القِمّة المغربية الخليجية

21 أبريل 2016 - 10:54

انطلقت يوم الأربعاء 20 أبريل 2016 القمّةُ المغربيةُ الخليجيةُ الأولى، بحضور شخصي للعاهل المغربي محمد السادس إلى جانب قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربي، وقد تزامنت مع القمة الخليجية الأمريكية التي يحضرها الرئيس  » باراك أوباما ». أما أبعادُها، فيُنتظر أن تنكبَّ على معالجة القضايا الراهنة في المنطقة العربية، أي الملفات الإقليمية الساخنة، ومُقاربة الاهتمامات الاقتصادية المشتركة بين المغرب والدول الخليجية، لاسيما في مجالات الاستثمار، والتبادل التجاري، وأشكال الدعم المالي المُقدم للمغرب.
لاشك أن القضايا السياسية حاضرة بقوة في القمة المغربية الخليجية، سواء تعلق الأمر بمحاربة الإرهاب في كل من العراق وسوريا، والعالم عموماً، أو ما يخص القضية اليمنية والتمدّد الشيعي الإيراني. غير أن للجانب الاقتصادي مكانته في جدول أعمال هذه القمة، بل المطلوب أن تكون له حظوة لا تقل أهمية عن الملفات الساخنة في المنطقة العربية. فالمغرب في حاجة ماسة لتقوية أوضاعه الاقتصادية، وتنويع مصادر استثماره الخارجي، كما أنه في ضرورة قصوى لاستقطاب رؤوس الأموال لدعم حركية اقتصاده الوطني وتقوية إنتاجه.
ولئن تراجعت القدرات المالية لدول مجلس التعاون الخليجي بسبب انخفاض عائدات النفط خلال السنتين الأخيرتين، فإن الإحصائيات المتوفرة تشير إلى تزايد معدلات التبادل بين المغرب ودول هذا الفضاء، وإن بدرجات مختلفة. فعلى سبيل المثال، بلغ حجم التبادلات التجارية بين المغرب ودول المجلس سنة 2014 ما مقداره 6،28 مليار درهم، أي ثلاثة مليارات دولار، وهو ما يمثل 9،4 في المائة من إجمالي مبادلاته التجارية الخارجية، نظير 6،3 في المائة عام 2000. وعلى صعيد الواردات من دول مجلس التعاون الخليجي، فقد بلغت 8،26 مليار درهم، أي ما يساوي 7،2 مليار دولار خلال 2014، وهو ما مثل 9،6 في المائة من حجم إجمالي واردات المغرب، نظير 3،5 في المائة سنة 2000. يُذكر أن معدلات التبادل بين المغرب والدول الخليجية ليست على مستوى واحد، بل تعرف تبايناً من دولة إلى أخرى. فالمملكة العربية السعودية ، على سبيل المثال، تمثل المستورِد الأول للصادرات المغربية، بحوالي 920 مليون درهم، أي بقرابة مائة مليون دولار تليها في الدرجة الثانية الإمارات العربية المتحدة، وباقي الدول تباعاً.
يُنتظر من القمة المغربية الخليجية أن يحظى الملف الاقتصادي خلال تداول أطرافها بقدر كبير من الأهمية، وأن يقع تعميق الحوار حول الفرص المتاحة في المغرب لانسياب رؤوس الأموال وتعاظم مجالات الاستثمار. فغير خاف على الفاعلين الاقتصاديين والتجاريين مناخ الاستقرار الذي يعيشه المغرب، والتعديلات الجوهرية والعميقة التي طالت قوانينه الاستثمارية والتجارية، والمشروع الكبير والشامل لإصلاح منظومة القضاء وسير العدالة، وهي في عمومها من المفاتيح اللازمة لتحفيز المستثمرين الخليجيين، واقناعهم بالافرص التي يُتيحها المغرب أمامهم. لهذه الاعتبارات مجتمعة سيكون حرياً بالدبلوماسية المغربية أن تركز على ما يتيح المغرب من إمكانيات حقيقية مربحة للمستثمرين من دول الخليج، عوض الاقتصار على الهبات والمنح المقدمة للمعرب على أهميتها، والتي وصلت عام 2014 نحو أربعة مليارات دولار. ولصناع القرار المغاربة أن يُدعموا حججهم بتحسن مكانة المغرب في تقارير ممارسة أنشطة الأعمال الصادرة عن البنك الدولي، التي صُنفت المغرب خلال تقريرها الأخير لعام 2016 في الدرجة 75 من أصل 188 دولة حول العالم.
يأمل الكثيرون أن تُسفر القمة المغربية الخليجية الأولى على نتائج ملموسة وهامة، لاسيما في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار. كما تُراهن جهات عديدة على أن يُعطي الحضور الملكي دفعة قوية في اتجاه تحفيز صناع القرار في دول مجلس التعاون الخليجي، وأصحاب رؤوس الأموال على الانتباه إلى الفرص التي تُتيحها بيئة الاقتصاد والاستثمار في المغرب، ويتفاعلوا معها إيجابياً. ودون شك ، ستزيد الزيارة الملكية لدول خليجية أخرى علاوة على المملكة العربية السعودية من تعظيم فرص التوجه إلى المغرب والاهتمام أكثر بالفرص المتاحة فيه.. إن المغرب في حاجة إلى الخروج من سياسة الهبات والمنح، إلى سياسة الاستثمار، وبناء المشاريع المهيكِلة الكبرى، والشراكات المراكِمة للانجازات التي يحتاجها الاقتصاد المغربي أكثر من أي وقت مضى.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي