لا تمثل رواية «بيضة العقر»، التي أصدرها الروائي المغربي في الآونة الأخيرة ضمن «منشورات ديهيا» المغربية، مجرد حكاية شخوص روائية على ورق، حتى وإن بدا أن الأمر كذلك. هي بالأحرى تجربة في الحياة والسياسة والحب. أبطالها رفاق شباب التقوا، ذات تاريخ، ضمن مسار مشترك عمدته الرغبة في تحقيق أحلام واسعة خلال سبعينيات القرن الماضي. إذ الغاية من هذه الرواية وصف ما جرى من احتجاجات ومطالب شعبية تروم إرساء الديمقراطية ودولة الحق والقانون.
تخاطب هذه الرواية، التي تحمل عنوانا فرعيا هو «وضمنه بعض مما جاء في مذكرة النحيلي الخاصة بصدد هذا النص وعلى هامشه»، بالأساس تيار من اليسار المغربي هو «حركة 23 مارس المغربية» التي شكلت أحد الروافد الرئيسة لما سُمي باليسار الجديد (الماركسي- اللينيني) المغربي خلال مرحلة السبعينيات من القرن العشرين. إذ ترصد الرواية انتقال هذه الحركة إلى العمل القانوني الشرعي سنة 1983 تحت اسم «منظمة العمل الديمقراطي الشعبي»، بعد عودة قيادتها من المنفى في سياق انفراج سياسي نسبي، وبعد فترة طويلة من العمل السري تميزت باعتقال ونفي العديد من أطرها ومناضليها.
لا تنقل الحكاية الوقائع بأدق تفاصيلها، كما حصلت تماما في فترة مفصلية من تاريخ المغرب الراهن؛ أي أواخر سبعينيات القرن العشرين. وهي لا تؤرخ لهذه الوقائع، ولا تدعي ذلك بتاتا. كما أنها لا تزعم، وهي تعرض لحيوات شخوصها الروائية، أنها لم تستخدم بعضا من أدوات الجراحة والتشريح لوصف ما حدث في تاريخ المغرب خلال هذه المرحلة. وفي كل الأحوال، لا يريد الكاتب لقارئه أن يخرج الرواية عن إطار التخييل. وهو يقدم هذا هذا التنبيه، بل يجعله ضروريا كي لا يجري تحميل الحكاية ما لا تستطيع تحمله، وما يتجاوزها بكثير. بل يسعى إلى إقناعه بأنها مجرد سرد تخييلي، أو تخييل سردي، حتى وإن قام معماره على وقائع جرت. ورغم أن الهجابي يؤكد أن هذا العمل هو تخييلي، إلا أنه يتوقف عند أحداث تاريخية ترد بوضوح في وصفه الروائي، منها على سبيل المثال أحداث 1965، والاعتقالات خلال السبعينيات، وإضرابات سنة 1979، وأحداث «كوميرا» في يونيو 1981. كما يورد أسماء مختلف الفاعلين في تلك الأحداث دون توريتها. نقرأ على سبيل المثال من فصلها التاسع عشر ما يلي: «يناير 1979، كان الشارع المغربي يغلي بفعل الغلاء والتضييق على الحريات. وكانت الجامعة، إلى ذلك، تشهد مظاهرات بسبب استضافة الملك لشاه إيران المخلوع في 22 من الشهر عينه، أي بعد يومين فقط من ذكرى منع أ.و.ط.م.»
جدير بالذكر أن محمد الهجابي أصدر حتى الآن أربع روايات: «بوح القصبة» (2004)، و»زمان كأهله» (2004)، و»موت الفوات» (2005)، و»إناث الدار» (2011)، بالإضافة إلى ثلاث مجموعات قصصية.