«سـوسـيولوجـيـا العـنـف والإرهــاب».. كتـاب يفكـك ظـاهرة تـنـظيم داعـش

10 أبريل 2015 - 16:30

يعرض عالم الاجتماع العراقي، في كتابه الصادر حديثا بعنوان: «سوسيولوجيا العنف والإرهاب»، موضوع الإرهاب وانتشاره في جميع أنحاء العالم، ويبحث خطورته وحساسيته وتعقيده ونتائجه الوخيمة على المجتمع والفرد، وذلك عبر دراسته من الناحيتين السوسيولوجية والسيكولوجية. ويركز على الحركات الأصولية السلفية، وكذلك على جذور الفكر السلفي الجهادي. كما يبحث في أهم الحركات الإسلامية الأصولية المتطرفة، وعلى رأسها حركة الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة وتفرعاته، وخاصة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، إضافة إلى الأصوليات الدينية الأخرى، كاليهودية والمسيحية، وكذلك الحركات الثورية التي خرجت على السلطة في الإسلام كالخوارج والحشّاشين وغيرهما. ويتناول الكاتب أهم النظريات التي عالجت العنف والإرهاب، وفي مقدمتها نظريات العقد الاجتماعي، بدءا من هوبز ولوك، مرورا بماركس وفرويد وابن خلدون، وصولا إلى فوكو وهابرماس. كما يعالج الكتاب سوسيولوجيا العنف والاتجاهات النظرية في تفسيره وعلاقته بالطبيعة البشرية.

ويعتبر الحيدري التحليل الاجتماعي للعنف والإرهاب أكثر قبولا، لأنه يفسرهما بكونهما من الظواهر الاجتماعية الخطيرة التي تشمل جميع المجتمعات، انطلاقا من التنافس على المصالح التي تؤدي بدورها إلى الصراع والتنازع. وإذا لم يحل الصراع بالطرق السلمية والقانونية، فإنه يسبب فعل عنف مادي أو معنوي، ويظهر في شكل الحروب والأعمال الإرهابية والإجرامية والتسلط الفردي والجمعي والاستبداد والظلم والقمع والاعتداء بجميع أشكاله. وبهذا يشكل العنف والإرهاب، حسب قوله، القطيعة الوحيدة الممكنة في سيرورة التقدم الاجتماعي والحضاري.

كما يرى أن العنف عند الإنسان ليس مجرد وسيلة وأداة، فهو يتطلب وجود ظروف وشروط مسبقة وكذلك حوافز وأسباب لممارسته. وإذا كانت الثورة الجينية (الهندسة الوراثية) لم توفر لنا حتى الآن أدلة علمية ثابتة على أن العوامل الوراثية تلعب دورا في تحديد أسباب العنف، بالرغم من الاختلافات بين المجتمعات والشعوب ودرجة ممارستها للعنف، فإن العوامل والظروف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والسياسية تلعب دورا ليس قليلا في دفع الأفراد إلى ممارسة العنف بصورة لا عقلانية. وللعنف أهداف وفي مقدمتها الثروة والقوة والسلطة وأدواتها القمعية وتبريراتها الأيديولوجية. ومعنى ذلك أن الإرهابي يكتسب ثقافة العنف وأدواته من المجتمع التي يفرضها عليه.

من جهة أخرى، يتساءل الكاتب: هل الإرهابي يولد بالضرورة إرهابيا؟ وإذا كان الجواب بالنفي، فلماذا يفجر الإرهابي نفسه بين الناس وهو منتشي من الفرح؟ يقول إن التحليل السوسيولوجي للإرهاب يجيبنا عن السؤال الأول وهو أن الإرهابي لا يولد بالضرورة إرهابيا، وإنما يصبح كذلك بفعل عوامل بيئية واجتماعية وسياسية ودينية مختلفة، ولذلك من الضروري دراسة العوامل والأسباب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعقائدية التي تنتج هذه الظاهرة أو تدفع إليها.

ومن الناحية السوسيولوجية، فالعنف يمثل، حسب رأي الحيدري، عودة الإنسان إلى حالته البدائية الأولى، إذ إن إحدى الخصائص الأساسية التي تميز كل حضارة عن غيرها هي الطريقة التي تستطيع بها تنظيم السلوك العدواني، كطاقة غريزية كامنة وتهذيبه عن طريق توجيهه بصورة عقلانية رشيدة. ومع ذلك، يقول الكاتب إن العنف لا يحدث إلا عندما لا تستجيب المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لمصالح الإنسان، التي يراها حقوقا مشروعة له، وعندما لا يستطيع أن يعبر عن ذاته وآرائه وعقائده بالطريقة التي يراها صحيحة. جدير بالذكر أن إبراهيم الحيدري عالم اجتماع وكاتب من مواليد العراق. صدر له، بالإضافة إلى هذا الكتاب، عناوين أخرى مثل: «تراجيديا كربلاء»، «صورة الشرق في عيون الغرب»، «النظام الأبوي وإشكالية الجنس عند العرب»، «النقد بين الحداثة وما بعد الحداثة».

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي