تمر أنفس كثيرة بأوقات عصيبة هذه الأيام. كثير من الضغط النفسي والترقب ومزيج غريب من الابتهال والمرواغة، طلب السند الإلهي ورجاء المدد البشري، شيء من العقل وشيء من النقل، خوف من التلبس بالغش وجرأة على المحاولة، عتاد ودسائس وذخائر ورقية ورقمية، وسترات وأقمصة وسروايل مفخخة، ساعات يد ذكية فوق العادة، واتفاقات سرّية أسرية – تربوية، وضغوط وأمان، واختزال مخيف ومرعب للوجود بأسره في محطة بعينها، لا يهم أتُعَبرُ بصفة مشروعة أو غير مشروعة، لا تهم الوسيلة إليها، كأنها عصا سحرية يكفي أن تمسكها لتحقق بها المعجزات…
إنها الباكالوريا التي تحولت إلى أم المعارك لكثير من الناس هذه الأيام. امتحان جامع تكشف الطقوس والبدع التي تحيطه عن ارتباك قيمي مخيف لدى طائفة معتبرة من المعنيين به. هناك من التلاميذ من قد يصاب بالاكتئاب أو الإحباط أو الدمار أو يصرخ أو يضع حدا لحياته بسبب شهادة « حاش ربّي » أن تعادل حياة إنسان أو عافيته. هناك أمهات وآباء ينخرطون بشكل مجنون في الحرب من أجل تمكين أبنائهم من هذه الشهادة بأي ثمن. يدخلون في سبات عميق يمتد من الابتدائي إلى آخر سنة في الثانوي، ثم يستفيقون فجأة على نبأ وقوف ابنهم المدلّل أو ابنتهم المصون على باب حرب يونيو. ساعتها تنطلق الاتصالات والاستعلامات والأبحاث عن أنجع الطرق لسرقة فوز غير مستحق من خصم عنيد.
وهذا السعي المحموم وراء شهادات كاذبة ليس مجانيّا. هناك أساسا، في تقديري، ثلاثة تفسيرات جامعة. الأول يتعلق بالمنظومة التعليمية الرديئة والمعطوبة التي تجعل امتحان الباكالوريا عنصرا شاذا عن فصيلته. بعد سنوات من التسامح الضمني مع ممارسات كالغش ونفخ النقط والامتحانات الغريبة والتغاضي عن المراجعات الابتزازية وغيرها من المفارقات الصارخة، يخرج فجأة امتحان يراد له أن يكون محاطا بهالة من الهيبة والصرامة وأعلى درجات التكتم والحرفية. فيجد التلاميذ والأساتذة والأطقم الإدارية، أنفسهم أمام ظاهرة سنوية غريبة تُستقبل استقبال الغرباء..
التفسير الثاني يتصل بكون بعض الآباء يمتلكون « صلات » و »معارف » بمعاهد ومدارس وقطاعات تحتاج إلى الحد الأدنى فقط، من التأهيل (أي الباك) لتُفعّل وتضمن مقاعد لأبناء أصحابها. ومع ذلك، تستمر معاناة أبناء هذه العيّنة داخل تلك المعاهد أو القطاعات شبه التوظيفية بكل بساطة لأن من يعتاد الدفع الخارجي لا يكتسب أبدا القدرة على الدفع الذاتي، أو لا يكتسبه إلا بشق الأنفس وبطء شديد. لكن للأسف النظام القيمي لهذه الفئة لا يكترث.
أما التفسير الثالث الممكن فهو نفسي ـ اجتماعي يتعلق بالتنافس الاجتماعي بين العائلات عموما وحب الظهور: حيث لا يعقل أن يحصل ابن فلان على الباك ولا يحصل ابن الدكتور أو الأستاذة على الباك، أو أبناء الجارة وبناتها دون أبناء الجار/ المنافس. لا يمكن أن يكون جواب السائلين عن ما « دارْت » البنت في الباك غير النجاح. وبذلك نكون أمام امتحان يأتي أصلا غريبا عجائبيا في سياق تعليمي منهك، وأمام أسر لا يهمها أي سياق يأتي فيه وإنما ما قد يرمز إليه أو يوصل إليه، وأمام أبناء/ تلاميذ تحت ضغط رهيب وغير منصف في ظل كل هذا الارتباك. والنتيجة أن الشهادة ومعها التعليم والمجتمع يفقد كل سنة أكثر قدرته على تخريج كفاءات وطاقات واعدة، ليبقى النجاح الأصيل والمستحق نتاج مجهود فردي صرف لمن يؤمن بأن النجاح ليس بداية العالم، وأن الرسوب ليس نهاية العالم، ثم يستجمع أفكاره، ويجلس إلى طاولة الامتحان، يتلقى الصفحة عذراء، ولا يعيدها إلا وهي ثيب حبلى.. تَعِدُ بنجاح وليد..
شريط الأخبار
القاعات السينمائية تحتضن « صدى الذكريات » قريبا
الجامعة تعلن عن نقل مباريات المنتخب المغربي إلى وجدة بعد إغلاق ملعب أكادير
الأسبوع المقبل تنطلق الدورة 22 من مهرجان البولفار بمشاركة 530 مجموعة موسيقية
4 قتلى في إطلاق نار بمدرسة ثانوية في جورجيا الأمريكية
اهتمام بالإنتاج السينمائي المغربي في مهرجان موسترا بالبندقية
اقتراب موعد عرض فيلم « الهاربون من تندوف » في القاعات السينمائية المغربية
القاعات السينمائية المغربية تستعد لاحتضان « على الهامش »
جميلة البدوي رفقة فنان هندي في « ديو » جديد
بداية تصوير عدد من المسلسلات والأفلام لصالح القناتين الأولى والثانية
سينما الجبل… أوزود تحتضن الدورة الثانية لمهرجانها الدولي السينمائي