الإعلام.. حليف موضوعي لمارين لوبين!

02 مارس 2017 - 14:43

يجب على وسائل الإعلام في مجموع البلدان الديمقراطية تَحَمّل حقيقة يصعب الجهر بها، وإن كانت تعيشها، بوعي أو بدونه، كل يوم: من مصلحة وسائل الإعلام في كل الديمقراطيات- حتى (بل بالخصوص) تلك التي تحظى بتقدير كبير وتعتبر الأكثر ديمقراطية – انتخاب الأحزاب الشعبوية، على المدى القريب، لأنها الأكثر بعدا عنها.

والحق أنه بالنسبة إلى صحفية، وكذلك بالنسبة إلى كل وسائل الإعلام، ليس هناك ما هو أكثر مللا من الاضطرار إلى دعم حكومة ما أو سياسة ما: لا أحد يستمرئ قراءة مواد فيها إطراء ومدح للسلطة، فبالأحرى كتابتها. على العكس من ذلك، ليس هنا ما هو أكثر جلبا للمتعة من النقد والصراع، بل والاعتقاد بأنه بإمكاننا إسقاط سلطة قوية بانتقاداتنا. وهذا الأمر يسري على كل وسائل الإعلام الأخرى.

بالتالي فهي تظن أن انتخاب سياسي شعبوي سيمنحها فرصة لعب دور جديد، ومفيد جدا، وهي لا ترى في هذا الوضع سوى المزايا، حتى وإن تحاشت الإقرار بذلك.

ومن المفارقات أن وسائل الإعلام – وهي تحلم، في لا وعيها، بالتموقع لوحدها في موقع المنتقد لسلطة شعبوية- تضع نفسها، في الوقت ذاته، في وضع هذا الشعبوي الذي لم يبلغ السلطة سوى بانتقاد مجموع السلطات الأخرى.

إن ما يحدث اليوم في الولايات المتحدة حاليا يجب أن يبعث فينا الحذر. ليس الإفراط في الهجمات من طرف وسائل الإعلام الأمريكية هو الذي ساهم في انتخاب ترامب، بل ضعفها وزلاتها التي كان لها وقع أكبر من أخطاء هيلاري كلينتون.

واليوم تستمد وسائل الإعلام المعادية للسلطة الجديدة جمهورا واسعا من انتخابه، وكذلك موارد مالية أكبر: فمنذ ظهور الإنترنيت وما يحمله من تهديدات لوسائل الإعلام، لم يسبق أن تجدد الاهتمام بهذا القدر بكل ما تكتبه الجرائد وما تتضمنه برامج التلفزة. وكل تلك الوسائل الإعلامية التي وصفها الرئيس الأمريكي بـ »أعداء الشعب الأمريكي »، ارتفع رقم معاملاتها بشكل كبير، إلى حد لم تعد تدري إن كانت فعلا تحلم بالنجاح في إسقاطه تحقيقا للديمقراطية، وللتأكد من قوتها، أم إن كانت تفضل، ألا تفلح في ذلك سريعا لاستغلال منجم الذهب غير المفاجئ أطول مدة ممكنة.

إنها لعبة خطير للغاية: في يوم من الأيام، سيقرر واحد من هؤلاء الرؤساء الشعبويين- الذي سيكون واحدا من مخلوقات خصومه- أن الوقت قد حان للزج بـ »أعداء الشعب » في السجن، وستكون بالتالي نهاية الديمقراطية الأمريكية. لقد عرفنا هذا في أوروبا بالماضي.

في فرنسا، هل تأمل وسائل الإعلام أن تستعيد صحتها المالية، أسوة بالصحافة الأمريكية، من خلال لعب دور القوة الأساسية للمعارضة بعد دخول مارين لوبين إلى الإيلزي وفوز « الجبهة الوطنية » الذي سيليه في الانتخابات التشريعية؟ هل تعي أنها، منذ اليوم، تعبد الطريق لبلوغ هذا الوضع، وتنفخ في شراع « الجبهة الوطنية » مادامت لا تهجمها بالجدية اللازمة.. لا تتعامل معها كحزب مثل كل الأحزاب الأخرى.. لا تصف بدقة الفوضى التي سيتسبب فيها وصولها إلى السلطة.. لا تحلل بدقة عبثية برنامجه السياسي..لا تنتقد الفساد الذي يستشري فيها، وحيلها الصغيرة المشبوهة؟

هل تعتقد وسائل الإعلام الفرنسية حقا أن استهداف « الجبهة الوطنية » بالدرجة الأولى يصب في مصلحة هذا الحزب اليميني المتطرف؟ هل ستفضل، في الأسابيع المقبلة، الاكتفاء بالتنديد بزلات وأخطاء الديمقراطيين؟

ترجمة مبارك مرابط عن « ليكسبريس »

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي