تجربة "السلاح" التركي..

22 فبراير 2017 - 13:58

يبدو أن لسياسة الرئيس التركي « التطهيرية » بعد الانقلاب​ الفاشل​ معجبين بالمغرب. إذا كان أردوغان قد سرّح آلاف المنتمين إلى جماعة الخدمة التركية من وظائفهم لمجرد الاشتباه في تورط الجماعة في​ محاولة​ الانقلاب العسكري ضده، ودون أي حجة وإثبات ​صريحين، بقرارات « احترازية »​ صرفة​، والبلاد تسير والأمور بخير، فَلِما لاَ نُجرب هذه السياسة هنا في المغرب، لكن بشكل تناسبي مع سياق البلاد.

نعفي بدورنا العشرات من الموظفين من مهامهم، ونلغي التعاقد مع آخرين، ونرسب مجموعة أخرى، ​ونغربل نتائج المباريات المهنية، ​كخطوة أولى، تجربة مصغرة، في اتجاه تطهير التعليم العمومي​ بدءا وقطاعات أخرى في الطريق،​ من أتباع جماعة العدل والإحسان، وعموما من كل موظف يشغل منصبا حساسا و »قد » يعطي تأويلا مختلفا « لتعليمات » الوزارة، وفي الحالة الواقعة، ​المنتمون إلى جماعة تعارض النظام صراحة، وبالتالي تفتقد الحماس المطلوب إزاء مشاريع الدولة، وخاصة التوجهات الاستراتيجية الثلاثة المفروضة من فوق على المنظومة التعليمية: فرنسة التعليم رغم أنف الجميع، تبسيط العربية حد التمييع، ومراجعة مقررات التربية الإسلامية بشكل متهافت، اعتقادا أن هذه المادة المفترى عليها هي أحد العوامل المحتملة لصناعة مشاريع انتحارية.

ما يحدث مع أطر وكفاءات جماعة العدل والإحسان من إعفاء وتضييق إداري واستهداف في لقمة الخبز بسبب انتمائهم السياسي والفكري، أمر مدانٌ ومتخلف وبالغ الخطورة. العقول التي شغلها الشاغل متابعة تجارب تصفية الحسابات ولجم المعارضات المحلية ونتائج عمليات « التطهير » في الدول المجاورة والنائية، وكيفية إعادة إحيائها مع محاكاة تطبيقاتها الجديدة ​و »حقن » المجتمع السياسي بها مرة أخرى، لكسر شوكة التيارات المعارضة، هذه العقول تقيّد البلاد باجتهادات استبدادية ومتخلفة تخلق الاحتقان وترفع عدد الناقمين على النظام وتساهم بقوة في تغذية أسباب الاحتجاج والنزول للشوارع.

لكنها، حتى نكون منصفين أيضا، تمتلك شجاعة كبيرة وقدرة خارقة على التشفي في آمال وطن بأكمله!.. أليس من التشفي أن تجري حملة الإعفاءات في حق أطر الجماعة على مقربة من ذكرى « 20 فبراير »، تماما مثلما تَعبُر نتائج 7 أكتوبر باب هذه الذكرى حاسرة الرأس خالية من أي معنى، ومعهما مطالب محاربة الفساد والاستبداد و »الحكرة ».

مرة اتصل بي صديق يعمل في مؤسسة عمومية، وقال لي إن مدير تلك المؤسسة ارتكب في حقه ظلما إداريا وشططا بيّنا في استعمال السلطة. حكى لي ذلك الصديق كيف أن مسؤولا قال للمدير خلال اجتماع حضره رؤساء المصالح والأقسام « سيدي إن القرار الصادر في حق الموظف الفلاني غير موفق، ومن الأفضل سحبه ونسخه، إذا رفع دعوى ضد المؤسسة سيربحها بكل تأكيد، وسينال تعويضا كبيرا عن الضرر.. »، كان المسؤول يحاول ثني مديره عن الاستمرار في شطط لا غبار عليه، فماذا كان رد المدير الذي تفوّه به أمام الجميع في الاجتماع، بكل أريحية ودون أدنى شعور بالحرج.. »معك حق، وأنا متيقن من ذلك.. لكننا في الأول والأخير، لن ندفع درهما واحدا من جيوبنا، المؤسسة هي التي ستدفع التعويض، لا تحمل همًّا ..بِينُو وبِين الدولة ». صديقي لم يُمانع في خوض المعركة ضد دولة المدير. وأكيد أن الجماعة وباقي الفعاليات الحقوقية والسياسية والنقابية التي تتعرض لحيف الدولة التي تعشعش في ذهن عدة مديرين ومسؤولين، ليست أقل إصرارا من صديقي..

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي