أكد عمر بلافريج، خلال حلوله ضيفًا على برنامج « السياسة بصوت جديد » ضمن سلسلة نقاشات جيل Z، أن عدداً كبيراً من النواب البرلمانيين لا يدخلون البرلمان لتمثيل الشعب فعلياً، بل تغيب لديهم روح المسؤولية تجاه القضايا الاجتماعية الكبرى التي تؤرق المغاربة. وأوضح أنه كان يحرص، خلال كل سنة تشريعية، على تقديم مقترحات قوانين تعديلية تُعطي الأولوية لقطاعي التعليم والصحة باعتبارهما ركيزتين أساسيتين لأي تنمية حقيقية.
وأشار بلافريج إلى أن إحدى أهم المعارك التي خاضها داخل البرلمان كانت مرتبطة بمبدأ التضامن العادل بين الأجيال، من خلال مقترح فرض ضريبة بنسبة 0.5 في المائة على الثروة، معتبراً أن هذه الخطوة من شأنها خلق انسجام اجتماعي جديد داخل الوطن. وانتقد في السياق نفسه ما وصفه برفض الطبقة السياسية مناقشة مثل هذه القضايا الجوهرية، قائلاً إن المغرب يعيش اليوم اتساعاً في الفوارق الاجتماعية، ما يجعل مساهمة الطبقات الميسورة في الاقتصاد الوطني عبر نظام ضريبي عادل، ضرورة وطنية.
وفي تقييمه لأداء الحكومة الحالية، قال بلافريج إن هذه الأخيرة « تسير بعيون مغمضة »، لأنها ركزت على مشاريع التجهيز الكبرى وأهملت الجوانب الاجتماعية، خصوصاً التعليم والعدالة المجالية، مضيفاً أن السؤال الحقيقي الذي يجب أن يُطرح هو: متى سيصل القطار إلى مدن مثل الحسيمة والراشيدية؟ في إشارة إلى غياب رؤية متوازنة للتنمية بين مختلف جهات المملكة. وأكد أن الحكومة الحالية تواصل نفس النهج الذي اعتمدته حكومة ابن كيران، غير أن الفرق يكمن في غياب التواصل مع المواطنين.
وحول المشهد الحزبي، عبّر بلافريج عن خيبة أمله من استمرار الجمود داخل الأحزاب السياسية، معتبراً أن احتكار الزعامات الحزبية للمناصب منذ سنوات طويلة أدى إلى العزوف السياسي لدى الشباب. وأوضح أنه منذ سنة 2011 لم يُؤسس سوى حزب واحد جديد في المغرب، في حين تشهد الديمقراطيات الحية تأسيس عشرة أحزاب أو أكثر سنوياً، متسائلاً: من سيشجع الشباب اليوم على الولوج إلى العمل السياسي إذا استمر هذا الوضع؟
وتجدر الإشارة إلى أن عمر بلافريج راكم تجربة برلمانية بارزة ما بين عامي 2016 و2021، حيث مثّل فيدرالية اليسار الديمقراطي داخل مجلس النواب، وتميّز بمداخلاته الجريئة ومواقفه المنتقدة للسياسات العمومية، خاصة في مجالات التعليم، والعدالة الاجتماعية، والحكامة. كما اشتهر بمبادراته التشريعية الداعية إلى العدالة الضريبية والشفافية في تدبير المال العام، ما جعله أحد أبرز الوجوه السياسية التي تبنّت خطاباً إصلاحياً يسعى إلى تجديد الممارسة السياسية بالمغرب.