حاورته وداد الملحاف
في الآونة الأخيرة، أطلق موقع إلكتروني من طرف شبكة أكراو للتنمية المشتركة، وهي شبكة جمعوية مكونة من 33 جمعية منتمية إلى إقليمي الناظور والدريوش، وهي من الجمعيات المعروفة والنشيطة، وتنتمي إلى مجالات اشتغال متنوعة، وذلك في إطار برنامج ترقية حقوق السجناء بالمغرب، المدعم من طرف وزارة الخارجية الهولندية من خلال سفارتها بالرباط، حيث تعتبر تجربة فريدة، من خلال الانفتاح على الفضاء الرقمي، وإطلاع رواد الإنترنيت على موضوع لازال يثير جدلا في الأوساط الحقوقية:
{ ماذا كان منطلقكم عند إطلاق هذه البوابة الإلكترونية؟
< المنطلق هو إحداث جسر للتواصل بين البرنامج والفئات المستهدفة منه، بهدف تيسير متابعتها لأنشطته والتفاعل معها من جهة، ومن جهة أخرى من أجل تقريب هذه الفئات من واقع السجون والتعريف بحقوق السجناء، وذلك باستخدام دعامات متنوعة تسهل عملية التحسيس.
فالبوابة تتضمن فضاء خاصا بالمرجعية القانونية المؤطرة لحقوق السجناء، ما تعلق منها بالشرعية الدولية أو القوانين والأنظمة الوطنية، وكذا فضاء خاصا بالدعامات السمعية البصرية، سواء المتعلقة منها بالتغطية الإعلامية لأنشطة البرنامج، أو البرامج الوثائقية والتحسيسية المرتبطة بالسجناء، وكذلك يتكون الموقع الإلكتروني من فضاء خاص لمتابعة أنشطة البرنامج ووضعية السجون عبر الإعلام المكتوب، إلى جانب فضاء للرأي، وآخر لتوصيات البرنامج، وآخر لاستقبال شهادات حول تجارب سجنية عبر ملء استمارة إلكترونية.
وقد ارتأينا اجتناب الإكثار من التصنيفات والفضاءات حتى يسهل الاستعمال على مرتاديه، ويفي بالغرض المحدد للبرنامج، على عكس ما هو الشأن بالنسبة للبوابات الإخبارية التي تتعد تصنيفات موادها وتكبر معها مساحة صفحتها.
{ كيف هو شكل تعاون السلطات المغربية مع فكرة موقع خاص بالسجناء؟
< لقد قمنا حديثا بإطلاق هذه البوابة الالكترونية، وبالتالي ليست لدينا أية فكرة حول انطباع السلطات، فقط يمكننا أن نسجل التفاعل الإيجابي للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بخصوص مشاركتها في أول ندوة نظمناها في إطار البرنامج تحت عنوان حقوق السجناء: أية وضعية وأية ضمانات، إلى جانب مشاركة النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالناظور، وهي الندوة التي نظمتها الشبكة بشراكة مع هيئة المحامين بالناظور، والكلية متعددة التخصصات بالمدينة وجمعية الريف لحقوق الإنسان.
من جهة أخرى، فإن أخبار السجون وحتى فضائحها وفظاعاتها نجدها منشورة على صفحات جرائد تتلقى دعما ماديا من الدولة، و هناك جمعيات حقوقية تعمل على فضح الانتهاكات التي تقع داخل السجون، وتتلقى بدورها دعما ماليا من الدولة، وأحيانا معنويا، وهو الأهم من خلال منحها صفة المنفعة العامة.
على كل حال، نحن قيد الإعداد رفقة مواقع إلكترونية لمجموعة من الاستجوابات مع مسؤولين لدى مؤسساتهم علاقة بالسجون، وكذا مع حقوقيين وأسر معتقلين أو سجناء، وحتى سجناء سابقين، ونتمنى أن تتفاعل السلطات بشكل إيجابي مع مبادرتنا.
{ ما هي أهداف المشروع؟
< يهدف المشروع كما تم تسطيره من طرف الشبكة، وبتشاور مع شركائها، إلى خلق فضاءات للحوار والتفاعل حول الموضوعات ذات العلاقة بوضعية السجناء وحقوقهم، وكذا رصد حالة السجون ووضعية المعتقلين والسجناء، حيث سيتم الاشتغال على ثلاثة نماذج، وهي السجن المحلي للناظور، والسجن الفلاحي بزايو، والسجن المحلي بالحسيمة، كما نستهدف تقوية قدرات النشطاء الجمعويين وموظفي قطاع الصحة العمومية في مجال حقوق الإنسان، والحقوق المرتبطة بالسجناء، وذلك على مستوى ثلاثة أقاليم وهي الناظور والدريوش والحسيمة، وكذلك خلق أرضية جمعوية على المستوى الوطني عبر لقاءات بمدن مختلفة تهدف إلى الترافع من أجل تحسين وضعية السجناء وترقية حقوقهم، وأخيرا يهدف البرنامج إلى تحسيس الرأي العام بخصوص وضعية السجناء وحقوقهم كما سلف ذكره.
وهذه كلها أهداف خاصة تأتي ضمن الهدف العام الذي هو ترقية حقوق السجناء، من خلال الاشتغال على جيل جديد من الحقوق التي يجب على السجناء التمتع بها بالمغرب.
{ كيف سيكون الاشتغال على الموضوع ليشمل كل المؤسسات السجنية بالمغرب؟
< سيتم الاشتغال على المستوى الوطني من خلال نشاطين رئيسيين، أولهما، البوابة الإلكترونية الموجهة للمتتبعين للموضوع على المستوى الوطني، وثانيهما، من خلال عقد موائد مستديرة وندوات عبر مجموعة من المدن مثل وجدة والرباط وفاس والحسيمة، إلى جانب الناظور حيث يتمركز العمل.
وعبر ذلك، سيتم التعاطي مع حالات السجون على المستوى الوطني، وبالتالي التفاعل معها وفق ما هو متاح لنا من خلال البرنامج، وكذا من خلال ما يتوفر لشركائنا الحاليين والجدد.
{ ما هي التجارب الأجنبية التي استلهمتم منها هذا المشروع؟
< تم تقديم المشروع لسفارة هولندا بالرباط في فبراير 2014، وجاء في إطار التفاعل مع المتغيرات والنقاشات الجارية في مجموعة من دول العالم، بخصوص ترقية حقوق السجناء وتمتيعهم بها، وكذا من خلال مقارنات مع دول تنتمي للمجال المغاربي أو الشرق الأوسط، من ذلك ما يتعلق بالحياة اليومية داخل السجن، كالأكل والشرب واللباس والاستحمام وغير ذلك، أو من خلال ما يرتبط بالحريات العامة، من قبيل التصويت في الانتخابات والاستفتاءات، وغير ذلك.
{ ما هي توقعاتكم فيما يخص نجاح أو فشل المشروع؟
< لحد الآن، جميع الأنشطة التي تم تسطيرها تسير بشكل جيد، وأحيانا أفضل من المتوقع، وذلك راجع ربما لتعطش الفئات التي نستهدفها من تلك الأنشطة، حيث إنه نادرا ما يتم التعاطي مع موضوع السجون من طرف الجمعيات، إذا ما استثنينا مجموعة قليلة من الجمعيات الحقوقية. ومن ثم، فإن للموضوع جاذبيته الخاصة التي تسعف في إنجاح التعاطي معه، وبالنسبة لنا فقد نفذنا جل أنشطة المرحلة الأولى من البرنامج، وسننتهي منها مع متم شهر ماي، لننطلق في مرحلة ثانية وبعدها الأخيرة.
ويمكن للمتتبعين تقييم مدى نجاح التنفيذ من خلال متابعة البوابة الإلكترونية للبرنامج، لأنها توفر تغطية مفصلة لجميع الأنشطة المنجزة كتابة وبالصوت والصورة.
{ هل أنتم راضون على وضع السجناء بالمغرب؟
< أكيد أن وضعية السجون غير مرضية، والأكثر من ذلك أن مندوبية السجون نفسها غير راضية، بدليل تصريحات مسؤوليها أنفسهم، ولهذا ارتأينا الاشتغال على موضوع السجون، لنساهم ما أمكن في تحسين الوضع. لدينا نشاط هام متمثل في رصد وضعية ثلاثة سجون، من خلال استجماع شهادات لسجناء سابقين وحاليين و لأسرهم، وسنتصل بالمؤسسات المعنية لأخذ رأيها إذا ما قبلت بذلك، وفي نهاية البرنامج سنقوم بإصداره وإطلاع الرأي العام على فحواه، ومن خلاله سنقدم تقييمنا بناء على رصد دقيق وليس مجرد انطباعات.
* مدير برنامج ترقية حقوق السجناء بالمغرب