أكد محمد الساسي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس والقيادي بالحزب الاشتراكي الموحد، أن التطرف العنيف ينبع من نوع الثقافة الدينية السائدة، ومن نوع من الإسلام المسوق في 4 وسائط، هي المدرسة والإعلام والمؤسسات الدينية والأسرة، وبأن هذه الثقافة ليست مسؤولية الحركات الإسلامية وحدها، بل هي نتاج نظام سلطة يعتبرها أساسية لتمتين أركان الدولة والدين، مشيرا إلى مسؤولية نظام الحسن الثاني في تضخيم الشأن الديني لدى المغاربة.
وقال الساسي خلال ندوة فكرية نظمتها، أول أمس الخميس بالرباط، كل من التنسيقية المغاربية لمنظمات حقوق الإنسان والائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، تحت عنوان “التطرف العنيف”، إن “الحسن الثاني كان يقدم وجها للغرب ووجها آخر للداخل تميز بالإفراط في استعمال الدين”، وفق قراءة كان الهدف منها “تحويل تعلق الناس بدينهم إلى تعلقهم بنظامه”، مؤكدا أن هذا الإفراط كان الهدف منه كذلك محاربة “الخصوم العلمانيين” في فترة من الفترات، ثم بعد ذلك انقلب السحر على الساحر وأصبح الخصوم هم الإسلاميون وعمل الحسن الثاني من جديد على أن “يزايد بإسلامه على إسلامهم”. وأشار الساسي إلى أن الدين الإسلامي تم استعماله أيضا من أجل “تركيز نظام السلطنة القائم على الطاعة“، فـ”مادام أنه يدافع عن الإسلام، فإن الناس سيتقبلون منه كل شيء”، إنها تأشيرة إسلامية لممارسة التسلط، تمر عبر خلق أفكار في ذهنية المغاربة، وهي أن “الإسلام مستهدف” و”أن هناك محاولة لاقتلاعه من التربة المغربية”، وهي قراءة للإسلام تمنح السلطة المطلقة للحاكم، يضيف الساسي.
وسائل أخرى لجأت إليها السلطة ساهمت في إشاعة التطرف العنيف المبني على قراء معينة للإسلام، ومن ضمنها وقوف الساسي على تكثيف وجود المؤسسات الدينية، عبر إحياء الكتاتيب عوض دور الأطفال العصرية، ثم توسيع مكانة التعليم العتيق، الذي تم تحويله فيما بعد إلى التعليم “الأصيل”، كما أن محاربة الفلسفة وإغلاق شعبها والتحالف مع الجمعيات الدعوية لمحاربة الأفكار “المستوردة”، ونزول الدولة بكل ثقلها لإحياء المواسم والمناسبات الدينية، كلها عوامل ساهمت في تخصيب التربة المغربية لتقبل التطرف العنيف.
ووقف الساسي على أن القراءة الحرفية للنص الديني من بواعث التطرف العنيف، متهما أصحاب هذه القراءة بالانتقائية لأنهم “لا يستطيعون تعميمها”، يقول الساسي “إنهم يستعملون القراءة الحرفية في الإرث لأن الضحية امرأة ولا يجرؤون، ونحن نعيش في منتظم دولي، على استعمالها للدفاع عن الحدود“، معتبرا هاته القراءة جعلت الدين الإسلامي يقدم في علبة مغلقة منذ 12 قرنا، وختم الساسي كلامه بأن الإسلام الذي روجت له السلطة “يؤسس لقيود الحرية قبل الحرية”، داعيا لقراءة تنويرية وعقلانية وسياقية للنص الديني.
خديجة الرياضي، منسقة التنسيقية المغربية لمنظمات حقوق الإنسان، التي قدمت خطة عمل المجتمع المدني الأورومتوسطي من أجل الوقاية من التطرف العنيف، وهي خطة وضعتها 172 منظمة في مناظرة ببرشلونة في يناير 2017، قالت إنه يجب التمييز بين التطرف والتطرف العنيف.
وأضحت أن “التطرف قد يكون شكلا من أشكال التمرد الإيجابي”، مشيرة إلى أن مفهوم التطرف” يلتبس حين تتحول المطالبة بالحق تطرفا”، معتبرة أن التطرف العنيف ينبني على إيديولوجيات مغلقة وعنيفة تستند عليها حركات يمينية أو يسارية، وشددت الرياضي على العنف البنيوي الذي تتبناه الدول، والذي يمارس عبر سياسة إقصائية قد تؤدي للمس بـ”الحق في الحياة من خلال تدني مستوى العيش”.
وأثار الباحث أحمد عصيد، دور وسائل التواصل الاجتماعي في تفشي العنف، معتبرا أن التكنولوجيا التي تصنع في الغرب حينما نستوردها في مجتمعاتنا، “يتم استعمالها غالبا في نشر التخلف”، حيث اعتبر أن صفحات الفايسبوك يملؤها العنف من خلال السب والشتم والقذف، في حين أن نقاش الأفكار محدود جدا، يقول عصيد داعيا إلى نوع جديد من الإيمان الذي ينبني على احترام الاختلاف ولا يكون فيه المؤمن وصيا على إيمان الآخرين.