تزامنا مع اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، أصدرت شبكة تنمية القراءة في المغرب عريضة موجهة إلى عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، مطالبة إياه بفتح وتأهيل المكتبات المدرسية. إذ بررت الشبكة إصدار هذه العريضة، بحسب ما يكشف نصها، أن المغرب يعيش أزمة قراءة تهدد كيانه الحضاري. كما أكدت أن الأمر يتعلق بـ»أزمة بنيوية عميقة وتاريخية، إذ لم يشهد المغرب في أي مرحلة من مراحل تطوره اهتماما بالقراءة أو ترسيخا لتقاليدها، كما لم تجعلها السياسات المتبعة أولوية في استراتيجيتها، ولا هدفا من أهدافها أو مكونا من مكونات التنمية البشرية المستدامة، الشيء الذي أدى إلى شبه انعدام القراءة لدى عامة المواطنين».
في هذا الإطار، صرحت رشيدة الروقي، رئيسة الشبكة، أن الجميع يتوافق على أن من بين أسباب أزمة القراءة هو فشل المنظومة التعليمية في تحبيب الكتاب للمتمدرس، وعدم اعتبار المكتبة فضاء حيويا في المؤسسات التعليمية، مما أدى إلى إهمالها، بل وإغلاقها. وأشارت إلى أن شبكة القراءة بالمغرب تعتبر أن القراءة وسيلة أساسية للتعلم وللنمو الذاتي والمجتمعي، موضحة أن الشبكة قررت أن ترفع عريضة إلى رئيس الحكومة لمطالبته فيها بفتح المكتبات المدرسية وتأهيلها.
وطالبت الشبكة، من خلال عريضتها الحكومة، وكذا المؤسسات المعنية بمجالات القراءة والتعلم أن تعمل على وضع سياسة متكاملة وطموحة للنهوض بالقراءة وجعلها أولوية في عمليات التنمية البشرية والمجتمعية، وفتح المكتبات بكل المؤسسات التعليمية وتزويدها بكتب تلبي حاجيات القراءة عند جميع المستويات التعليمية، كما طالبت رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران على إعادة تأهيل المكتبات المدرسية الموجودة من حيث البنيات التحتية والكتب والموارد البشرية، مؤكدة على أن توظيف أطر مؤهلة بالتكوين والتكوين المستمر في مجال المكتبات والتنشيط القرائي والثقافي بات ضرورة ملحة.
من جهة أخرى، شدّدت الشبكة على ضرورة تضمين المناهج والبرامج حصصا فصلية للقراءة وإدماجها في عناصر تقويم العملية التعليمية، وحث المؤسسات على خلق نوادي القراءة وتشجيعها وتوفير الدعم المالي اللازم للقيام بأنشطتها المحفزة على القراءة. كما دعت الوزارة المعنية إلى تنظيم يوم وطني رسمي للقراءة في جميع المؤسسات التعليمية بمشاركة الفاعلين التربويين والجمعويين، على أن تؤخذ بعين الاعتبار ضرورة الاهتمام بالثقافة المغربية في غناها وتنوعها.
واعتبرت الشبكة انتشار المعرفة شرطا ضروريا لدخول المغرب إلى عالم الحداثة والتقدم، موضح أنه لابد من ترسيخ أسس كفيلة بانتشار ثقافة القراءة والتمكين من الولوج إليها.
هذا، وسلطت الشبكة الضوء على واقع المكتبات المدرسية، معتبرة أن أغلب المؤسسات تفتقد إلى مكتبة. كما أشارت إلى أنه حتى في حالة وجودها، فهي تبقى مكتبة مُعطلة، حيث تظل دائما مغلقة في وجوه التلاميذ. كما كشفت أن بعض المكتبات المدرسية تحولت إلى مخازن لأرشيف الكتب المدرسية غير المستعملة، أو إلى قاعات الاجتماعات أو مربد للمتلاشيات من العتاد المدرسي أو أماكن للصلاة. وأوضحت أن أطرها غير مؤهلة لأداء أدوارها.
من جهتها، اعتبرت الفاعلة الجمعوية فاطمة الزهراء المرابط، عضو الراصد الوطني للنشر والكتاب، أن واقع الكتاب في المغرب يحتاج إلى دراسات عميقة، وإلى تضافر جهود مختلف القطاعات ذات الصلة ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بالأمر، من أجل إيجاد حلول وبدائل لإشكالية الكتاب. في هذا الصدد، أشارت إلى أن جمعية الراصد، التي ترأستها لمدة من الزمن، تسعى إلى طرح إشكالية القراءة بالمغرب، وتحاول معرفة عوائقها ورهاناتها، ودور الإعلام في خدمة الكتاب، وتقصي مشكلات التوزيع والترويج الإعلامي، وواقع النشر بالمغرب، إلخ.
من جانب آخر، اعتبرت المرابط، صاحبة المجموعة القصصية «ماذا تحكي أيها البحر…؟» أن الاحتفاء باليوم العالمي للكتاب ينبغي أن يكون ممارسة يومية تتمثل في القراءة ومواكبة الإصدارات الجديدة إعلاميا والتشجيع على الاهتمام به. إذ أوضحت أن هذا اليوم صار مناسبة كغيرها من المناسبات العالمية الأخرى. وكشف أن الراصد سيحتفي بهذا اليوم من خلال تنظيم ندوة في موضوع: «جودة المنتوج الأدبي ورهانات القراءة»، وذلك بهدف صياغة مشروع متكامل، يعكس رؤية مختلف الفعاليات والأطراف المسؤولة عن إنتاج الكتاب وإيصاله للقارئ، والتفكير في وسائل جديدة لتشجيع النشر والقراءة، وكذا التطلع لإنتاج كتاب مغربي يتوفر على معايير الجودة من حيث المحتوى والصناعة والتوزيع.
من جهة أخرى، اختارت المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، أكبر المؤسسات العمومية المسؤولة عن الكتاب، أن تحتفي باليوم العالمي بطريقتها الخاصة. إذ كشف إبراهيم إغلان، رئيس قسم الأنشطة الثقافية والتواصل بالمؤسسة، أن المكتبة ستنظم معرضا يضم الإصدارات الإبداعية المبكرة في تاريخ المغرب، وهي بعدد خمسين عنوانا تقريبا. كما ستحتضن محاضرة يلقيها الباحث محمد القباج في موضوع «تاريخ الطب العربي بمنظور الفلسفة العلمية، بشراكة مع الجمعية المغربية للمعرفة التاريخية، فضلا عن مجموعة من الزيارات الميدانية التي تستقبلها المؤسسة طيلة ثلاثة أيام بغية التعريف بالرصيد الوثائقي في المكتبة وإذكاء الفضول المعرفي وحب الكتاب لدى تلاميذ المؤسسات الزائرة.
تجدر الإشارة هنا إلى أن الجمعية البيضاوية للكتبيين، التي تنظم معرض ساحة السراغنة للكتاب المستعمل حاليا، أعلنت عن مبادرة تقضي بتوزيع نحو خمسمائة عنوان متنوع، بجميع اللغات المتاحة، لفائدة تلاميذ بعض المدارس الموجودة في بعض المناطق النائية. كما أعلنت أنها ستنظم بعض الأنشطة الثقافية الموازية للمعرض، تعريفا بالكتاب وأهميته وفائدته بالنسبة إلى المتلقي.