أثار انتشار « فيديو » احتفال أستاذة، تعمل في إحدى المدارس الخاصة في السعودية، بطلاقها قبل شهر، جدلا واسعا في مختلف ارجاء العالم العربي.
الـ »فيديو » أظهر الفرحة الكبيرة، التي عاشتها الزوجة بعد طلاقها، وتجلى ذلك من خلال إعدادها لمائدة ضمت مشروبات وكعكة صممتها إحدى محلات إعداد الحلويات للمناسبات. ويظهر في الكعكة منظر زوج ممدد على بطنه مادا يديه إلى الزوجة، التي ترتدي فستان الفرح جالسة « رِجْل على رِجْل »، شامخة في دلالة رمزية على أنها تخلصت من « الرق والعبودية »، وأصبحت حرة باحتفالها بالطلاق.
ولم يكن السعوديون حينها يعلمون أن المنظر سيتطور ويصبح عادة تلجأ إليها النساء اللائي يقدمن على الطلاق، حيث أشارت عدة مصادر إعلامية سعودية إلى أن مطابع أصبحت بدورها تعد بطاقات الدعوة إلى حفل زواج، وأخرى « لحفلات طلاق »، التي أصبحت تكلف العائلات مبالغ مالية لإحيائها بالطرب، والزينة، والهدايا الخاصة بالحضور. وتدل هذه المظاهر على أن الطلاق خرج عن المألوف، خصوصا أن المجتمعات تسعى جاهدة إلى محاربة حالات الطلاق عبر محاكمها الشرعية والجمعيات الخيرية.
وفي تصريح لحسن سفر، عضو المجمع الفقهي الدولي، وأستاذ السياسة الشرعية ونظم الحكم في جامعة الملك عبدالعزيز، لصحيفة الحياة، فإن الظاهرة تترجم الإحساس بـ«التحرر» من العلاقة المقدسة «الزواج» عبر الحفلات، وتصاميم «الكعك» التي تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أعطت انطباعاً سلبياً عن هذه العلاقة لدى «المقبلين على الزواج»، والتي ستولد رد فعل وتخوف من الإقبال على «الزواج»، معتبراً أنها «سنة اجتماعية غير حميدة».
وشدد سفر على أن حفلات الطلاق «أمر مبتدع في الإسلام»، على خلاف ما أوصى به الشرع من الالتزام بالحقوق بين الطرفين بعد الطلاق، والذي تعذر فيه العشرة بينهما، مستشهداً بقوله تعالى: «ولا تنسوا الفضل بينكم». ووصف «حفلات الطلاق» بـ«العمل المشين الذي لا يتفق مع قيم الإسلام ومبادئه وأصول الحياة الزوجية، ومخل بقواعد وآداب وسلوكيات الزواج»، مضيفاً: «هذه الحفلات لا تليق في مقام من ينتمي إلى الإسلام عقيدة وشريعة ونظاما».
وقال عضو المجمع الفقهي الدولي : «وإن كان الزوج أساء إلى الزوجة، فعليها أن تحمد الله وتشكره على أن تفارق كل منهما قبل أن تمتد الحياة بهما، أما أن يأتوا بولائم وحفلات فهذا أمر مرفوض»، متسائلاً عن تغيب دور أولياء الأمور والأقربين في النصح والتوجيه حول قيام بناتهم بمثل هذه الحفلات، والتي تستوجب الإرشاد والإشارة إلى وجود صلة رحم بعد الفرقة من خلال الأبناء أو العلاقات الأسرية.
[youtube id= »jQWCO1BmN5Q »]
وطالب عضو المجمع الفقهي الدولي في نهاية حديثه هيأة كبار العلماء بإصدار «بيان «من مفتي المملكة حول انتشار هذه الظاهرة، يتضمن وعظاً وإرشاداً وإيضاح حكم هذه الحفلات»، قائلاً: «لا بد من أن يكون هناك توجيه من المفتي العام في المملكة حول هذه المسألة، وأن تبين هيأة كبار العلماء الرأي الشرعي للمجتمع، حول هذا الموضوع».
وغير بعيد عن ثقافة شبه الجزيرة العربية ، فإن أسرا مغربية صحراوية تحتفل بالطلاق ايضا، وفي تقرير بثته قناة العربية عام 2013، انتقل فريق القناة إلى منزل إحدى الأسر بالداخلة حيث اجتمع أفرادها في جو بهيج، كانت فيه موسيقي وأفراد عائلة الزوجة المطلقة، التي قدمت شهادتها عن الظاهرة.
وقالت عن هذه الظاهرة إنها بداية حياة جديدة لها، بعد أن استحال العيش مع زوجها السابق الذي تجمعها به أسرار ستحافظ عليها مهما كلفها الأمر لكون ذلك من شيم سكان المنطقة، مضيفة أن المرأة المطلقة تكون لديها خبرة في الحياة ويمكنها الزواج مرة ثانية وثالثة، ولايضرها ذلك في سمعتها، بل يزيدها احتراما، وأضافت أن الرجل الصحراوي هو الوحيد الذي يعرف قيمة المرأة، ويسمح للمطلقة بالاحتفال بهذه المناسبة التي تعتبر في مناطق أخرى وصمة عار وحادثا مشؤوما.
ويعتبر الاحتفال بالطلاق من العادات القديمة في المجتمع الصحراوي، حيث تخصص عائلة المطلقة خيمة من أحسن الخيام لإحياء الحفل، ويتم تجهيز المطلقة بأبهى الحلل والملابس الجديدة، وتؤدي الرقص على دقة الانغام الحسانية، ويمكن للمرأة الصحراوية أن تتزوج عدة مرات قد تصل إلى خمسة أزواج، حتى أن بعض الأمثلة الصحراوية ترسخت في الموورث الثقافي والمخيال الشعبي للمنطقة تشير إلى أن المرأة التي لم تتزوج أكثر من مرة فهي » لم تعش حياتها « ، إضافة إلى أن الزوج المتقدم للزواج من المطلقة لايحق له أن يسأل عن أسباب الطلاق.
[youtube id= »ZESB-nVhItA »]