حاورته نادية الهاني
بصفتكم محاميا قررتم رفع دعوى قضائية ضد المغنية الداودية، لماذا؟
تلقيت مجموعة من الاتصالات، بصفتي محاميا، من عدد من جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالشأن الثقافي، تحتج على أغنية الداودية الأخيرة. وسنقوم برفع دعوتين قضائيتين، بعدما حصلنا على كل المعلومات الحقيقية المتعلقة بالمغنية؛ الدعوى الأولى، سنتقدم بها أمام ابتدائية الدار البيضاء، على اعتبار أن المشتكى بها تقيم بالمدينة المذكورة بشكل رئيسي. والثانية، ستكون أمام ابتدائية مراكش، حيث تتوفر الداودية على إقامة ثانوية.
وسبب الدعوتين القضائيتين هو أغنية « اعطيني صاكي » التي أثارت الجدل –مؤخرا- بسبب كلماتها. نحن نؤمن بحرية التعبير، لكن عندما يتعلق الأمر بمنتوج معروض للجمهور، هنا يجب التدخل، كما تتدخل جمعية حماية المستهلك لحماية المواطنين عندما يتعلق الأمر بمنتوج غذائي فاسد معروض في السوق. التقيت الكثير من الأشخاص، وخاصة النساء اللواتي عبرن عن انزعاجهن من كلمات الأغنية، باعتبارها تحصر المرأة في مساحيق التجميل، وتحرض على البغاء والدعارة. الفن من أهدافه الرقي بالمجتمع، والتعبير عن رسالة نبيلة، ومراعاة الذوق العام وليس العكس. المشكل –هنا- ليس في كلمات الأغنية -في حد ذاتها- بل في كونها موجهة إلى الجمهور العام، وليست محصورة وموجهة إلى جمهور معين في حفل أو مناسبة خاصة.
ما يزيد عن أربعة ملايين شخص استمعوا إلى الأغنية، في رأيك أليس هناك تعارض بين الواقع وما تدافعون عنه؟
أتوقع أن يزيد هذا العدد أضعافا. السؤال الذي يجب أن يطرح –هنا- كم عدد الأشخاص من بين أربعة ملايين نالت إعجابهم هذه الأغنية. بطبيعة الحال للمغنية جمهورا، لكن أن تطرح الأغنية التي تتوفر على معايير المنتوج الفاسد للجمهور العام، هذا هو الإشكال. الحال نفسه بالنسبة للبيض الفاسد، إذا عرض في السوق فمن الممكن أن يقبل على اقتنائه المستهلكون، لكن هل يجب ألا نتدخل ونتركه يباع؟!
طرحت الأغنية منذ مدة عبر « اليوتوب »، ولم يكن لكم أي رد فعل مباشر. لماذا تأخرتم في التعبير عن رفضكم؟
في البداية، عندما طرحت الأغنية لم نرد خلق ضجة من أجل أمر تافه، لأننا قد نعطيه قيمة، ونخلق له ضجة ودعاية، لكن عندما تصبح الأغنية ذات صيت وانتشار داخل المجتمع، وتتحدث عنها وسائل الإعلام المختلفة، وتفتخر بعض الإذاعات بمناقشة كلماتها كون وضع « المكياج » أمر طبيعي، وتصل نسبة الاستماع إليها إلى أربعة ملايين شخص، هنا يجب أن نتدخل. صحيح أن هذه الأغنية ليست هي الوحيدة التي تتصف بالمنتوج الفاسد، بل سبقتها أغاني « سينا »، لكن انتشارها ظل محدودا.
ما هدفكم من وراء هذه الدعوى القضائية؟
هدفنا ليس المساس بشخص « الداودية »، وإنما الحد من انتشار الأغنية من السوق؛ لا أقل ولا أكثر. لأنها تسيء لصورة المغرب، فإذا كانت أم كلثوم قالت: « أعطيني حريتي » فهي شرفت مصر. أما حرية الفنان في التعبير والإبداع فهي مكفولة.
سبق لعدد من المواطنين أن تقدموا بشكاية ضد « الداوديةّ » بابتدائية البيضاء وتم رفضها؟
أنا لست على اطلاع على الموضوع، ربما الرفض راجع إلى نقص في المعلومات أو أحد عناصر الشكاية المعروضة. لكن أكرر أنني لست ضد « شخص الداودية، لكن هدفنا هو التأكيد على أن هناك حراكا مجتمعيا يرفض هذا النوع من الإنتاجات، وتوجيه رسالة إلى المبدعين والفنانين مفادها ضرورة احترام تقاليد وخصوصية المجتمع المغربي. اليوم، نشاهد فتيات صغيرات يرقصن ويغنين على كلمات « اعطيني صاكي »، بل الأكثر من ذلك أن الداودية نفسها صرحت بأن ابنتها، التي لا تتجاوز أربع سنوات تردد الأغنية، هذا هو جيل المستقبل نحن مسؤولون على تنشئته بالشكل الصحيح.