توفيق بوعشرين : لا تتباهى بفراخك قبل أن يفقس بيضك 

15 أكتوبر 2015 - 21:45

وضع المسلسل الانتخابي الطويل نقطة نهايته بانتخاب مرشح البام، حكيم بنشماس، رئيسا لمجلس المستشارين (وفي رواية أخرى «الشاشارين» هكذا ينطقها بعض أعيان المجلس).. لنبدأ هذا الحديث الجدي ببعض الهزل الواقعي، أي بالمشاهد الفكاهية التي جرت يوم الثلاثاء الماضي تحت القبة المزخرفة للمجلس «الموقر».

أول هذه المشاهد هو مشهد مستشارة محترمة من البام انتُخبت «ديمقراطيا» لتمثلنا في غرفة للتشريع ولمراقبة الحكومة عجزت عن كتابة اسم مرشحها المفضل بنشماس (الله غالب هذه مهمة معقدة لا قبل لها بها).

المشهد الثاني، الأب عبو، الذي ترأس الجلسة الأولى باعتباره الأكبر سنا بعد اعتذار الشكايل، بقي يتفرج على خلاف قانوني نشب في الربع ساعة الأولى لفرز الأصوات، حيث وجدت لجنة الفرز اسم بنشماس مسبوقا بالأستاذ، وهي حيلة معروفة لخرق سرية التصويت، وتأكد المرشحين من تصويت المشكوك في ولائهم، حيث يعطونهم كلمات مفتاح (code) لوضعها مع الاسم لإثبات الولاء. الأب عبو بقي يتابع الجدل وكأنه أمام التلفزة وليس رئيس الجلسة حتى جاء «مخزني» بجلباب أبيض، وظيفته جلب كؤوس الماء للمتحدثين وتنظيم الدخول والخروج من المجلس، وأفتى لممثلَ الأمة بالحل في أذنه. قال له: «احتسب هذا الصوت، واللي عندو مشكل يمشي إلى المجلس الدستوري»، وهكذا وجد الشاوش الحل الذي لم يجده رئيس الجلسة المحترم.. كثر الله من أمثال هذا المخزني الذكي!
لكن المشهد الأكثر سريالية هو التبرير الذي ساقه امحند العنصر، الذي عاصر ثلاثة ملوك، واشتغل مع ملكين، وتنقل في وزارات كثيرة، من البريد إلى الفلاحة إلى الصيد البحري إلى الداخلية إلى التعمير ثم الرياضة، ثم أصبح رئيسا للجهة دون نسيان وزارة الدولة بدون حقيبة.. هذا الوزير المعمر قال لهذه الجريدة، في تفسير تصويت حزبه، الذي يوجد في الحكومة، لصالح مرشح البام الذي يتموقع في المعارضة بعدما رفض التصويت لمرشح الأغلبية (أوعمو).. قال نظرية جديدة في النظم السياسية المعاصرة يجب أن تدرس في الجامعات الإنجليزية التي تفتخر بأنها أم النظام البرلماني.. قال: «لما رأت الحركة الشعبية (شعبية نيت) أن الحكومة تسير مجلس النواب، قلنا لا مانع من إعطاء رئاسة الغرفة الثانية للمعارضة». هذا الكرم الحركي أبدع نظرية جديدة في العمل البرلماني مفادها أن الأغلبية عندما تسيطر على الغرفة الأولى تعطي المعارضة الغرفة الثانية لتعطل التشريع وتضعف الحكومة! على العنصر أن يؤلف كتابا في هذه النظرية ويرسله إلى هولاند وأوباما وميركل وديفيد كامرون…
لنخرج من الكوميديا الواقعية إلى السياسة المتخيلة… فوز حكيم بنشماس بأصوات البام والحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري وحركة عرشان وأصوات الباطرونا وحزبين يطلق عليهما الإصلاح والعهد.. الفوز بأصوات هؤلاء معناه أن الشرعية التي يبحث عنها الجرار مازالت بعيدة، وأنه في ساعة الجد والمنافسة المفتوحة، كما وقع مع عبد الصمد قيوح، لا يجد إلى جانبه سوى أحزاب الإدارة القديمة والجديدة، وهذه الأحزاب حتى وإن كانت في الحكومة فإن قلبها يخفق مع المعارضة، وهذا كله يَصُب في مصلحة العدالة والتنمية لو تتفكرون، لأن الناس لا يفهمون تنكر الحركة والأحرار لحليفهما في الحكومة سوى أنه خوف من حزب التحكم، واستهداف لبنكيران، وإخلال بمنطق التحالفات، وقد رأينا بالعين المجردة نتيجة هذه السياسة في 2009 وفي 2011 وفي 2015، وسنراها بشكل أوضح في 2016. من جهة أخرى، إن فوز عبد الصمد قيوح بأصوات الاستقلال والعدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية والاتحاد المغربي للشغل والاتحاد العام للشغل والاتحاد الوطني للشغل يدل على أن جبهة المعارضة في خبر كان، وأن الاستقلال والاتحاد خرجا ضمنيا من من المعارضة ومن تحالفهما مع البام، وهما يقتربان من إعادة التصالح مع العدالة والتنمية، والخروج من الحلف الذي كان يهدف إلى عزل بنكيران وبنعبد الله مع أحزاب الإدارة في الحكومة، وإبعاد الحزبين التاريخيين، الاستقلال والاتحاد، ووضعهما تحت وصاية البام في المعارضة تحت شعار «معارضة الحكومة وموالاة الحكم»… هذه النظرية سقطت يوم الثلاثاء الماضي، وفارق صوت واحد الذي فاز به البام على الاستقلال قد يكلفه غاليا غدا، فيبدو أن شهية الجرار المفتوحة ستوقعه في مزيد من العزلة عن باقي الأحزاب الأخرى، وستجعل العدالة والتنمية أكثر راديكالية إزاءه في المستقبل، وقد يقود كل هذا إلى تشكل بوادر كتلة تاريخية كان المرحوم الجابري ينظر لها بين الأحزاب الصاعدة من رحم المجتمع لمقاومة الاستبداد والفساد والأحزاب المصنوعة في مختبر الإدارة، لهذا لا يجب على البام أن يفرح كثيرا برئاسة غرفة ليست كباقي الغرف… فالمثل الروسي يقول: «لا تتباهى بفراخك قبل أن يفقس بيضك».

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Krimou El Ouajdi منذ 7 سنوات

Je suis parfaitement d'accord avec ce que vous avez relaté. On dirait que vous étiez entrain de lire ma pensée. J'espère que le peuple aura suffisamment d'énergie pour poursuivre le processus de très prêt. Ainsi, nous arrivons à placer chacun des intervenants à sa place. La pièce théâtrale nécessite plus de sérieux et d'indulgence pour que les choses aillent dans le bon sens sinon les opportunistes vont continuer à nous faire danser la danse qu'ils veulent sans fin.

saih منذ 7 سنوات

(إن بنكيران و رهطه يستفيدون من أجور عالية و امتيازات كبيرة ) حتى لا تغضب يا اخي سنطلب من بن كيران التنازل عن راتبه . ومن بوعشرين ان ينتقد pjd ماتبقى غير على خاطرك ....hhhhhhh

charif منذ 7 سنوات

الكتلة اليوم مطلوبة اكثر من اي وقت مضى وشرطها الانسجام والثقة وهذا لابد من استبعاد شباط ولشكر لان بقاءهما يجعل الشرطين في خبر كان ولا يمهد لا لكتلة الجابري ولا لكتلة المغاربة المنشودة

moroco منذ 7 سنوات

لي تعليق بسيط ألا يتساءل بن شماس عن هذا الفشل الذريع’؟؟ كيف له أن يرضى بهكذا ذل وهو التقدمي الحداثي اليساري ؟؟؟أم تراه كان يكذب على نفسه في مغربنا العزيز نلاحظ أن الفاشل يتبوء منصبا (واعر) الباكوري فشل في المحمدية فنصبوه رئيس جهة البيضاء سطات، وهاهو بن شماس يفشل في يعقوب المنصور وهم يقدمون له مجلس المستشارين والسي بن كيران لا يتقن إلا الحديث عن رجال التعليم الذين لا يشاركونه هم الإصلاح وهو الذي لم يستطع إصلاح حتى مجاله السياسي وهو المسؤول الفعلي عن تنزيل القوانين الانتخابية عجب عجب عجب هذا المغرب إنه أجمل بلد في العالم

Objectif منذ 7 سنوات

Qui parle? C Bou3chrine . Si la vérité a une seule face Mr l'éditeur a cent.

امين منذ 7 سنوات

لقد حاولت الظهور بمظهر المحايد، لكنك متحيز اشد التحيز و استدلالاتك ليست منطقية لا رياضيا و لا عقلانيا. حاول ان تلزم الحياد كي يكون لانتقاداتك معنى.

محمد منذ 7 سنوات

إلى السيد المدير المحترم أقدر المجهودات التي تبذلها لتحليل الأمور ..و لكن أستغرب كيف تقفز دوما عن انتقاد حزب العدالة و التنمية و تحالفاته الهجينة..فهل حلال عليه أن يتحالف مع الحركة الشعبية و الأحرار...في حين ذلك حرام على الأصالة و المعاصرة ..ألا تتذكر بما كان بنكيران يصف به مزوار قبل التحالف معه و في الأخير منح وزارة الخارجية دون أن يرف لبنكيران جفن..و كان ذلك أسوأ دعاية للمغرب..إذ كيف يقبل أن تسند وزارة مثل الخارجية إلى من كان يوصف من طرف بنفيران بأنه ناهب للمال العام ..ثم ما الذي يميز حزب العدالة و التنمية عن باقي الأحزاب الممثلة في البرلمان ..لا شيئ ..كلهم في سلة واحدة..و كلهم يتنافسون في من سيحظى برضى المخزن .. يبدو السيد المحترم أنك تثق في ما يقوله البيجيدي عن نفسه أكثر من اللزوم و تصدق خرافات نظافة أيدي أعضائه و عضواته و كأن باقي الأحزاب جميع عضواتها و أعضائها فاسدون.. إن بنكيران و رهطه يستفيدون من أجور عالية و امتيازات كبيرة لم يكونوا يحلمون بها لولا أنهم فطنوا إلى استغلال الدين لخدمة أغراضهم و هم الذين كانوا للأمس القريب يصارعون من أجل أجر زهيد فمسك المخزن عليهم بالنعم الوفيرة ..عدا بعض الأعضاء النزهاء كالرميد و العثماني.. تأمل السيد المدير كيف أن بنكيران بمناسبة أو بدونها يصرح بأنه لن ينازع الملك ( و كأنه سيقدر على ذلك لو أراد و الحال أنه لن ينازع حتى الدجاجة حين يصل المعقول )علما أن لا أحد يطلب منه ذلك ..و بهذا الصدد يمثل بنكيران أسوأ و أخنع ( من الخنوع ) وزير أول / رئيس حكومة عرفه المغرب عبر تاريخه علما أنه يحظى بصلاحيات دستورية لم تكن من قبل..و لكن ما الذي ننتظره من شخص لا يتقن إلا التهريج و الإضحاك الباسل المصطنع ..و تكشير الأنياب و إظهار حنة يده فقط عندما يتعلق الأمر بالحرية و الديمقراطية و الحقوق الإقتصادية.. أرجو أن تتقبل السيد المدير هذه الملاحظات و تجاوز الكيل بمكيالين ليصبح كل ما يقوم به البجيدي حلال و ما يقوم به الآخرون حرام..مع تحياتي

مغربي منذ 7 سنوات

حقيقة لم أستسغ استمرار الحزب الجديد لمنظومة التحكم العميقة في ترأسه للغرفة الثانية التي أنشئت لتلعب دورا محددا و معلوما. إلا أن فارق الصوت الوحيد الذي ميز بين المتنافسين في هذه الغرفة بالذات أسعدني كثيرا، فهذا يدل على بداية الهزيمة لهذه المنظومة والتي لا تعيش إلا بالانتصارات الكاسحة. يبقى علينا نحن المواطنين أن نلتقط الإشارة ونستوعبها ونستكمل طريقنا في فرض ديموقراطية حقيقية تعكس فعلا إرادة الشعب، فالمشوار لم يكتمل بعد ولازلنا لم نأمن على انتقالنا الديموقراطي من النكوص؛ وقد تبين لنا من هي الأحزاب الوطنية التي لها قاعدة شعبية حقيقية ومن هي الأحزاب التي لها قاعدة غير حقيقية وإنما اشترتها بالمال ومن هي الأحزاب التي تحترم مبادئها ومن لا تعرف للمبادئ والعهود معنى. كنت أظن أن pjd ما هو إلا ورقة لعبها المخزن لتحترق بعد حين فإذا بي أكتشف أن الورقة التي لعبت هي حزب استقلال شباط وتم حرقها عند أول اصطدام بين PI و PAM. أتمنى أن يعي شباط الدرس ويسلم دفة الاستقلال لشخص توافقي حتى يستطيعوا التحالف مع pjd و pss ليقطعوا الطريق على التحكم أولا، ويتخلصوا من المتحكم فيهم ثانيا.

ع المصلوحي منذ 7 سنوات

يقول المثل المغربي الحي (اتبع الكذاب حتى باب الدار وعاد سولو

omar منذ 7 سنوات

مابني على باطل فهو باطل،نهاية البام قريبة

مهتم منذ 7 سنوات

يقول البعض أن الذي حصل هو انفجار كل من الأغلبية والمعارضة . هذا صحيح وغير صحيح . صحيح بالنسبة للذين اعتقدوا أن الأحزاب سيدة نفسها وأن التحالفات التي تمت بعد 2011 هي مواقف مستقلة اتخذتها الأحزاب بكل حرية. وغير صحيح بل هو أمر متوقع بالنسبة للذين يعرفون حقيقة الأحزاب المتهافتة على السلطة و التي لا تملك زمام نفسها بل تموقعت بعد انتخابات 2011 حسب ما هو مهموس لها به . و ها هي اليوم بعد اربع سنوات تعود إلى طبيعتها و موقغها الطبيعي لتمارس من جديد ما سيهمس لها به في الأيام القادمة.

Melhaoui / Liège منذ 7 سنوات

لا فُضَّ فوكَ و لا قلمُك إن شاء الله

ع المصلوحي منذ 7 سنوات

يقول المثل المغربي الحي ( اتبع الكذاب حتى باب الدار وعاد اسولو ) والفاهم يفهم

medanir منذ 7 سنوات

الطماع كيقضي عليه الكذاب يبدو أن حزب البام وجد آذانا صاغية لمقولة إن عمر الحكومة لم يتبقى منه أقل من سنة إذا فلا داعي للإلتزام بالتحالف الحكومي رغم أن نقض العهود ليس من شيم الرجال.ونحن (البام) سنفوز بالإنتخابات المقبلة وسنتحالف معكم إن صوتم لنا هذه بتلك وبما أن الطمع كيعمي تنازل حزب الأ...رار وحزب الحركة ال...عبية عن الأخلاق السياسية وطعنو حلفائهم من الخلف و فقدو ثقة الأصدقاء والأعداء لأن من خان مرة سيخون مرات