« واش لحم البشر رخيص عند الناس »..هي عبارة من بين العبارات التي قالتها السيدة مليكة ضحية انفجار حمام « الزياني » التركي بمنطقة بنجدية في مدينة الدار البيضاء، والتي ترقد منذ أسبوع في المستشفى تقاوم المرض وغدر الزمن.
السيدة الأربعينية التي تشغل كـ »كسالة » حكت وبصعوبة كبيرة تفاصيل انفجار الحمام الذي كانت تشتغل به، حيث باغتتها المياه الساخنة في لحظة انفجار « الشوديرة »، او ما يعرف ب »البرمة » فسقطت عارية تصارع الموت.
كانت الساعة حينها تشير إلی الخامسة وعشرين دقيقة من مساء ليلة الأحد 11 يناير الجاري، حضرت زنوبة مداومة علی خدمات مليكة لأزيد من 11 سنة، وهي نفس مدة اشتغالها داخل الحمام .. »دخلت مع الكليانة ديالي الحمام الكبير باش نحك ليها، في رمشة عين حسيت بالزلزال تحت رجلي، سمعت صوت الانفجار لي الجهد ديالو هزني حتی تضربت مع السقف وعاودت تضربت مع الأرض »، تقول مليكة وهي تعيد سرد مشاهد مرعبة عاشتها. وتضيف « في ديك الثواني القليلة الأرض تقبات علی شكل حفرة ولقيت راسي فوق من البرمة كنتشوی.. أنا ما تحرقتش، أنا تشويت أختي، تشويت »، تقول مليكة محاولة تجميع كلمات متقطعة لنقل جزء مما عاشته في تلك الليلة الحالكة.
أكثر ما أثر في نفسية الضحية التي ترقد حاليا في قسم الإنعاش بالمركز الاستشفائي ابن رشد، هو تنكر صاحبة الحمام لها، « مولات الحمام ماشي نكراتني.. هي لاحتني، واش لحم البشر رخيص عند الناس حتال هاد درجة.. كان عليها تجي طُل عليا وتشوف حالتي.. أنا منسمحش ليها لا دنيا لا آخرة »..
من جهتهم أكد أفراد عائلة مليكة الذين التقتهم « اليوم24″، أن المُشغلة تكلفت شخصيا بإخراج أربع عمال وعاملات من المستشفى ونقلتهم إلى مصحة خاصة قصد طيِّ الموضوع « مولات الحمام جات لعندنا وطلبات أنها تخرجها من سبيطار المخزن وتنقلها المصحة خاصة، لكن نحن رفضنا على عكس العمال الآخرين »، مضيفين « من بعدها رجعات وقالت لينا إلى جاو البوليس قولو ليهم أن مليكة غير كليانة ماشي خدامة عندي في الحمام »، يقول توفيق شقيق الضحية، الذي أكد أن العائلة لم تخبر مليكة بتفاصيل المحادثات مع المُشغلة حفاظا على صحتها النفسية.
وأمام تنكر صاحبة الحمام للضحية، وقع عدد العشرات من العاملات « الكسالات » بحمام الزياني على عريضة تضم أسماءهن وأرقام بطائقهن الوطنية، يؤكدن فيها أن مليكة بدأت العمل في الحمام المذكور سنة 2004، وأن إصابة مليكة هي الأخطر مقارنة مع العمال والعاملين الآخرين الذي أصيبوا بحروق متفرقة.
عشرة أيام مرت على حادث انفجار حمام الزياني، حادث حول حياة مليكة إلى كابوس يقض مضجعها ويؤرق عائلتها وصديقاتها..حسرة كبيرة وإحساس لا يمكنها تجاوزه بسهولة، فالأخيرة ترقد في المستشفى تتامل غدر الزمن، وايضاً غدر مشتغلتها التي تخلت عنها بعد ان التهمت الحروق جسدها وهي تخدم زبوناتها بإخلاص.
[youtube id= »_gMlNxs3LsA »]