لديهم " بوديموس" ولدينا "بوكاديوس" !

03 مايو 2015 - 22:52

ضحكت كثيرا حينما تذكرت ما قاله لي أحد الأصدقاء قبل أيام حين شبه حزبا جديدا ظهر في اسبانيا يسمى » بوديموس » بحزب جديد ظهر هنا بالمغرب اسمه « حزب الديموقراطيين الجدد »، بوديموس  تعني بالعربية  » قادرون » كان في البدء عبارة عن حركة تناهض الفساد السياسي والاقتصادي في اسبانيا وتحولت فيما بعد إلى حزب سياسي مطلع 2014 والذي يتزعمه دكتور في العلوم السياسية اسمه: « بابلو اغليسياس » الحزب يعتبر حزبا إصلاحيا.

في الحقيقة هناك قاسم مشترك ووحيد بين الحزبين فقط في وظيفة الرئيس المؤسس لهما،  فكلاهما يدرّسان في الجامعة  لشعبة السياسية، لكن أوجه الاختلاف كثيرة جدا من بينها أن الحزب الاسباني بعد أشهر قليلة من تأسيسه جمع أكثر من مائتي ألف عضو وبعد مرور عشرة أشهر من تأسيسه أصبح الحزب الأول في اسبانيا وفقا مجموعة من  استطلاعات الرأي أنجزت في اسبانيا.

لكن الحزب المغربي بعد أربعة أشهر تقريبا من ولادته القيصرية كانت مدة كافية للحكم عليه بفشل ذريع، فكيف لحزب يأمل المغاربة في المساهمة في تحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية وإعطائهم على الأقل فسحة أمل في منتوج سياسي مختلف تماما عن سابقيه وينسينا في فشل باقي الأحزاب التي تنشط البطولة السياسية الوطنية، أن يأتي لنا  بديموقراطية قيل عندها جديدة  تختلف عن  تلك القديمة بالأبيض و الأسود  لكن تبين أنها هي الأخرى  بشاشة مسطحة ثلاثية الغباء.

المولود الجديد سيشهد صراعا داخليا لتكتب حوله العشرات من المقالات والأعمدة في الصحافة تتحدث عن ولادة تيار تصحيحي داخله، رغم أن البعض من المحسوبين عليه يحاولون تضليل الرأي العام على أنه حزب نجح في تجاوز مرحلة البناء بل أنهم استحدثوا بدعة في الديموقراطية ما سمعنا بها من قبل تقول : أن مرحلة بناء هياكل الحزب و المنظمات الموازية له لا تستدعي منهجية ديموقراطية ومقاربة تشاركية، وأن الوحيد المخول له الحسم في مشروعية الهيئات هو الزعيم المنظر للديموقراطية  والذي رُوجت له صور على الفايسبوك على أنه سينقذ المغرب و سيغيره من خلال ما ينشر مريديه.

لقب « حزب بوكاديوس » أطلقته تشبيها للتسمية التي تطلق على أكلة سريعة التي يتناولها معظم المغاربة، هي عبارة عن سندويتش، يسد الجوع  على وجه السرعة  لأن ما وقع فعلا بعد تأسيس الحزب المذكور هو أن بعض المنتمين إليه ظهرت لديهم نيات في جعله مؤسسة ذات « الربح السريع » على حساب مجهود قام به مجموعة من المؤسسين كالتعبئة للمشروع والذين سُحبت ملفات تأسيسهم دون علمهم فقط لأنهم اختلفوا في الرأي مع الزعيم  » الرّيس »  في مجموعة من المناسبات وألصقت بهم ألقاب من قبيل البلطجية والمأجورين والمرتزقة وأعداء الوطن  مع العلم أن جلهم حاصلون على تكوينات و شواهد عليا ويتمتعون بسير ذاتية حسنة، وأسسوا لمبادرات خلاقة حبا لهذا الوطن قبل تأسيس الحزب بسنوات مضت ونالوا حصة كبيرة من السب و الشتم  وألصقت بهم أحقر النعوت  حيث أصبحت كل تصريحات رئيس الحزب  للصحافة تتحدث  فقط عن واقعة الحي المحمدي وعن تكوين عصابة إجرامية وهو يعرف جيدا أن ما وقع يومها  كان بشكل سلمي حضاري لم تستعمل فيه لا سكانين وسيوف ولا ماء نار و لا ضرب و جرح و لم تسل دماء ولم تكسر نوافذ عكس ما صرح به سعيا إلى تكوين صورة الشطيان حول من نددوا بالمهزلة التي اقترفها هو و من معه من ذبح للديموقراطية دون احترام الحاضرين على الأقل بوضع معزل و صندوق انتخاب لإعطاء الانطباع على أنه توجد هناك ديموقراطية عوض فرض أسماء مكونة لمكتب التنسيقية نزلت من سماء بمباركته.. وأيضا دون احترام مسيرة النضال للحي المحمدي الذي يعتبر فيه   » سلالة من العمة للخالة  » والجميع يعرف أن المشكل لا يمكن فيما وقع حينها عند تأسيس تلك التنسيقية بل هو مشكل غياب قواعد الديموقراطية ككل داخل الحزب.

التجربة التي تقوم على مشروع واضح المعالم جريء يستمد قوته من مرجعيته من القيم الإنسانية  والديمقراطية القابلة للتطبيق وليس التنظير، لا يجب أن نستغرب لها إذا احتلت هذه التجربة الريادة و تجمّع حولها الجميع، في المقابل لا يجب كذلك أن نستغرب إذا لم تكتمل تجربة بُنيت على منطق الشيخ والمريد بعيدا عن المنهجية الديموقراطية و احترام حق الاختلاف في الرأي و التحكيم و التوافق، إلى حد كتابة هذه الأسطر حزب بوديموس متفوق شكلا ومضمونا في انتظار أن يثبت  « أصدقائنا الجدد » عكس ذلك!

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي