قال محمد الساسي، القيادي في حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، إن « الانتخابات النزيهة الوحيدة التي عرفها المغرب كانت سنة 1960″، معتبرا أن جميع الاستحقاقات اللاحقة جرت في سياقات سياسية متحكم فيها، اتسمت بتكرار ثوابت محددة وظهور متغيرات مرتبطة بالمرحلة.
وأوضح الساسي، في ندوة نظمتها مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد تحت عنوان « الانتخابات القادمة، أية جدوى؟ »، أن مرحلة جديدة ميزها التدخل لخلق التوازنات السياسية بدأت منذ الانتخابات التشريعية لسنة 1963، التي أفرزت برلمانا متوازنا بين جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية من جهة، وحزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية من جهة أخرى.
وأكد المتحدث أن الانتخابات في المغرب « تخضع للضبط من طرف الدولة »، قائلا إن هذه الأخيرة « ليست محايدة في علاقتها بالانتخابات، وتعمل على خلق هندسة مسبقة تضمن بقاء خريطة سياسية معينة من خلال الحفاظ على حضور العائلات الكبرى والتوازنات الجهوية والإثنية، وضمان وجود قادة الأحزاب داخل البرلمان باعتبارهم معاونين يجب أن يكونوا قريبين من مركز القرار ».
وفي عرضه لما أسماه « ثوابت الانتخابات المغربية »، أشار الساسي إلى أربع ملامح رئيسية، أبرزها « غياب انتخابات تأسيسية تضع دستورا جديدا »، واستمرار « التجريب القانوني » في كل استحقاق دون الوصول إلى منظومة انتخابية مستقرة، إضافة إلى « غياب سلطة حقيقية لدى المنتخبين » تمكن من محاسبتهم.
إلى جانب ذلك أشار الساسي إلى أن الانتخابات المغربية ظلت دائما « موضع شبهة »، بسبب تشكي الأطراف من بعضها البعض ومن تدخل الإدارة، إلى جانب وجود فوارق كبيرة بين نمطي الانتخابات في المدن والقرى من حيث طبيعة المرشحين ونسب المشاركة.
وفي قراءته للمحطات الأخيرة، قال القيادي في حزب « الرسالة » إن انتخابات 2016 شكلت « لحظة صراع حاد بين الشعبوية الدينية المتمثلة في حزب العدالة والتنمية، والحداثة المعطوبة التي يجسدها حزب الأصالة والمعاصرة »، موضحا أن « الشعبوية الدينية » لا تقترح برنامجا خاصا، وتتبنى نفس البرامج اليمينية لكن ببهارات دينية، بينما « الحداثة المعطوبة » تقبل الحداثة في مختلف الأوجه إلا في الوجه السياسي، على حد تعبيره.
أما انتخابات 2021 فأوضح الساسي أنها تشكل امتدادا لمخلفات جائحة كوفيد التي لم تقس بعد آثارها، مشيرا إلى أنها « أسفرت عن برلمان بلا معارضة »، بسبب التحالف الثلاثي بين الاستقلال والأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، في مقابل ضعف الاتحاد الاشتراكي و »سقوط الإسلاميين الذين لم يتمكنوا حتى من تشكيل فريق برلماني ».
وتوقف الساسي عند التحسن النسبي الذي عرفه البرلمان منذ التسعينات على مستوى العمل التشريعي واحترافية الأداء، مشيرا إلى أن المؤسسة التشريعية لم تستطع رغم ذلك استعادة روح برلمان 1963، « لكنها باتت تضم فئات تدافع عن مصالحها بشكل مباشر، مثل الفلاحين الكبار وأرباب الشركات والمحامين ».