة والسياسة أكثر تعقيدًا، وأن هذه المطالب قد وضعت المحتجين في قلب السياسة، وهذه الأخيرة تحتاج إلى زمن آخر ».

وخلص حسن طارق إلى القول بأن المحتجين يحملون مشاعر الغضب ومشاعر الأمل، مضيفا، « ليس هناك محتج في أي ساحة عمومية في العالم غير محمول بالألم، علينا أن نلتقط هذا الأمل، وعلينا أن نبني الثقة بالاعتراف والتواضع وبعدم الغرور وبعدم أسطرة لحظة صناعة التاريخ، فالأمور تتطور، وعلينا أن ننتبه إلى أن هناك من يتربص ».

وخاطب وسيط المملكة شباب جيل « Z » قائلا، « أدعوكم إلى النزول من غرف الدردشة إلى دور الشباب وإلى الجمعيات والشبيبات والأحزاب، يمكنكم أن تشكلوا ثورة ثقافية وأخلاقية وإصلاحية، يمكنكم أن تشحنوا بطارية الحلم الجماعي الذي يجمعنا كمغاربة، وأن تستمروا في صناعة وإنتاج هذه القصة التي تجمعنا كمغاربة، وهذه المغامرة الإنسانية بعيدا عن أي أوهام وعن أي مغامرات غير محسوبة، يمكنكم أن تكونوا طاقة للإصلاح، ولديكم الخيار، أنتم اليوم مسؤولون ويمكنكم أن تختاروا خيار الإصلاح الذي له مداخل ».

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *