من حق المغرب أن يُعبر بشدة عن رفضه لما صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارته الأخيرة للمنطقة. فالحكمة تقول أن مهمته كمسؤول أممي، وقائد لنشاط المنظمة الدولية، ومعبر عن طموحات الدول الأعضاء تشترط منه التحلي بالحياد، والموضوعية، والنزاهة، وأن يكون جامعا وموحدا لا مفرقاً. بل إن ميثاق الأمم المتحدة والقوانين ذات العلاقة تنص على هذه الخصال، و تقتضي ضرورة احترامها في الممارسة.. لهذه الحيثيات نكون ملزمين كشعب ودولة ليس بالامتعاظ مما صدر، واستعمال الكلمات الدبلوماسية للتعبير عن غضبنا فحسب، بل التنديد بشدة بما حصل، والعمل دون هوادة من أجل إيصال موقف المغرب الرسمي والشعبي حُيال هذا السلوك غير المتناغم مع مسؤوليات الأمين العام للأمم المتحدة.
لا أظن، في حدود معرفتي، ان حدث واستعملت المنظمة الدولية في مختلف أدبياتها كلمة ” احتلال “، سواء تعلق الأمر بقرارات الجمعية العامة أو مجلس الأمن، كما لا أعرف أن كان هناك وسيط أممي أو مسؤول خاص بنزاع الصحراءالمغربية تخاطب بهذه الألفاظ، واعتمدها في تصريحاته.. لسبب بسيط افتراض واجب الحياد وعدم الإنحياز من قبل المنظمة الدولية في الملفات الخلافية التي لم تجد بعد طريقها إلى التسوية. وغير خاف عن أمين عام ـ تمرس في المسؤولية الدبلوماسية لأربعين سنة ( 1975)، كممثل لبلده وكمعبر عن الدول الأعضاء قاطبةـ أن التمثيل والوساطة يقتضيان أولا وأساساً الحياد والتجرد حُيال الأطراف المتنازعة، أو القضايا موضوع الخلاف. ولعل أبجديات العمل الدبلوماسي من هذا النوع تقول أن شرط نجاح الوساطة ومفتاح تحقيقها لأهدافها، والحالة هنا النزاع الدائم حول الصحراء المغربية، يقتضيان من الأمين العام للأمم المتحدة البقاء على مسافة بعيدة من الأطراف وعدم الانحياز لأحد على حساب الآخر، تحت أي ظرف، و بإسم أي اعتبار.
نلمس في كل ما تداولته وسائل الإعلام بمختلف أنواعها، بخصوص ما بدر من الأمين العام الأممي خلال جولته الأخيرة، ما يؤكد وجود انحياز واضح، وميل ثابت لأطراف على حساب المغرب، وخرق للقوانين الدولية وأعرافها، واستهتار بالممارسات المتراكمة في التعاطي مع ملف الصحراء المغربية منذ أكثر من أربعين سنة.فعلاوة على استعمال كلمة ” احتلال” ، التي ليست في الواقع مجرد زلة لسان، رفع شارة النصر بيده، وتجنبه إثارة الحديث عن واقع حقوق الإنسان في مخيمات تندوف، والفساد المستشري في صرف المعونات الإنسانية المقدمة للأسرى المغاربة في هذه المخيمات.. ناهيك عن لغة المحاباة والتزلف المستعملة في قاموس جولته.
وماذا بعد؟، فقد قال الأمين العام للأمم المتحدة ما قال، وعاد إلى موطن عمله.. فماذا يجب على بلدنا أن يقول و يفعل؟. هل نتوقف عند حدود البلاغات والتصريحات الصادرة من هنا وهناك، أم نتجاوز ذلك إلى أفعال سياسية ودبلوماسية ذات مفعول عميق على مسار قضيتنا الوطنية؟.
لاشك أن الأمر يتطلب منا أكثر من البلاغات والتصريحات المغلفة بلغة دبلومسية على أهميتها. فواقع ما يجري يوقظنا بأن المطلوب فعله أكثر مما نقوله ونتوقف عند فعله، وهذا في حقيقة الأمر مما يدخل في مسؤوليات صناع القرار في بلادنا، سواء الذين خول لهم الدستور صلاحية العمل الدبلوماسي، أو الذين المتمتعون واقعيا بسلطة التأثير في صناعة القرار. ثم إن دائرة التأثير المطلوب قد تتوسع لتشمل الدبلوماسيات الموازية التي من المفترض أن تمارسها مؤسسات وهيئات وجمعيات أخرى، كالبرلمان، وجمعيات المجتمع المدني ، والأحزاب السياسية.
لقد أبانت التجربة، بما لا يترك مجالا للشك، أنه يمكن أن يكون لما يسمى الدبلوماسية الموازية أدواراً هامة في الدفاع عن القضية الوطنية، كما يمكن أن تكون منعدمة التأثير. لذلك، ليس مطلوباً أن نجيش الناس، ونكثر من الوفود، ونخلق ضجيجاً بدون نتائج عملية.. نحتاج إلى وضوح في الرؤية، وفي اختيار الوسائل ليكون دفاعنا ناجعاً ومثمراً.. ونحتاج إلى أشخاص يتميزون بحس الدفاع، وكفاءة الإجتهاد الخلاق من أجل المرافعة ، وحرية المبادرة في الذهاب بعيدا في عملية الدفاع عن القضية الوطنية.
شريط الأخبار
لقاءات رمضان: الناصري يكشف سبب تخليه عن “البوي” وموعد عرض فيلمه السينمائي الجديد “نايضة”
أخنوش يختار مرشحه للانتخابات الجزئية البرلمانية ببني ملال
الاتحاد الدولي للملاكمة يقصي الجزائرية إيمان خليف من خوض نهائي بطولة العالم
الوداد البيضاوي من دون حارسه الأساسي رضا التكناوتي في أبرز المباريات
اختتام فعاليات الدورة الثالثة للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان بالأرجنتين
السفياني يوجه رسالة إلى الأسرى في سجون إسرائيل
توظيف مالي لمبلغ 500 مليون درهم من فائض الخزينة
بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع
“فلوجة” مسلسل تلفزيوني رمضاني يثير جدلا واسعا في تونس
إيقاف لص في مولاي رشيد بالدار البيضاء كان يستخدم مفاتيح مزورة لنهب المحلات
