وجه عدد من الخبراء والمهنيين انتقادات لاذعة لمضامين مشروع قانون الصحافة والنشر الذي أعده وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي.
جاء ذلك، خلال ندوة احتضنها المقر المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان مساء أمس الجمعة 18 مارس.
وقال محمد مدني، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية ، بجامعة محمد الخامس بالرباط إن مشروع القانون الذي أتى به وزير الاتصال، مصطفى الخلفي غامض في عديد من أحكامه وضعيف الصياغة و يتضمن قيودا واسعة على حرية الصحافة، كما ويحيل على قوانين أخرى كالقانون الجنائي، وإعطائه سلطات غير محددة للقضاة في توقيع العقوبات والغرامات .
[related_post]
وأوضح مدني أن المرجعية الدولية مرجعية مغيبة في مشروع هذا القانون، ولا تحضر إلا للتأثيث، مبرزا أنه ” تفاجأ بكلام وزير الاتصال عن المرجعية الوطنية، أو ما أسماها بـ “المرجعية الوطنية المنفتحة على التجارب الدولية”.
من جهته، قال الطيب لزرق، محام بهيئة المحامين بالرباط، إن مقتضى تحديد مدة زمنية لتقديم الصحافي لحججه من أجل إثبات براءته يجب أن يلغى، متسائلا “ما معنى أن أدلي بجميع حججي قبل بداية المحاكمة، هذا معناه أنني أضع جميع أسلحتي رهن إشارة النيابة العامة والطرف الذي يتابعني”.
وأبرز الطيب لزرق أن السؤال الذي ينبغي طرحه هو “هل يتضمن مشروع قانون الصحافة والنشر الجديد مقتضى صريح بكون قانون الصحافة هو القانون الوحيد الذي يحاكم به الصحافي، ويمنع اللجوء إلى القانون الجنائي”، مشيرا إلى أن القانون الوحيد الذي يجب أن يحاكم به الصحافي هو قانون الصحافة، موضحا أنه في النماذج المقارنة حين يتعارض نص عام مع نص خاص، يجب تغليب النص الخاص، الذي هو في صالح الصحافي.
واعتبر المتحدث أن الهدف من العقوبات ضد الصحافيين في المغرب ليس هو جبر ضرر الضحايا وإنما عقاب الصحافي واستهدافه.
من جهته، قال توفيق بوعشرين مدير نشر جريدة أخبار اليوم إن وزير الاتصال مصطفى الخلفي رفض إدخال عنصر حسن النية، وترك الباب مفتوحا لتقدير القضاة للحكم على الصحافيين بغرامات خيالية، مضيفا أن المشروع لم يكن خاليا من العقوبات الحبسية، في حالة “المس بالثوابت”، وهو ما يطرح إشكالية كبيرة لأن القاضي القاضي سيحكم بالسجن عمليا إذا عرضت عليه قضية تتعلق بالمس بالملك”.
واعتبر بوعشرين أن القانون يجب أن يحمي المجتمع من الانزلاقات التي قد تقع، لكن يجب إحداث توازن، أي أن يكون القضاء مستقلا ومتخصصا، مبرزا أن هناك مشكل في استقلالية القضاء، كما أن غياب التخصص يطرح مشكلة كبيرة، فالقاضي يمكن أن يحكم في جرائم الفساد، وفي المساء يحكم في قضايا الصحافة، وهو لا يعرف الصحافة ودورها ووظيفتها ولا الاجتهادات والأدبيات الخاصة بمجالها ، وهو يميل إلى الوقوف ضد الصحافي.
من جهة أخرى، أوضح بوعشرين أن هناك رقابة ذاتية مخيفة ورهيبة لدى الصحافيين، لأن القضاء قد يلعب أداة من أدوات الحد من حرية التعبير، مبرزا أن تعددية الصحف لا تعبر عن وجود تعددية حقيقية، فوسائل الاعلام الرسمية أدوات للتحكم وليست أدوات إعلام، مبرزا أن المطلوب هو تحرير عقل الصحافي الذي أصبح مكبلا بسبب الخوف من السلطة ومن الإعلانات.
واعتبر الكاتب الصحافي أن المجال ما زال مفتوحا لإدخال مزيد من التعديلات، لأن المشروع لا يهم الصحافيين فقط بل المجتمع ككل.