سجناء مغاربة بدون أوراق ثبوتية ولا بطاقات تعريف

26 فبراير 2017 - 01:00

في سابقة من نوعها، أطلقت المندوبية العامة للسجون نهاية الأسبوع الجاري، برنامجا جديدا يفتح أبواب السجون أمام محامين غير منتدبين من لدن السجناء، لتقديم المساعدة القانونية لهم، بغض النظر عما إن كانوا في الأصل يتوفرون على محامين مكلفين بقضاياهم أم لا.

البرنامج يدعى « المساعدة القانونية للسجناء »، وسينفذه المرصد المغربي للسجون عبر محاميه، وسيستفيد منه في مرحلة أولى قد تمتد إلى ثلاثة شهور، 1365 سجينا تقدموا بطلبات الاستفادة من هذا البرنامج الجديد.  وكان الاتفاق حول البرنامج قد وقع بين الطرفين في شهر يناير 2016، لكن تفعيله تأخر لأكثر من عام.  ويسعى هذا البرنامج إلى مساعدة السجناء المعنيين في معالجة مشاكلهم القضائية، وأيضا تلك المتعلقة بإشكالاتهم المرتبطة بالأحوال العائلية.

المندوب العام للسجون، محمد صالح التامك، قال في خطاب مقتضب في لقاء لإطلاق البرنامج من داخل مركز الإصلاح والتهذيب (سجن الأحداث) بالدار البيضاء: « لقد كنت سجينا أنا بدوري في مرحلة من حياتي، وأعرف ما تعنيه أن تجد مثل هذه المساعدة القانونية أمامك. وسأكون مطمئنا إن دخلت السجن مستقبلا لأني سأجد من سيساعدني إن وجدت أي صعوبات ». وبحسب التامك، فإن السجن دائما بالنسبة إليه « صورة مصغرة للمجتمع المغربي ككل، ومشاكله ما هي إلا تصغير لما يحدث خارج أسواره، ولأني مررت بالسجن، فإني أعرف كيف سيشعر أولئك الذين سيعثرون على من يساعدهم في المراحل الصعبة من حياتهم ».

وروى التامك قصة عما تعرفه السجون المغربية من حالات مستعصية تتطلب مساعدة قانونية سريعة عثر عليها في إحدى جولاته في سجن واد لاو (تطوان)، وقال « عثرت في هذا السجن على حالة شاب لم يكن لديه سجل للحالة المدنية، لقد كان هناك يقضي عقوبته السجنية من دون أي أوراق رسمية، أو بطاقة تعريف وطنية، فقد كان شابا يتيما أو ما شابه، وحكى لي أن والديه تخلوا عنه، وتوفي أحدهم لاحقا، وليست لديه أي ورقة رسمية تثبت أي شيء ». إدارة السجون بحسب ما يرويه التامك، وجدت صعوبات كبيرة في معالجة وضعية ذلك السجين: « لقد كان علينا تخصيص جهد كبير لمعالجة الإشكال الإداري لذلك السجين، فهو كان يريد أن يدرس، لكن لم يكن قادرا على فعل ذلك بسب عدم وجود أي وثيقة رسمية تثبت وجوده العائلي، ومثل هذه المشاكل تبدو بسيطة لكن إن لم تعالجها الإدارة فإنها تصبح مستعصية ». ولذلك، فإن المندوب العام للسجون يشعر بأن البرنامج الجديد الذي أطلقه من شأنه « أن يعالج مثل هذه الإشكالات لأنها موجودة في السجن بكثرة ». وفي الواقع، وبحسب المعلومات التي قدمها مصطفى فراخي، مدير العمل الاجتماعي في المندوبية العامة للسجون، فإن « المشاكل العائلية من هذا القبيل، شكلت السبب الرئيسي الثاني وراء تقديم السجناء المعنيين ببرنامج المساعدة القانونية لطلباتهم »، ويقول إن « 7 في المائة من هؤلاء (أي حوالي 110 سجين) ليست لديهم بطاقة تعريف وطنية، وسيحتاجون إلى مساعدة قانونية كي يستخرجوا واحدة من دون شك ».

ولأن هذه الطريقة في المساعدة القانونية للسجناء جديدة، فإن التامك نفسه توقع أن تعترضها صعوبات، وقال: « ستكون هناك، لا محالة، صعوبات في مواجهة برنامج المساعدة القانونية، وسيجد فريق المحامين الذين سيتكلفون بهذه العمليات صعوبات سواء في مواجهة السجناء، أو عائلاتهم، بل وحتى في مواجهة إدارة السجن، لكني قررت لتخفيف هذه الصعوبات المتوقعة، أن يكون المخاطب المباشر لفرق المساعدة هم المدراء الجهويون للمندوبية العامة للسجون، وهم من سيتكلف بتنسيق الجهود وتيسير تنفيذ العمليات مع مدراء الوحدات السجنية، فيما سيكون المخاطب الرسمي على المستوى المركزي هو مدير  العمل الاجتماعي الذي يكون بجانبي طيلة الوقت ».

ومن جانبه، قال عبد الرحيم الجامعي، رئيس المرصد المغربي للسجون،  إن عمل المساعدين القانونيين للسجناء وفقا لخطة عمل البرنامج الجديد، « لن تتعدى بعض الحدود الواضحة بين عمل المساعدين وبين عمل المحامين، ولن نتدخل في طريقة عمل دفاع أي سجين، ولن نفتي عليهم ما يجب أن يفعلوه، لأننا في نهاية المطاف مجرد أشخاص إضافيين يقدمون الاستشارة القانونية ».

ووفقا لما ذكر في اللقاء، فإن المساعدين القانونيين « ليسوا أشخاصا مكلفين بتلقي الشكايات والتظلمات  بخصوص الإدارة »، ويضيف: « لا ينبغي على السجناء أن يفهموا عملنا وكأنه شرطة موازية لإدارة السجون، بل إننا سنستجيب للحاجيات القانونية للسجناء فحسب ».

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي