أثارت تكتيكات العدالة والتنمية الانتخابية باستقطاب بعض الرموز الحزبية ردود فعل حزبية غاضبة، وفتحت النقاش من جديد حول الترحال السياسي، وحركت دوائر في الإدارة الترابية للضغط على بعض المرشحين لسحب ترشيحاتهم باسم هذا الحزب.
والحقيقة أن مناقشة هذا التكتيك الانتخابي يقتضي الحذر في مقارنة سلوك هذا الحزب بالأحزاب الأخرى التي دأبت على توظيف المرحلين سياسيا، وجعلت من ذلك ثابتا من ثوابت تكتيكاتها الانتخابية.
أول الفروق التي يلزم الانتباه إليها هي أن استعانة الحزب ببضع الوجوه الحزبية كان محدودا، إذ لم يتعد ثلاث أو أربع حالات.
ثانيها أن عملية الاستقطاب جاءت ضمن عنوان سياسي، وليس مجرد اعتبارات انتخابية، فالحزب التجأ إلى هذا التكتيك لتوسيع جبهته ضد التحكم، بدليل أنه لم يمارس أي استقطاب سياسي من مخزون حلفائه.
ثالثها، أن عملية الاستقطاب تمت ضمن مسطرة انتخابية تم المصادقة عليها في هيئات الحزب التقريرية، ولم تأت نتيجة تضخم سلطات الأمين العام في التزكية كما يجري في التجارب الحزبية الأخرى.
رابعها، أن المستقطبين الذين تم تزكيتهم صرحوا بأن ترشيحهم باسم العدالة والتنمية، تم عن اقتناع (الحرشي) واندرج ضمن مشروع سياسي ترتبط معالمه الواضحة بمواجهة التحكم (الوزاني).
خامسها، أن عملية الاستقطاب كانت أخلاقية غير مشوبة بأي بعد تجاري أو مصلحي أو صفقات لتبادل منافع.
هذه الفروق الخمسة، تجعل من هذا التكتيك في الاستقطاب السياسي المحدود لبعض الوجوه الحزبية مختلفا عن الترحال السياسي بمصاحباته الأخلاقية والسياسية.
الترحال السياسي عملية انتقال لا أخلاقية بين الأحزاب يوجهها قصد كسب المقعد الانتخابي وتحقيق المنافع وتحسين المواقع، أما سلوك العدالة والتنمية الذي تقاطع مع هذا المفهوم، فهو لا يحمل هذه المصاحبات اللاأخلاقية، ذلك أن ما يميزه وما يبرره هو العنوان السياسي، أي الاصطفاف من أجل مواجهة مشروع تحكمي يريد إنهاء تجربة الإصلاح و”إعادة الأمور إلى نصابها” بمعنى العودة إلى ما قبل حَراك 20 فبراير.
أن يطمح هذا الحزب بتكتيكه الانتخابي أن يتحول إلى جسر لالتقاء القوى الوطنية والشخصيات العامة لمواصلة الإصلاح ومواجهة الإرادات التي تعاكسه، فهذا يشكل في عمقه جزءا من الاستجابة لانتقادات سابقة وجهت إليه على خلفية تركيبته التنظيمية، فلطالما وصف بأنه طائفي ولا يضم سوى الإسلاميين القادمين من حركة دعوية.
اليوم، ربما اقتنع هذا الحزب أن مواجهة التحكم تقتضي استراتيجية مفتوحة لا تسعُ فقط ما يصطلح عليه بـ “الكتلة التاريخية” التي تجمع الإسلاميين بالقوى الوطنية والديمقراطية، وإنما تشمل القوى السياسية الأخرى التي تتقاسم فكرة الإصلاح ومواجهة التحكم.
التطورات التي يعرفها حزب العدالة والتنمية لا تسمح أن يتحول إلى جبهة وطنية عريضة ولا إلى تيار جماهيري واسع، فذلك يقتضي أن يغير من طبيعته، ومن خياراته ورهاناته، لكن، إذا لم يكن هذا الهدف أو ذاك ممكنا في هذه اللحظة، فلا أقل من أن يبعث الحزب إشارات سياسية بأن مسار التحكم خطير، وأنه إن ابتدأ بمواجهة من هذا الحزب أو ذاك، فالشروط الموضوعية ستدفع كل القوى الوطنية بمختلف حساسياتها لمواجهته.
الرسالة واضحة: بضع شخصيات من طيف مختلفٍ تعبِّر عن هذا التوجه وتركب سفينة العدالة والتنمية لأنها رأت فيه مصداقية في تبني عنوان مواجهة التحكم، لكن غدا، إن تم الاستمرار في مسار التحكم ومده بأمصال التمكن، فإن الأمر لن يتوقف عند حدود شخصيات، وليس مضمونا أن تبقى سفينة العدالة والتنمية الجسر الآمن الذي يحمل هذه الأطياف للتعبير بسلمية عن هذا العنوان السياسي المشروع.
شريط الأخبار
“كاف” يحدد موعد نهائي دوري أبطال إفريقيا وكأس الكونفدرالية
النيابة العامة تطالب بسجن المدرب السابق للمنتخب النسوي الإسباني على خلفية قضية القبلة القسرية
ثلاثون شابا يستفيدون من ورشة للتصوير الفوتوغرافي بسلا
تجمع دعم العائلات المغربية المطرودة من الجزائر يستعد لتخليد ذكرى المأساة
بولندا وأوكرانيا يكملان عقد المتأهلين إلى بطولة أمم أوروبا 2024
منح شهادة الجودة للمعهد الوطني للصحة
فوزي لقجع يترأس ملتقى مفتشي الملاعب بالرباط المنظم من طرف “كاف”
الوقاية المدنية تنتشل جثة تلميذ قضى غرقا في قناة للري ضواحي أزيلال
مدرب منتخب الجزائر لأقل من 20 سنة يصفع عددا من لاعبيه في مشهد عنف غير مألوف
العادات والتقاليد المتوارثة في الجنوب محور إصدار جديد من مجلة “سلسلة تراث”
بين الترحال السياسي والجبهة الوطنية
06 سبتمبر 2016 - 10:41