سيناريو ما بعد انتخابات أكتوبر

04 أغسطس 2016 - 22:00

هذه خلاصة حوار مفتوح مع أحد أساتذة الجامعة، وواحد من المحللين القريبين من مطبخ الدولة الذين يدافعون عن أطروحتها في ضرورة هندسة المشهد الانتخابي، وعدم ترك الحبل على الغارب لأن المملكة الشريفة مازالت في حاجة إلى ضبط وربط، ولأن المغربي لم ينضج بعد ليكون مثل الفرنسي أو الإنجليزي أو السويسري، يذهب إلى صندوق الاقتراع فينهي عمر حكومة وينصب حكومة أخرى بناء على برنامجها. صديقنا يؤمن بأن للدولة المغربية خصوصية لا تنتهي، وأن الملكية فيها يجب أن تبقى مهيمنة على الحياة السياسية، ووصية عليها حتى وإن كان للجالس على العرش رأي آخر. وصاحبنا يرى أن دستور 2011 كان فلتة لا يجب أن تتكرر، وأن المطلوب الآن، وقد صار الدستور واقعا، أن يؤول رئاسيا لا برلمانيا، والطريق إلى ذلك هو إحياء لعبة التوازنات الحزبية، لكن بإدارة جديدة، بحيث تظل الأوراق كلها بيد القصر… وهذا مقتطف من حوار طويل بين كاتب هذه السطور (الصحافي) وبين «المحلل» الذي نحجب اسمه هنا احتراما لرغبته في عدم الكشف عن هويته، ولأن الأسماء غير مهمة في هذا السياق، المهم هي الأفكار والمخططات التي تقبع في العقل المحافظ للدولة، حتى لا أطلق حكم قيمة مثل «المخزني» أو «السلطوي» أو «الجامد» أو «الرجعي»…

المحلل: هل تمعنت في الخطاب الملكي الأخير؟ إنه رسالة واضحة إلى بنكيران وحزبه، مفادها أن الدولة أخذت بزمام الأمور، وأن القصر لن يتسامح مع البيجيدي من هنا فصاعدا (appel à l’ordre).

الصحافي: نعم استمعت إلى الخطاب، وقرأت فيه رسائل عدة أهمها كانت موجهة إلى بنكيران بضرورة تغيير أسلوبه في الحديث عن الملك، لكن بقية الرسائل كانت أيضا موجهة إلى البام والأحزاب الأخرى، مفادها أن الملك هو ملك لكل المغاربة، وأنه لا ينتمي إلى أي حزب، وأن الإشراف السياسي والقانوني على الانتخابات في يد ثلاثة مسؤولين، هم رئيس الحكومة ووزير الداخلية ووزير العدل، وهذا معناه أن الجميع يتحمل مسؤولية إنجاح المحطة الانتخابية المقبلة.

المحلل: الخطاب الملكي ورقة حمراء إلى بنكيران، والرسالة تقول إن القصر ليس له مشكل مع حزب العدالة والتنمية، لكن لديه مشكلا مع عبد الإله بنكيران. ألم تقرأ الفقرة التي نشرتها مجلة «جون أفريك» عن مقرب من القصر (التسريبات الأخيرة)، وهي تثير نقطة انتهاء الولاية الانتخابية لبنكيران على رأس حزبه، وأن التمديد له كان محدودا في الزمان لإدارة الانتخابات فقط لا لإدارة المرحلة السياسية المقبلة.

الصحافي: تتبعت كل هذا، لكن ما قلته مجرد «تكتيكات لحظة»، وليس «استراتيجية مرحلة». لا تبن تحليلا كاملا للقادم من الأيام على سوء فهم عابر، فللقصر الملكي حسابات أعقد وأشمل من حسابات كل الفاعلين، حتى القريبين منه، لأن مسؤوليته أكبر وأخطر.

الذي سيحدد مستقبل بنكيران هو، أولا، النتائج التي سيحققها في السابع من أكتوبر. إذا حصل على نسبة كبيرة من الأصوات والمقاعد فإنه سيضمن 80٪‏ من الولاية الثانية، وإذا حقق نتائج أقل مما يتوفر عليه الآن من مقاعد في مجلس النواب فسيذهب من تلقاء نفسه إلى بيته، لكن لا تنسَ، سواء اتفقنا أو اختلفنا مع بنكيران، أنه صار زعيما، ووضعه الآن يختلف كليا عن وضع اليوسفي وعباس الفاسي اللذين تم صرفهما من الخدمة قبل الأوان.

المحلل: أنت لا تعرف المخزن وتاريخ المخزن. لا أحد يصمد أمامه، وإذا أراد شيئا يفعله. حزب بنكيران، حسب تقديري، سيحصل على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية المقبلة، لكن بمقاعد أقل مما لديه الآن، ومع ذلك سيكلفه القصر الملكي بتشكيل حكومة جديدة، لكنه سيطوف على كل الأحزاب، ولن يتمكن من الحصول على الأغلبية. سترفض أحزاب التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي… التحالف معه، فيما حلفاؤه في التقدم والاشتراكية والاستقلال، لن تكفي مقاعدهم لجمع الأغلبية، عندها سيرجع بنكيران إلى الملك ويعلن فشله ويرجع إلى بيته، بعدها سنكون أمام سيناريوهين؛ الأول أن يكلف الملك الحزب الثاني (البام على الأرجح) بتشكيل ائتلاف حكومي، وأنا أستبعد هذا السيناريو لأن هذا معناه نزول المصباح إلى المعارضة، وهذا خطر في المرحلة المقبلة، أما السيناريو الثاني -وهو المرجح عندي- فهو أن القصر سيُفهم بنكيران أن الأحزاب التي رفضت التحالف معه لا تعترض على الحزب لكنها تعترض على شخص بنكيران، ولهذا قد يكلف الملك، بعد التشاور مع الجميع، عبد العزيز الرباح أو سعد الدين العثماني بمهمة تشكيل الحكومة المقبلة، وعندها قد يدخل البام إلى التحالف الحكومي الجديد بقيادة العدالة والتنمية، وبذلك، يتم التخلص من بنكيران، ويتم الاحتفاظ بالمصباح في الحكومة، ويتم استخراج شهادة ميلاد شرعية للبام.

الصحافي: هذا السيناريو مبني كله على تراجع شعبية بنكيران وحزبه في انتخابات أكتوبر، فيما نتائج انتخابات شتنبر من العام الماضي تقول عكس هذا. لقد حصل المصباح على 600 ألف صوت جديد بالمقارنة مع ما حصل عليه في نونبر 2011، أي أنه بعد أربع سنوات من قيادة الحكومة لم تتراجع شعبية بنكيران، بل بالعكس ازدادت، فكيف ستتراجع في السنة الأخيرة، وقد أصبح يبسط يده على جل المدن الكبرى والمتوسطة، حيث يعيش حوالي نصف الشعب المغربي وطبقاته الوسطى (البيضاء، الرباط، سلا، فاس، مراكش، أكادير، طنجة، تطوان، مكناس، المحمدية، تمارة، القنيطرة وبني ملال…). ثم لا تنسَ أن حزب العدالة والتنمية فيه ديمقراطية داخلية غير موجودة في الأحزاب الأخرى، وأن قرار العدول عن بنكيران إلى غيره، سواء الرباح أو العثماني، لن يمر بسهولة، وقد يؤدي إلى شق الحزب، خاصة إذا كان الثمن هو تلقيح البام بماء الحياة… لا تنسَ، يا سيدي، أن هناك عرفا استقر في الحياة السياسية يقضي بتعيين رئيس الحزب وزيرا أول أو رئيسا للحكومة، وأن الحسن الثاني فضل انتظار اليوسفي حتى يعود من منفاه في «كان» ليضعه وزيرا أول، دون أن يكون هناك دستور يلزم الملك بتعيين رئيس الحكومة من الحزب الفائز، ثم إن كل هذه السيناريوهات مبنية على تجاهل الرأي العام وما يريده وما لا يريده.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

محمد من تطوان منذ 7 سنوات

HassanX كلامك كان في محله.. أرى أن اللعبة أصبحت جد مكشوفة و السياسة في البلاد أصبحت مائعة و دون المستوى .. خبايا السياسة في المغرب جد معقدة و في نفس الوقت واضحة و جلية .. المصالح و المصالح ثم المصالح .. الكل يبحث عن جمع المال و السلطة إلا من رحم الله .. حزب العدالة و التنمية يده نقية ولا يمدها إلى أموال الشعب .. الإنشقاقات الأخيرة هو تكتيك من هؤلاء الأعضاء لكسب تقدم ونزع مناصب و التقرب من أصحاب السلطة .. المغاربة عايقين أ فايقين ولا يعجبهم من يستحمرهم أو يلعب بذكائهم ... و لا يكون في الأخير إلا ما يريد الله عز و جل ..

[email protected] منذ 7 سنوات

توفيق بوعشرين بدأ الحملة لصالح شيخه بنكيران. انت مهزلة ومقالك مهزلة. هل انت غبي ام تستغبي المغاربة بهذا الحوار الافتراضي

طنجاوي منذ 7 سنوات

أنا متفق مع المحلل والسيد بوعشرين خاءف على بلده متلنا من أن نعود الى الوراء وأراد من خلال المقال ان ينشر تخوفه . ومن يتابع المشهد السياسي جيدا سيعرف ان الصنادق وإن كانت نزيهة لن تكفي العدالة والتنمية لترأس الحكومة المقبلة . المرحلة المقبلة حسمت مسبقا وبن كيران فاهم وساكت . لقد اخطأ عندما لم يعد خليفة له كي يتنحى جانبا

ياسر منذ 7 سنوات

ماقاله المحلل صحيح تماما،ذلك أن الﻻعب الحقيقي لللببيستايشن هو القصر ومن يريده القصر ومايريده القصر هو الذي سيكون.

ديرار عبدالسلام منذ 7 سنوات

هذه فدلكة الكلام و فارغه، على طريقة طبائع الخبث و تاحراميات المكناسية "الأصيلة"............، و العمل الصحفي عند أهله بات "معرفة",،من أرقى المعارف......المعرفة الصحفية.....يال العار

ويركان منذ 7 سنوات

الراسخون يعرفونك ويخبرون حقيقتك انت تسعى جاهدا وبكل ما اوتيت من حيل صحفية لكسب رضى المخزن والحظوة بما يمكنه ان ينعم عليك به ولنفرض انك فعلا تريد الدلو بدلوك في مسار سياسي معين فابحديات الخوض في مواضيع حارقة تقتضي التمكن من دراسات تاريخ الافكار الفلسفة السياسية وهده من المواد المدرسة في الدراسات المعمقة اكاديميا في سلك الدكتوراة التي تتطلب 5 سنوات على الاقل بعد الاجازة ولا يمكن لكل من هب ودب ان يحل فمه ليهرج مغتنما سكوت المختصين وجهل العامة ولكن لا باس ان ندكرك بانه لا توجد ديموقراطية اطلاقا خصوصا في العالم الثالث ان لم نقل عالم الخنوع للاقوياء الدين يملون سياستهم على الانظمة الضعيفة التي لا تملك سيادتها بين ايديها ومند متى كات هناك انتخابات كل ما في الامر مسرحية تدور داخل المكاتب ويتم الاعلان عن نتائجها المعروفة مسبقا ويطلق المال للابواق لتغطيتها وكانها دات مصداقية ومراقبي القوى العظمى يزكون نتيجة المسرحية التي يعهدون بتنفيدها لكراكيزهم

sadik yemlah منذ 7 سنوات

المقال مجرد تخيل يدخل في إطار الدعاية لبنكيران وتصويره على أساس أنه الرجل الذي له رأي وبالتالي أعداء. المرجو إحترام ذكاء القارئ

hassanX منذ 7 سنوات

L'istiqlal a perdu d'avance car il s'est aligné à côté du pjd

hassanX منذ 7 سنوات

لقد قلتها البارحة : " اما البيجدي فستحصل له انشقاقات و تصدعات قبل و بعد 7 اكتوبر." والآن : " على بعد أيام قليلة من الاستحقاقات الانتخابية، اهتز حزب العدالة والتنمية على وقع خبر انسحاب عدد من قيادييه المحليين بعدد من المدن المهمة بكل من مدينة مراكش ومكناس والرباط،."

elmehdiboutalha منذ 7 سنوات

ينبغي احترام ارادة الناخبين الذين سيختارون من يمثلهم بكل حرية وشفافية , هذا مبدأ لامحيد عنه والباقي تفاصيل , يقود الحكومة بنكيران أوغيره من باقي قيادات العدالة والتنمية اذا احتل الرتبة الأولى هذا مبدأ دستوري لايمكن الالتفاف عليه , واذا حصل العكس وظهر حزب آخر في المقدمة وهذا مستبعد جدا وكل استطلاعات الرأي المنجزة تشير الى أن حزب العدالة والتنمية سيكون في المقدمة وانتخابات الرابع من سبتمبر خير دليل, فهذا هو المنهج السليم للجهات المسؤولة والربح الكبير للمغرب والنموذج الأمثل للاستقرار والذي هو مفقود في دول محيطنا العربي بسبب غياب الديموقراطية ومصادرة ارادة الناخبين. أما السيناريوهات الأخرى والتي يحاول بعض خدام الفساد والاستبداد احيآءها ولو بشتى الطرق فلن تكون الا خرابا ودمارا على البلاد والعباد , ولن ينفع الدولة المغربية بعد ذلك لآالياس ولا لشكر ولاغيره من المستبدين المتخفين والظاهرين.

متتبع منذ 7 سنوات

تقصد بخدمة وطنه افلاس الشعب وغلاء المعيشة وتفقير الموظفين وفي المقابل العفو عن المفسدين وسلك سياسة النعامة حولهم، سير الله انعل اللي ما يحشم. راه مآسي هاذ الناس في رقابكم قولوا غير الحق أما الانتخابات راه ما غاطلع لينا غير ما اخيب من هادشي اللي داز

ملاحظ منذ 7 سنوات

هندسة الأنتخابات المقبلة،وتخفيض العتبة سينتجان مشهدا سياسيا مبلقنا بشكل غير مسبوق،والعدالة والتنمية لن يحصل لا على أغلبية مريحة ولا غير مريحة، وينساو رئاسة الحكومة،فالظرفية تغيرت، وماوقع في تركيا ستكون له انعكاسات في بلدان أخرى،وصاحبك يالله يقدر يكون مخلل أما محلل فشوية عليه!!وراه كما يقول أستاذنا ماخفي أعظم،والغدلناظره قريب.

عبد العالي منذ 7 سنوات

كلام الصحفي مقنع ومنطقي أكثر من كلام المحلل..

حسام منذ 7 سنوات

المقال بالنسبة لي ليس فيه لا محلل ولا يحزنون، هو فقط رأي كاتب المقال على شكل حوار. غرضه الدعاية الانتخابية .الاختراع في أساليب الدعاية.

Mohamed منذ 7 سنوات

يظهر لي ان السيد المحلل يتابع القناة الثانية48ساعة على 24 ساعةوتأثر بتحليلاتها كثيرا

مواطن من تطاون منذ 7 سنوات

لا تهم الشخصيات المنتمية لحزب العدالة والتنمية سواء كان عبد الإله بنكيران او غيره مثل العثماني ، المهم أن يستمر حزب العدالة والتنمية في مساره السياسي الصحيح ولا يحيد عنه ، فالكفاءات السياسية موجودة والحمد لله عل عطاءه ومنته وقواعد الحزب تتمدد وتتطور سياسيا وفكريا بحيث ان هذه المرحلة السياسية التي عاشها الحزب في ظل دستور 2011 خبرها جيدا واستفاد من دروسها وعبرها التي ستحفزه أكثر عل خدمة وطنه وتنمية وتطوير شعبه الذي منحه الثقة الكاملة التي لم يمنحها لأي حزب سياسي آخر حيث تعرف عن قرب عن أخلاقه الرفيعة في حماية المال العام ومواجهة أشكال الفساد والمفسدين وذلك حسب امكانياته ومدى قدرته على المواجهة والدفاع عن كيانه . وأعتقد أن المرحلة السياسية الجديدة ما بعد انتخابات السابع من أكتوبر ستتسم بصعوباتها وتعقيداتها ، فإذا ما فاز حزب العدالة والتنمية في الاستحقاقات التشريعية المقبلة بأغلبية كبيرة فيتعين على رئيس الحكومة الجديد سواء كان فلان او علان ان يتمسك ب صلاحياته الدستورية ويفرض وجوده أمام أمر الواقع ولو أدى ذلك إلى الاعلان عن انتخابات تشريعية سابقة لأوانها ، ذلك ان رياسة حكومة حزب العدالة والتنمية اذا لم تعط لها كامل صلاحياته من أجل إكمال اصلاحاته الضرورية ومواجهة الفساد بالطرق القانونية ، فاعلم أن المخزن المغربي يرغب ان يكون حزب العدالة والتنمية أداة طيعة بين يديه وتبقى خصوصياته بعدئذ خارج عن السياق التاريخي الفاعل .

المعلم منذ 7 سنوات

يجب أن لاتنسوا أن هناك حزبا كبيرا منظما قد يختاره الناخبون هربا من الحزبين المتصارعين فيحتل المرتبة الأولى ويشكل الحكومة إنه حزب الاستقلال الذي ليس من المستبعد أن يحقق المفاجأة.

m منذ 7 سنوات

كفى من هذه الخزعبلات المخزنية،القرار يبقى للشعب المغربي من خلال الانتخابات القادمة ان شاء الله

hassanX منذ 7 سنوات

أقول للسيد المحلل ان رئيس الحكومة المقبل واحد من اثنين : * أخنوش اذا التحق بالبام . * اخشيشن والأيام بيننا. اما البيجدي فستحصل له انشقاقات و تصدعات قبل و بعد 7 اكتوبر.

Zakaria منذ 7 سنوات

بالرغم مما زعمتم في المقدمة علي ان هذا الشخص ملكي حتي النخاع، والبرغم انه يحبد هيبة الدولة، والملكية فوق كل الا حزاب، الا انه نفي كل السناريوهات المزعومة حول الا نتخابات المةبلة ، فبدا رغم كونه ملكيا يوءهن بالديمقراطبة مهما الا ت اليه صناديق الا قتراع. بمعني، علي ما يفهم من اجوبته، ان الملكية لا تتنافي مع الديمقراطية، ان لم تكن هى الديمقراطية نفسها.

التالي