هل يفعلها بنكيران؟

25 أبريل 2016 - 12:02

ثمة تفاعلات تجري للتأثير في مستقبل الاستحقاق الانتخابي، ليس للمواطن مؤشرات مطردة تعينه على فهمها واستشراف مآلها؟ فقط، يرى فترة هدوء تطول بين العدالة والتنمية و »البام »، ليفاجأ باشتعال الجبهة بقوة غير مسبوقة يعبر عنها في الإعلام بلغة عسكرية (قصف، توجيه المدفعية).
لكن، مع عدم إداركه للمؤشرات، فإنه يفهم، أو على الأقل يتساءل عن سبب اتجاه القوانين لتخفيض العتبة، مع الحاجة إلى تعميق المسار الديمقراطي، كما يتساءل عن سبب تعمق الاحتقان الاجتماعي مع قرب أي استحقاق انتخابي؟
وتظهر المفارقة بشكل أكبر حين يأتي استطلاع رأي يجدد ثقة الشعب في رئيس الحكومة بـ 44.5 في المائة، في الوقت الذي يبلغ فيه الاحتقان الاجتماعي مستوى مع ملف الأساتذة المتدربين الذي اعتبر أنه سيكون قاصمة ظهر شعبية رئيس الحكومة.
لا يهمني الوقوف كثيرا عند نتائج هذا الاستطلاع، فهو ذاته يعمق هذا التوتر، إذ في الوقت الذي يعزز الثقة في رئيس الحكومة، يخلق حالة من التطبيع مع معطيين غريبين: ترسيخ تطور شعبية إلياس العماري (17 في المائة)، وتطور شعبية المعارضة (ارتفاع الثقة في المعارضة من 13 في المائة في استطلاعات سابقة إلى نحو 34 في المائة)، دون أن نتحدث عن شعبية رئيس الحكومة في العالم القروي!
المؤشرات المؤثرة على مستقبل الاستحقاق الانتخابي تجري اليوم، على ثلاثة مستويات: اجتماعي، انتخابي وسياسي.
في المستوى الاجتماعي: أمامنا واقعتان: الأساتذة المتدربون، والحوار الاجتماعي.
وفي المستوى الانتخابي: لدينا العتبة والإطار القانوني للتحالفات.
وفي المستوى السياسي: لدينا واقع التحالفات ومستقبلها.
في الملف الاجتماعي، خرج الجميع من الاتفاق الذي جرى مع الأساتذة المتدربين بنصف انتصار، والظاهر أن نتائج الاتفاق لن تكون مؤثرة، لا سلبا، ولا إيجايا على شعبية رئيس الحكومة، إلا أن يحول الملف إلى قنبلة بتجدد دينامياته (عدم اعتماد مقاربة شمولية في معالجة مترتباته في الدخول المدرسي والحركة الانتقالية). نتيجة الاتفاق إذن، هي إزالة الملف من طاولة الاحتقان، وتحييده في معركة صناعة الشعبية الانتخابية.
أما الحوار الاجتماعي، فالمؤشرات تعزز فرضية اتجاه الحكومة لتقديم عرض يحظى بقدر من القبول نقابيا، إذ غيرت أسلوبها في التفاوض بمحاولة إقناع النقابات بخيارات أخرى للرفع من المستوى المعيشي للشغيلة دون الزيادة المباشرة في الأجور.
في الملف الانتخابي، يبدو أن الرهان على رفع توسيع قاعدة الأصوات لدى العدالة والتنمية يدفعه للتنازل في موضوع العتبة، للحفاظ على تحالفه مع حزب التقدم والاشتراكية، وضمان تصدره للمشهد السياسي.
في المستوى السياسي، غيّر العدالة والتنمية قليلا من استراتيجيته، بإضافة بعدٍ آخر للبعد التقليدي في فتح المواجهة المباشرة مع « البام » ورموزه، إذ اتجه إلى تحصين التحالفات الحالية (مخرجات لقاء الأمانة العامة مع المكتب السياسي للتقدم والاشتراكية)، ومحاولة بناء تحالفات أخرى (توسيع دائرة اللقاءات بدعوة الحركة الشعبية، واحتمال التوجه للقاء مع الاستقلال).
هذه المؤشرات التي تجري على المستويات الثلاثة، ليست بديلا عن الاستحقاق الانتخابي نفسه، لكنها تمثل المحددات الأساسية للتأثير على الشعبية.
التقدير أن العدالة والتنمية سينجح في تدبير المعركة على الواجهة السياسية، سيما وأن المغرب يعيش تحديات القضية الوطنية التي لن تسمح بالضغط كثيرا على حكومة بنكيران بما يهدد تماسك الجبهة الداخلية، والتقدير أيضا أنه يمكن أن يحتوي مضاعفات خفض العتبة بالإبقاء أو الزيادة في منسوب أصواته، لكن، على المستوى الاجتماعي، فالأمر متوقف على أسلوب بنكيران في التفاوض الاجتماعي، والمدى الذي يأخذه هذا الملف في تقديره السياسي.
الاستشراف المعقول للتطورات الحاصلة يقول إن الزيادة في منسوب شعبية بنكيران لمستويات تحصين مسار الإصلاحات، مرتبط جوهريا بسؤال: هل يفعلها بنكيران؟

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي