للمرة الثالثة يصرح إلياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، بأنه شارك في لعبة إيصال حزب العدالة والتنمية في نونبر 2011 إلى الفوز في الانتخابات والوصول إلى رئاسة الحكومة. هذا، وقال أمين عام البام في نادي «ليكونوميست» أول أمس إنه «شارك في تنفيذ أوامر من الدولة كانت تريد أن يتصدر العدالة والتنمية انتخابات 25 نونبر، وإن مبادرة تشكيل G8 لم تكن إلا غطاء لتمرير هذا القرار، على اعتبار أن البام لم يقدم مرشحين في كل الدوائر التي ترشح فيها قياديون من الأحزاب السبعة الباقية».
ماذا يعني هذا الكلام؟
هذا معناه، أولا، أن أول انتخابات تشريعية اعتبرها جل المراقبين، في الداخل والخارج، الأكثر نزاهة من كل الانتخابات السابقة، كانت مزورة أو قل كانت انتخابات مخدومة، على اعتبار أن البام كان باستطاعته أن يحصل على المرتبة الأولى يوم 25 نونبر، لكنه ترك مكانه للمصباح لتهدئة الشارع الذي كان يغلي آنذاك. ثانيا، كلام العماري -لو صح- معناه أن الدولة (في أي مستوى؟ لا نعرف) لم تلتزم الحياد في الانتخابات، وتدخلت لترتيب المشهد السياسي على قالب معد مسبقا، في محاولة للالتفاف على الإرادة الشعبية، وعلى الركن الرابع من ثوابت الدستور الجديد، الذي هو الخيار الديمقراطي. ثالثا، إن كلام قائد التراكتور عن تلقيه أوامر من الدولة للرجوع إلى الوراء في الانتخابات، وترك مكانه لخصمه، يعني أن البام حزب غير مستقل عن السلطة، وأن هناك من يبعث له الأوامر فينفذها دون مناقشة ولا جدال حتى وإن كانت تضره كحزب منافس لأحزاب أخرى.
لا يريد السيد العماري أن يكتب تاريخ الانتخابات التشريعية الأخيرة بأثر رجعي، ولا يريد أن يبوح بأسرار لا يعرفها الجمهور لأن ضميره استيقظ الآن، ولا يريد أن يعترف في الكنيسة بخطيئة التواطؤ مع السلطة لصناعة خريطة انتخابية على المقاس. بدا، قائد البام يريد أن يستبق نتائج انتخابات 7 أكتوبر المقبل ليقول إن البيجيدي لن يدخل الأول بين الأحزاب المتبارية، وإن صعوده في 2011 كان مصطنعا، لأن الدولة هي التي أوصلته إلى قيادة الحكومة، والآن عليها أن توصل الآخرين إلى المكان نفسه.
آخر من يقول الحقيقة هم السياسيون، وآخر من يملكون ذاكرة قوية هم السياسيون، لهذا لا تبحثوا في تصريحاتهم عن الحقائق بل ابحثوا عن المناورات… أما ما جرى في 2011 فهو أن قبضة السلطة ضعفت بسبب خروج الشباب بالآلاف إلى الشارع للمطالبة بالإصلاحات على نغمات الربيع العربي الذي هز أركان كل الأنظمة العربية، لكن الفرق يكمن في أن الدول الأخرى واجهت الشارع بالحديد والنار، فيما اختارت الدولة، بقيادة الملك محمد السادس، أن تركب الموجة، وأن تستجيب لما يمكن الاستجابة له من مطالب الشارع، وهنا جاء الدستور الجديد الذي وصفه العماري بالنص الروائي الرديء، وجاءت الانتخابات المفتوحة، وجاء قرار احترام نتائج الاقتراع، وجاء تعيين بنكيران الذي حصل على المرتبة الأولى رئيسا للحكومة بعدما ظل نجمه يصعد انتخابات بعد أخرى… أما البام، ومعه جزء من الدولة، فكان رهانهم من وراء G8 على تشكيل آلة انتخابية قوية لمنافسة العدالة والتنمية، لكن هذا الرهان فشل، كما فشل حزب الجرار في الصمود أمام المظاهرات التي خرجت تندد بميلاده وبرموزه في 54 مدينة وعمالة وإقليما يوم 20 فبراير (رقم 54 هذا ليس من عندي، بل من عند وزير الداخلية آنذاك الطيب الشرقاوي)، وكل هذه التظاهرات خرجت بشكل عفوي وبمبادرة من الشباب، ولا يمكن لأحد أن يدعي أنه كان مهندسها أو المبادر إلى ميلادها. نعم، تدخل اليسار الراديكالي والعدل والإحسان ودعما حركة الشباب فيما بعد، لكن المبادرة بقيت عفوية ومطالبها كذلك، أما قيادة العدالة والتنمية فقد كانت ضد ركوب موجة الشارع، بل إن بنكيران، ومنذ 20 فبراير إلى يوم تعيينه رئيسا للحكومة في ميدلت، كان برنامجه هو التشويش على حركة 20 فبراير، والتصدي للقادة من حزبه الذين فضلوا النزول إلى الشارع.
«ليس ضروريا أن تقطع الشجرة لكي تأكل تفاحة»، كما يقول مثل إفريقي قديم.. البام يريد أن يعطي الانطباع بأن لحظة ميلاد حكومة بنكيران كانت لحظة كاذبة، وأن الآمال التي علقها المغاربة على موجة جديدة من التحول الديمقراطي ما هي إلا حمل كاذب، وهذا فقط لأن الجرار لم يكن حاضرا في هذه المحطة، ولهذا لا بد من إعطاء الناس انطباعا بأن كل شيء يقع في المغرب لا بد وأن يكون بإرادة المخزن وإذنه وتعليماته.
أي دور هذا الذي يلعبه البام في الساحة السياسية وفي التجربة الديمقراطية، الهشة أصلا؟ فعوض أن يقدم عرضا سياسيا وبرنامجيا بديلا لما يقترحه الحزب المحافظ، وعوض أن يقوي الثقة في المؤسسات وفي الدستور وفي الخيار الديمقراطي، اختار الجرار أن يركب لعبة خلط الأوراق، ولعبة دفع السلطة لكي تلعب في الانتخابات المقبلة أدوارا غير نظيفة.. هذا دور لا علاقة له بالأصالة ولا بالمعاصرة.
شريط الأخبار
كأس الكونفدرالية… ملعب أمان بزنجبار يحتضن النهائي بين نهضة بركان وسيمبا التنزاني
أسماء الخمليشي تستعد لطرح الفيلم السينمائي الذي تولت إنتاجه
« فيفا » يرفع عقوبة الإيقاف عن الاتحاد الكونغولي لكرة القدم
مهرجان « ربيع المسرح » يكرم بنياز وسعاد صابر ضمن دورته الثالثة
فيلم « جرح » يمثل المغرب في مهرجان « كان » السينمائي الدولي
انطلاق أشغال الدورة التكوينية للحصول على رخصة التدريب المستوى الثاني لكرة القدم الشاطئية
الدرك يفشل عملية لتهريب المخدرات بتغازوت
الدرك يحقق في جريمة قتل سيدة بعد تعريضها للعنف وهتك العرض باشتوكة
افتتاح معرض جسور غداً في مراكش بحضور رسمي سعودي مغربي
عرض خاص لـ »في حب تودا » بحضور صناع السينما في المملكة العربية السعودية
