انتقد أحمد عصيد، الناشط السياسي والباحث في الثقافة الأمازيغية، استمرار ما وصفه بـ »البرنامج القار للدولة » الذي لا يساير التحولات القانونية والاجتماعية التي عرفها المغرب خلال السنوات الأخيرة، معتبرا أن ذلك يفرغ النصوص الدستورية والتشريعية من مضمونها ويجعل تفعيلها أمرا غير ممكن.
وقال عصيد، خلال ندوة نظمتها مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد تحت عنوان « الانتخابات القادمة، أية جدوى؟ » إن « تنظيم انتخابات تشريعية جديدة في ظل دستور غير مفعل يمثل معضلة حقيقية، من شأنها المساس بمصداقية العملية برمتها ».
وأوضح أن « العطب الرئيسي في المغرب » يتمثل في أن الفاعلين السياسيين والمدنيين يعملون على تطوير المرجعيات وتأطير المفاهيم وتجديد الخطاب، لكن كل ذلك يظل، على حد تعبيره، دون أثر على أرض الواقع بسبب وجود نهج سياسي لا يتغير، يجعل تفعيل القوانين المتقدمة غير ممكن، و »من بينها دستور 2011 الذي مرت عليه نحو 14 سنة دون تفعيل مقتضياته ».
وأشار المتحدث إلى أن الانتخابات في مراحل سابقة « كان ينظر إليها كآلية للدمقرطة، وتجربة لبناء مؤسسات تمثيلية حقيقية »، مضيفا أن الوضع تغير اليوم، إذ أصبحت، على حد قوله، « مجرد تقنية للتموقع داخل المشهد السياسي، لأن الجميع استبطن قواعد اللعبة ويسعى فقط إلى موقع داخل الترتيب المسبق، مما يجعل من الصعب أن تكون الانتخابات خطوة فعلية في مسار الدمقرطة ».
واعتبر المصدر ذاته أن « التشرذم » الذي يسود داخل الصفوف المدنية والسياسية هو الذي يغذي « السلطوية » في المغرب، موضحا أن هذا التشرذم لا يرتبط باختلاف المرجعيات أو الأهداف، بل بخلافات « سطحية وهامشية »، الأمر الذي يؤدي، بحسبه، إلى إضعاف القوة المجتمعية، ويضع مصداقية الحياة السياسية برمتها موضع شك، خصوصا لدى الشباب.
وختم عصيد مداخلته بالتأكيد على أن المغرب، شأنه شأن أغلب الدول الإفريقية، يفتقر إلى تعاقد اجتماعي واضح يجمع مختلف القوى السياسية والمدنية، قائلا إن « غياب هذا التعاقد يجعل الصراع جوهريا، ويغيب الحوار والتفاوض المتوازن، لأننا لم نؤسس بعد لتوافق وطني حقيقي يجمعنا رغم اختلافاتنا ».