بينما كان السِّي سيّد بَطَل ثُلاثِيةِ نجيب محفوظُ يُراقص خليلته مخمورا، قال له صاحبه: ـ اسَمع: ابنك كمال عبد الجواد يقول: « إن أَصل الإنسان قرد ». انسلت المرأة من أحضانه وعقّبت: « لو رأى وَالِدَهُ في هذا الوضع لنَسَبَهُ إلى فصيلة الحَمِير »، فعَلاَ وَابِلٌ من الضحك!!
لم تُخطِئ الغانية فلو عاش عالم نظرية النشوء والارْتقاء « داروين » بيننا لقلبَ نظريته رأسا على عقب، ولاقتنع أن الإنسان عندنا يتطور إلى الحيوان نحو الغرائز والنَّقائص والنزوات. هو لا يريدها أن تبقى مستترة خَفية عن العيان، بل يسعى جاهدا كي يجاهر بها. ومن أدرانا فقد يأتي علينا حين من الوقت يُباح فيه زنا المحارم بعد أن تَفتّق الذهن على إباحة زواج المثليين والمثليات!!
لن يفتقد داروين الحجة لِقلبِ نظريته، فنحن نتمثل بالحيوانات ونقتدي بها في معظم مناحي سلوكنا، فَنَعْتَبِرُ الماكر منّا ثعلبا، والرَّافِس بغلاً، والوَفِّي كَلْبا، والمقلد قردا، والجميلة غزالا، واللاهي صَرَّارًا، والكابح نملا، والبليد حمارًا.
ولأننا لا نفقه في لغة الحيوانات، ولا في نظراتها إلينا، ولا نعرف بالضبط ما تقوله عنَّا وتراه فينا، نحْرِصُ على تشبيه سلوكنا بِهَا كمثل أعلى !!
وكأني أحدس بالحيوانات وهي تحملق فينا كلّما زرناها بحديقتها، أو صادفناها في طريقنا مُعْجَبَةً فاَغِرَة أفواها في ما تراه يفوق ما نتمثل به نحن بِسُلوكِها !!
تَرانا القِرَدةُ ـ وهي تعرف واقعنا ـ نَحْمِل هواتفا لم نَصْنَعْهَا، ونركب سيارات اكتفينا بتركيب أجزائها، ونرتدي ما لم نُحِكْهُ بأيدينا، فتقول لبعضها البعض مُعَيَّرةً: أنتم تقلدون الحركات والأوضاع مثل الإنسان.
وتُقَلِّلُ البغال من خطورة رفسها لمَّا ترانًا نرفس بدون هَوادَةِ، فنطيح بالثوابت والأفكار، ونقتل الطبيعة، وَنَأْتِي على الأشجار، ونَئِدُ الطيور، فتقول لمن يبالغ مِنْهَا في الرفس، إنك مثل الإنسان في ما تقوم به!!
وعندما يرى الصرار منصة موازين منصوبة منذ أشهر تنتظر ببالغ الشوق ليالي الأفراح، وترقص أمامه الشاشات الفِضِّيَّةٌ بالمهرجانات والسهرات، لا يَجِدُ في سلوكه اللاهي عبثا، أفليس في ما يراه مثلا أعلى للعَرْبَدَةِ والهَذَيَانِ !!
وفي الطرف المقابل تلتمس أسراب النمل الأعذار لِبَنِي جنسها لمّا ترى مسيرات المعطلين والمسخرين تملأ الميدان، فَتَقُولُ متمثلة: نَحن كادحون مثل بني الإنسان !!
ولم تعد الطبيعة حمراء بين الناب والمخلب، فقد أضرم الإنسان الحروب في كل مكان، واشعل الفِتن وطَوَّرَ السلاح، واسْتَدان لشرائه العاجزون، فقالت الضواري لبعضها البعض: نحن وحوش كالإنسان !!
على أن هناك حقبة غامضة في حياة الحيوان، قد نَكُونُ جاهلين بها، فهي لم تتطور كي تكشف عن غرائزها عَلَنًا، وتمارس حياتها الطبيعة أمام الملأ دون حياء فجأة، وَدُفْعَة وَاحدة. ومن يدري: فلربما كان لها لباس نزعته عن جسدها مع مرور الحقب، ويبدو أن الإنسان عندنا بدوره يَسِيرُ في الاتجاه نفسه، فهو لا يريد أن تَتدخّلَ النظم والقوانين في كبح غرائزه، يريد أن يجامع علنًا، ويُقبِّل علنًا، وَيَتَحرَّش علنًا، وله المرجعية الكونية في ذلك، فهو يتشبه بالحيوان في البلادة والذكاء، في المكر والخداع، وفي الخفة والجمال، فلِمَ لا يتمثل به في العُرْي وقضاء الاحتياجات الخاصة علنًا. إذْ لن يخرج عن ناموس الحياة، فهو إن كان من باب المداراة يستحضر الاتفاقيات الدولية والقيم الكونية لِتمْرِيرِ هذا النمط من السلوك، فإنه في أعماقه يريد أن يَصِير حيوانًا !!
في الفيلم العربي » أَفْواه وأرانب » ترتمي الفنانة إيناس الدّغيدي في أحضان الفنان محمود ياسين عَلَنَا وأمام مرأى الخادمة الفنانة فاتن حمامة بِنّيِة إِغَاضَتِهَا، فتقول فاتن حمامة مُسْتَنْكِرة هذا السلوك:
ـ « مَا النَّذَالةُ تربية! »
صدقت فاتن حمامة: « النّذالة تربية، سُلُوك وَتَمَارِين »!
شريط الأخبار
تجميد عضوية مستشار في « البيجيدي » بعد تصويته على صفقة مثيرة للجدل
الروخ يشرع في تصوير حلقات السلسلة البوليسية « BAG »
رجل يقتل ابنه في الدار البيضاء في جريمة مروعة
البطولة.. مباراة حسنية أكادير ونهضة الزمامرة بدون جماهير لدواعي أمنية
دخول « مليكة » عالم التمثيل بعد شهرتها في « قسمة ونصيب » يثير الجدل
« الناس لملاح » يعيد قصص عودة اليهود المغاربة إلى الأضواء
احتجاجات في محكمة تمارة بسبب « بلوكاج » القانون الأساسي
البطولة: مباراة اتحاد تواركة والوداد البيضاوي بدون مشجعين
مهدي نجمي يسجل عودته الفنية بـ »المتنبي »
مصرع شاب غرقًا في منتجع أسكا قرب سد بين الويدان