عالم واحد

19 نوفمبر 2015 - 23:43

بعد 20 عاما، سنتساءل كيف استغرقنا في فرنسا العقدين الأولين من الألفية الثالثة، كل هذا الوقت، لنستوعب أن توحيد عالم يخلو من دولة الحق والقانون لم يكن ليفضي سوى إلى تعميم الفوضى.
والأدهى أن الفوضى كانت في هذه السنوات بارزة أكثر فأكثر، فقد أخذت مكانها بيننا بشكل صاخب ولا رجعة فيه وعلى الصعيد العالمي: فوضى اقتصادية، واجتماعية، وبيئية، وسياسية، وعسكرية، وإيديولوجية. وأكثر من أي وقت مضى، لم يعد للحلول الذاتية أي معنى: هل يمكن أن تدعي فرنسا الانخراط وحيدة في هذه المعركة؟
ومادمنا لم نخلق الشروط الكفيلة بقيام تحالف بين كل قوى الخير، على الصعيد العالمي، ضد قوى الشر، فإن الاضطرابات ستتضخم، وستتكاثر في شوارعنا أسوأ مظاهر العنف التي سيكون أغلب مقترفيها من ضحايا الفوضى الإيديولوجية وليس الفوضى الاقتصادية.
في التاريخ، هناك ألف تعريف وتعريف للخير والشر. فاليوم الشر هو الإرهاب مهما كان مصدره. في مواجهته، يجب منح تعريف متواضع للخير يجمع كل أولئك الذين يعارضون الشر، حتى وإن كانت لدينا الكثير من المؤاخذات على بعض البلدان التي تعتبر حلفاء لنا في هذه المعركة.
ولجمع قوى الخير، يتعين علينا الإسراع في اعتماد عدد من المبادئ البسيطة التي تأخرنا كثيرا في تطبيقها بسبب العجز أو السذاجة أو الجهل أو الجبن أو المماطلة.
1 – يجب أولا الإقلاع عن معارضة روسيا، وإيران وكذا سوريا، حتى وإن كنا لا نوافق على الكثير من سلوكات هذه البلدان، فهذه الدول حلفاء موضوعيين لنا في النزاع الدائر ضد الإرهاب.
2 – بعد ذلك، يتعين توحيد قوى كل الأمم في هذه المعركة المشتركة، وإهمال أي شعور بالعار أو ذلك الإحساس المزعج بعدم الخجل على حد سواء: لولا ستالين، لما تمكن فرانكلين دلانو روزفلت وونستون تشرتشل من كسب الحرب ضد هتلر. وبالتالي يجب إعادة إطلاق حلف شمال الأطلسي (ناتو): فلنغير طبيعته وتنظميه حتى يكون بمقدوره استيعاب كل أعداء أعدائنا، وحتى يتمكن أعضاؤه وحلفاؤه سويا من مواجهة التهديدات الجديدة. كما أن أوروبا باتت تحتاج، أكثر من أي وقت مضى، إلى ذراع مسلحة.
3 – أخيرا، يجب بالخصوص الوعي بأن هذه المعركة لا يمكن ربحها بالاعتماد على المحترفين الأمنيين فقط، وإن كانوا ضروريين، بل يتعين تعبئة كل شرائح الشعب للدفاع عن قيمه. ولكن قبل هذا، يفترض أولا تلقينها في المدرسة، ووجود الرغبة في الدفاع عنها، والتدريب على ذلك في الخدمة العسكرية بعد إعادة العمل بها، وكل هذا في جو من التعبئة المواطنة الدائمة، وفي إطار دفاع مدني معمم، وبالخصوص في ظل تطبيق خطاب واضح ومنسجم، يشرح ما نؤمن به، وما يؤمن به الشباب، الضحايا الأكبر للهجمات (التي ضربت باريس). فليس معقولا أن يكون الرئيس الأمريكي، القائد الوحيد الذي ذكرنا، ساعة فقط بعد الكارثة، بشعارنا الملهم «حرية.. مساواة.. إخاء».
انطلاقا من اليوم، سنعقد العزم أخيرا على إعادة النظر في كل شيء على ضوء هذه المعركة، فهي ستوجه الباقي، وستقود إلى إعادة التفكير- وكان يتعين علينا القيام بهذا منذ زمان- في ميزانيات الدفاع والشرطة والتعليم والصحة، كما ستؤثر هذه المعركة على الانتخابات الجهوية المقبلة، ويفترض أنها ستعيد هيكلة برامج المرشحين للانتخابات الرئاسية لسنة 2017. ويفترض، خصوصا، أن تحدد سياستنا الخارجية وسياستنا الأوروبية.
وهذا أمر مستعجل جدا، فالوقت يداهمنا.
كاتب فرنسي
ترجمة مبارك مرابط
عن «ليسكبريس»

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التالي