تونس..السباق الأخير

22 ديسمبر 2014 - 20:34

حين يصل عدد الاثنين 22 دجنبر 2014 من جريدة «أخبار اليوم» إلى عموم القراء، يكون باب الاقتراع الرئاسي قد أسدل أبوابه في تونس، بل ربما يكون تداول أخبار النتيجة قد عمّ أرجاء البلاد، ووصل إلى التونسيين كافة. لذلك، ليعذرني القارئ الكريم إن أخطأت في تقدير ما سيسفر عنه السباق الرئاسي، أو خرقت قاعدة الحياد حُيال انتخابات تجري في بلد شقيق، يُفترض في المرء أن يدعمها لا أن يتدخل في مجرياتها بالانحياز لهذا الطرف أو ذاك.

 لعل من الواجب الإشارة إلى أن الحملة الانتخابية خلال الدور الثاني، وإن شابها تبادل للاتهامات، وتراشق بالكلام بين المترشحين المتنافسين، فقد انتهت بالهدوء، وركن كل واحد إلى الصمت في انتظار ما سيقرره الجسم الانتخابي نهار الاقتراع. بيد أن من داخل هذه العاصفة من التلاسنات، يمكن استخراج كثير من الاستنتاجات، التي سيرتهن بها مستقبل تونس لا محالة.

 يتعلق الاستنتاج الأول بتغير خطاب التنافس الانتخابي من تسويق صراع  «العلمانيين»، و»الإسلاميين»، إلى صراع بين «قيم وتطلعات الثورة» و»عودة رموز الدولة العميقة». فهكذا، نُظر إلى «المنصف المرزوقي» كحامل لقيم الثورة، ومعبر عن رموزها، واعتُبر «القايد السبسي» مجسداً لاستمرار الدولة العميقة. والواقع أن هذا الانشطار في النظر إلى المترشحين، نابع من انسحاب حركة «النهضة» من حلبة التنافس الرئاسي، وإن كانت حاضرة في سياقه، ومحددة لنتائجه منذ الدور الأول. وفي الظن، سيظل هذا الانشطار مستمراً، ومؤثرا في الحياة السياسية التونسية، حتى ما بعد الإعلان عن النتائج، واستكمال تشكيل المؤسسات الدستورية، وتشكيل الحكومة الجديدة.

 ترتبط الخلاصة الثانية بكون خريطة التنافس في الرئاسيات لم تقدم بدائل كثيرة للناخب التونسي، حيث حصرت اختياره في مترشحين كلاهما مر. فالقايد السبسي رجل دولة بامتياز، وخبرته السياسية في إدارة الحكم لا يختلف حولها اثنان. غير أن سجله يثبت أنه مشارك في التركة الثقيلة لنصف قرن من السياسة في تونس، وله، شاء أم لم يرد، نصيب من الأخطاء والمسؤوليات. أما المنصف المرزوقي، وعلى الرغم من نضاله الحقوقي، والثمن الذي قدمه جراء مواجهته للنظام القديم، فقد أبانت تجربته القصيرة في قصر قرطاج عن افتقاره مهارات القيادة، وحاجته إلى كثير من الخبرة والنضج ليقود بلده نحو الأفضل.

 أما الخلاصة الثالثة، فتخص التوترات التي طالت مواقف العديد من الأحزاب  والتنظيمات السياسية بسبب صعوبة الاختيار بين مترشحين كلاهما غير مقتع بما يكفي، ولعل المرء يحتاج إلى قدر من التنجيم ليعرف على وجه اليقين، اتجاه سلوك الناخبين يوم الاقتراع.

تأسيسا على هذه الخلاصات، على من سيتوقف السباق الرئاسي ليوم  21دجنبر 2014؟؟

إذا انطلقنا من لغة الأرقام ومعطيات الواقع، كما تظهر للعيان، ستؤول الانتخابات لصالخ القايد السبسي، لتصدُّرِ حزبه نتائج الانتخابات التشريعية، وفوز مرشحه في الدور الأول للانتخابات الرئاسية، وتحالف اثنى عشر حزبا سياسيا لدعمه في الدور الثاني. أما المنصف المرزوقي، فليس له قاعدة حزبية تسنده، اللهم إذا استمرت «النهضة» في دعمه، وإلى جانبها بعض الأحزاب الصغيرة، وربما استفاقت القوة الصامتة، أي «حزب الكنبة»، من ترددها وأعطت تأييدها له. أما غير ذلك، فلن يكون له نصيب في اقتراع الدور الثاني.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي