علم النفس السياسي والذاكرة الجمعية السياسية

22 أغسطس 2016 - 14:02

بقلم: نورالدين قربال

إن السلوك السياسي المؤصل من قبل الدراسات العلمية ينتج فهما لما يدور. ويؤسس الملاحظات على عنصر التراكم الاجتماعي. ليدخل إلى مرحلة التصنيف العلمي للعقل الجمعي والسياسي.
وبهذا التصنيف العلمي يمكن الحديث على هوية سياسية واجتماعية تجاوزا للعشوائية والضبابية. وما أصعب السياسة عندما تفتقر إلى الحالة المدنية. وهذا التصنيف مؤشر على التعدد والتنوع. والتضامن والتعاون..
إن هذه النتائج العلمية تؤشر للفعل السياسي الراقي، وتشجع على المشاركة السياسية الهادفة. في إطار ذاكرة جمعية.
آنذاك يتم التشجيع على الاستكشاف والبرهنة، ويصبح المسار الديمقراطي اختيارا دستوريا وثابتا من الثوابت الجامعة للأمة.
إن الهوية السياسية دافع أساس لفعل سياسي متزن يستهدف المصلحة الوطنية العامة وانعكاساتها الخارجية على البنية الدبلوماسية والاقتصادية والحضارية.
وبذلك يخرج الفعل السياسي من الأرشفة الضيقة إلى الواقع المعيش معانقا هموم المواطنات والمواطنين. وهذا راجع لاعتماد المقاربة الاجتماعية، والثقافية باعتبارها أسا مهما في البناء الديمقراطي. وبذلك سنستأنس بالذاكرة من أجل تقديم مشاريع سياسية ليست مثل تلك الجاهزة والموضوعة عند البعض تحت الطلب.
وبذلك يبنى الوطن والوطنية والمواطنة. وتنقش الذاكرة السياسية الحية. ونتجاوز سلبيات الماضي بتصحيح المفهوم المتجدد للسلطة، والذي يعني التوزيع العادل لقيم الديمقراطية. وكلما تجددت السياسة تجدد علم النفس السياسي.
الخطاب التواصلي السياسي
هل هناك علاقة بين الخطاب والسياسة؟ هل البلاغة والمجاز مؤثران في تشكيل الخطاب ورسم معالم الإقناع؟
العلاقة بارزة وتحتاج دوما إلى التحليل من أجل التحيين. وخاصة الخطاب السياسي. وهذه المقاربة اللسنية تؤسس لنقد سياسي بناء. وهذا ما ينتج سيكولوجية وسوسيولوجية الخطاب السياسي.
الذي يعني الأشكال المركبة ذات البعد الاجتماعي. ومن تم فالبلاغة أساسية إلى جانب مرفولوجية الكلمة ونحوها.
فلا خطاب بدون جمال وجلال، وضبط إعرابه حتى لا يختل المعنى، ثم الاهتمام ببنية الخطاب بلا زيادة ولا نقصان. لأن السياسة في عمقها جمال وجلال وبنية محكمة وضبط للإعراب تجنبا للتكرار والركاكة والأخطاء المتعددة والاختلالات في البناء الذي يحرف الدلالة في إطار التناغم بين الدال والمدلول بدون خلخلة ولا تشويش.
ومن تم نشم رائحة الإقناع بدون ضجيج. وبذلك يحصل الإدراك والتكامل. آنذاك يمكن الحديث عن خطاب سياسي واضح. وبالتالي فللغة دور أساسي في السياسة.
وعندما ينتقل الخطاب السياسي إلى وسائل الاتصال والتواصل تتعاظم المسؤولية. ونحتاج إلى سيكولوجية خاصة.
وهذا ما يؤهلنا إلى الانتقال من التواصل السياسي العادي إلى التواصل السياسي النوعي. ونؤسس في نفس الوقت للحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وقد يكون الإعلان السياسي فكاهيا لكن هادفا وهذا ما يربط السياسة بالفن لأنها هي بدورها فن الممكن.
نخلص مما سبق أن السياسة الوطنية والمواطنة بناء ديمقراطي له قواعد وأدبيات. والإعلام في قلب الحدث والمصاحبة. والمعرفة مؤسس استراتيجي في هذا التشييد. ومن تم فللجامعة دور أساسي في إطار ربطها بالمحيط. والروح السيكولوجية السياسية ميالة إلى الحكمة والتريث. والرأي العام مساعد على أخذ القضايا بجدية. والنظريات الاجتماعية غير منفصلة عن علم النفس السياسي. والقراءات متعددة بلغة «كريماس». والخطاب تتجاذبه السطحية والعمق كما أكد على ذلك «كوهن». والسياق ملزم في تنويع المقاربات. والثقافة قاعدة لكل تأسيس. وللمجتمع المدني دور أساسي في إطار الديمقراطية التشاركية. على مستوى تقديم العرائض والملتمسات والقرارات والمشاريع والتشاور ومراقبة السياسات العمومية والدفع بعدم دستورية القوانين المخالفة للحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في الدستور…
وتعزيز منظومة الإصلاح في ظل الاستقرار، عن طريق البرهنة والاستدلال، لأن مناخ الأعمال الكاملة متوقف على الاعتدال والأمن والاستقرار…
إذن لابد من استحضار علم النفس وعلم الاجتماع والأنثروبولوجية السياسية في تحليل الظواهر السياسية بدل الاكتفاء فقط بالمحللين السياسيين الذين لهم دورهم الفعال في التأويل والتنوير…

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

amouna salwa منذ 6 سنوات

السياسة لغة الشعب لكن لا يجب ان تكون هذه اللغة مرتبطة بهدف ما لانها بالاساس وسيلة تعبيرية عن معاناة الافراد داخل مجتمع ما واذا اصبحت هذه السياسة سلما لبلوغ الاهداف المسكوت عنها سيفقد الشغب لسانه هذا من جهة، ومن جهة اخرى فعلى الدولة تلقين السياسة للاطفال في المدارس منذ نعومة اظافرهم وذلك ليسهل عليهم ادراك ماعليهم من واجبات وما لهم من حقوق من اجل بناء مجتمع كامل ومتزن القوى لا غالب فيه ولا مغلوب