"يوميات غوانتانامو".. سيرة موريتاني تكشف فظاعات التعذيب الأمريكي

24 مايو 2015 - 00:20

 

حدث لم يسبق له مثيل في عالم النشر على صعيد السجون العالمية المعروفة. إذ للمرة الأولى، يكتب سجين يومياته، وهو لا يزال رهن الاعتقال في غوانتانامو. يتعلق الأمر بالمهندس الموريتاني محمد ولد صلاحي، الذي اعتقلته موريتانيا سنة 2002، نزولا عند طلب أمريكي، وأودع أشهر السجون في العالم في الوقت الحالي.
ومنذ تلك اللحظة وحتى اليوم، مازال محمد ولد صلاحي يقضي أيامه سجينا في المعسكر الاحتجازي في خليج غوانتانامو بكوبا، دون أن توجه إليه الولايات المتحدة أية تهمة من التهم طوال هذه السنوات. ورغم أن قاض من المحكمة الفيدرالية أصدر قرارا يقضي بإطلاق سراحه في مارس 2010، ولكن الحكومة الأمريكية عارضت قراره ذاك، ولا توجد الآن أية إشارات في الأفق تدل على أن الولايات المتحدة لديها نية لإطلاق سراحه.
غير أن ولد صلاحي، انطلق، منذ سنته الثالثة في السجن، في كتابة يومياته، واصفا فيها حياته قبل مغادرته بيته، في 28 نونبر عام 2001، واختفائه في سجن أمريكي، ومن ثم «رحلته اللانهائية حول العالم» سجنا وتحقيقا، وأخيرا حياته اليومية كسجين في غوانتانامو. إذ لا تعتبر يومياته مجرد سجل حي لإخفاق العدالة، بل وذكريات شخصية رهيبة تتسم بالعمق والسخرية السوداء واللطف المدهش.
يعتبر كتاب «يوميات غوانتانامو»، الذي ترجم إلى أكثر من 23 لغة من بينها الترجمة العربية التي صدرت قبل أيام عن دار الساقي، وثيقة تاريخية مهمة، فضلا عن كونه نصا أدبيا آسرا. فمن أقوى العبارات وأكثرها تأثيرا في نفس القارئ، حينما يكشف صلاحي قائلا: «لقد أجبروني على شرب الماء المالح»، مضيفا: «كنت على وشك أن أفقد عقلي». وفي وصفه لحصص التعذيب، يكشف أن «فريق التعذيب كان يرتكب جرائم في منتهى الإتقان»، مشيرا إلى أن «الجريمة شيء تعيد الحكومة تعريفه كلما رغبت في ذلك». وفي هذه الاعترافات، لا يتوانى صلاحي في القول: «شخصيا، كلفت دافعي الضرائب مليون دولار»، في سخرية لاذعة من الحكومة الأمريكية وطريقة تدبيرها للأموال العمومية.
وقد أثار هذا الكتاب، بعيد صدروه باللغة الإنجليزية، مجموعة من الردود والتعليقات، حيث قال أحد مراسلي برنامج «60 دقيقة»، الذي تبثه قناة «سي بي إس نيوز» الأمريكية، إن الكتاب يمثل «وثيقة لا تصدق؛ قصة من الجحيم». كما قال عنه غلين غرينوولد، مؤلف «لا مكان للاختباء: إدوارد سنودن، وكالة الأمن القومي، ودولة المراقبة في الولايات المتحدة»: «كل من يقرأ يوميات غوانتانامو– وهذا ما يجب أن يفعله الآن كل أمريكي يمتلك ذرة ضمير – سينتابه الخجل والرعب». في حين، وصفه أنطوني روميرو، المدير التنفيذي لاتحاد الحريات المدنية الأمريكية، بأنه «قصة مزعجة ومثيرة للقلق، حاولت حكومة الولايات المتحدة إخفاءها لسنوات. محنة محمد ولد صلاحي تهز الضمير بلا شك».
يشار إلى أن محمد ولد صلاحي ولد في مدينة موريتانية صغيرة عام 1970. حصل على منحة دراسية في كلية بألمانيا. تخرج منها وعمل هناك مهندسا لعدة سنوات. عاد إلى بلده موريتانيا عام 2000. وفي العام التالي من عودته، اعتقلته السلطات الموريتانية بطلب من الولايات المتحدة وسلمته إلى الأردن سجينا، ومن هناك تم تسليمه إلى القاعدة الجوية الأمريكية في باغرام بأفغانستان. وفي 5 غشت 2005 نقل إلى سجن الولايات المتحدة في خليج غوانتانامو بكوبا، حيث تعرض إلى تعذيب شديد. وفي عام 2010، أصدر قاض من المحكمة الفيدرالية قرارا يقضي بإطلاق سراحه فورا، ولكن الحكومة الأمريكية استأنفت ذاك القرار. لم توجه إليه الحكومة الأمريكية أية تهمة بارتكاب جريمة. مازال رهن الاعتقال في غوانتانامو إلى اليوم.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

عودة محاكم التفتيش منذ 9 سنوات

و تأتي الولايات الأمريكية لتعطي دروسا في حقوق الإنسان للمغرب في صحرائه و هو سبقها في حقوق الناس ألف سنة قبل أن تخرج إلى الوجود بعد أن أبادت ملايين من الهنود الحمر سكان أمريكا بالحديد و النار و نشر الأوبئة المرضية بينهم... تأتي الداعرات لتظاهر الخائنات و الخائنين بزعم حقوق الإنسان و هي التي أبادت عشرات الآلاف بالنووي في اليابان و بتسميم الآبار في الفيتنام... إسألوا التاريخ عن أئمة الإرهاب و أصله إسئلوا قساوستهم عن إرهاب محاكم التفتيش في أندلسا

التالي