مصطفى تاج
هل سمعتم يوما عن “كومبارس” اعترض على “مضامين” “مشهد” أو ناقش “المخرج” أو “المنتج” في حلقة من حلقات “المسرحية المعدة سلفا”؟
فكيف تطلبون من “الكومبارس” أن يثور ويقلب الموازين وهو أول وآخر همه “طرف د الخبز” ينعم عليه به “المخرج” بعد موافقة ونيل رضى “المنتج”.
ذاك حال “قيادات أحزاب الأغلبية الحكومية” اليوم…التي ارتضت لنفسها أن تجتهد بالكلمات والتعابير لأداء مهامها على أحسن وجه، لعل وعسى أن ينتقل الحزب السادس من “كومبارس درجة سادسة” إلى “كومبارس درجة ثالثة”، وينتقل الحزب الثالث من “ممثل بدور ثالث” إلى “بطل الحلقة القادمة”…إلى آخر الحكاية في مشاهد تراجيدية تنتقل ببلادنا من آمال وأحلام البناء الديمقراطي السليم عبر التدرج…إلى الارتداد الديمقراطي عبر التدحرج.
إننا والله أعلم أمام حالة استثنائية في المشهد السياسي المغربي الحديث، حيث أصبح “المخزن” مرتاحا لا يحتاج لكثير من الجهد لتبليغ رسائله، وتحقيق مخططاته، وحيث تم تعويم وتعميم الحس المخزني في مختلف الحساسيات الحزبية، حتى الوطنية والديمقراطية منها، بعدما وجد أبوابها مقفلة لعقود من الزمن، مما اضطره في فترات متعاقبة لخلق دكاكين منافسة ومواجهة..
أما الآن، والصورة جلية للعيان، فلم يعد لزاما أن يخلق “المخزن” أحزابا إدارية كما اعتاد على ذلك، في مواجهة الأحزاب الوطنية الديمقراطية، بعدما تمكن في ليالي غادرة من اختراق هذه الأحزاب نفسها وتدجين بعض قياداتها، وتعيين سفراء له فيها، يأتمرون بأمره وينعمون بنعمه، وهدفه وأد المذاهب الإيديولوجية والمبادئ الديمقراطية من الداخل، وإحقاق “الانسلاخ” التدريجي لهذه الأحزاب من تاريخها، مواقفها وقراراتها، والتشبه ب”أحزاب الهرولة والكوكوت مينيت والهيشيك بيشيك”.
نعم، للأسف الشديد، هي حقيقة صادمة ومستفزة، تدعونا جميعا ومن بقي في قلبه ذرة حب وغيرة على الديمقراطية في هذا البلد، وكل من يؤمن بضرورة “ممارسة الممانعة في مواجهة أطروحة الأفول” إلى قراءة هذا الواقع المتحول بتأن وبصيرة، وبسط سيناريوهات المواجهة النضالية الممكنة، فوا الله لسوف يحاسبنا التاريخ حسابا شديدا، لو ارتضينا لأنفسنا هذه المذلة وهذا التحكم الفاحش في البلاد والعباد.
إن “حملة التجييش” التي يسلكها المخزن اليوم وأدواته على ساكنة مدينة الحسيمة الأبية شبيهة بشكل كبير ب”الحملة الممنهجة” التي يسلكنوها مع كل صوت ممانع داخل الأحزاب الوطنية والنقابات العمالية والجمعيات الحقوقية ووسائل الإعلام الممانعة.
“إنهم يريدون خلق جيل من الضباع” على حد قول المرحوم محمد جسوس، وقد بات لزاما أن تظهر نخبة جديدة تقول “لا كبيرة” كما جاء في وصية المجاهد المرحوم أبي بكر القادري.