خلف قرار الحكومة مراجعة مدة التكوين في الطب من سبع سنوات إلى ست سنوات، والرفع من عدد المقاعد البيداغوجية المفتوحة في وجه الطلبة في كل من كليات الطب والصيدلة وكليات طب الأسنان، ردود أفعال متفاوتة في صفوف الأطباء العاملين في القطاع والنقابيين المهنيين فيه، إلا أنها أجمعت على أنه لن يشكل حلا للمشاكل التي تعانيها منظومة الصحة، والتي ترتبط بضرورة اتخاذ خطوة لإصلاح جذري يحفز المتخرجين حديثا لولوج العمل في القطاع العمومي، للرفع من جاهزيته للاستجابة لانتظارات المواطنين.
وقال أسامة العلمي، الكاتب الإقليمي للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام بالقنيطرة، في تصريح لـ »اليوم 24″ تعليقا على القرار الحكومي الجديد، إنه يمثل « إصلاحا لا بد منه »، إلا أنه « لا يحمل حلا لمشاكل قطاع الصحة ».
وأوضح العلمي أن إصلاح منظومة الصحة في المغرب لا زال يسجل تأخرا كبيرا، مقارنة مع إصلاحات عرفتها قطاعات أخرى، مثل قطاع التعليم، وهو القطاع الذي قطعت فيه الحكومة أشواطا كبيرة في الإصلاح، تمخضت مؤخرا عن توقيع اتفاق بين الوزارة والنقابات بحضور رئيس الحكومة، « في حين أن الصحة لا زالت تتفاقم فيها الأزمة ».
إجراء تقليص سنوات دراسة الطب، يضيف العلمي الذي يشغل كذلك منصب طبيب في القطاع العام، إجراء قد يزيد من تخرج الأطباء، لكنه لن ينعكس على واقع القطاع إذا بقيت غالبية الخريجين تختار العمل خارج المغرب، مضيفا أنه « مثلا أكثر من نصف الأطباء الداخليين في سلا سيذهبون لألمانيا، وإذا لم يتم تحسين ظروف الوظيفة العمومية في قطاع الصحة فلا نتائج ترجى من هذا الإصلاح ».
ومن بين أكبر العوئق التي تواجه أطباء القطاع العام، والتي تجعل الخريجين الجدد يعزفون عن الولوج إليه، حسب العلمي، تواضع الرواتب المخصصة لهم مع بداية العمل، والتي تتلخص في 8000 درهم، وقوانين الحراسة والإلزامية.
من جانبه، يرى هشام بحيري أخصائي في طب الإنعاش والمستعجلات، كذلك، أن هذا القرار « لن يحل المشكل، لأن المشكل ليس في المدة، ولكن في التمثين والتشغيل في مجال الطب »، مضيفا أنه « لو كانت الحوافز المادية لن نصل لما وصلنا إليه ».
ويشترك بحيري مع العلمي في الرأي الذي عبر عنه، والذي لخصه في كون تقليص سنة لن يحفز الأطباء المتخرجين حديثا على العمل في الوظيفة العمومية، « لأن المشاكل الأصلية لا زالت قائمة وهي مشاكل الأجور والتعيينات ».
وكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، قد وجه الخميس، رسالة إلى رؤساء الجامعات العمومية، قال فيها، إن خطوة تقليص سنوات الدراسة في الطب، تندرج في إطار تنزيل الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، لاسيما الشق المتعلق بضمان الخدمات العلاجية لجميع الفئات المعنية بالتأمين الإجباري عن المرض.
وأضاف الوزير في الرسالة نفسها، أن وتيرة تكوين الأطر كما هي عليه حاليا، “لن تمكن بلادنا من بلوغ الأهداف المرجوة في هذا الورش، والاستراتيجية الوطنية التي وضعتها الحكومة للارتقاء بالمنظومة الصحية، والتي تتطلب الرفع من أعداد الخريجين وتعزيز الإمكانات والقدرات الطبية الوطنية”.
ودعا الوزير رؤساء الجامعات إلى إشراك جميع الفاعلين المعنيين من هياكل جامعية وأساتذة وشركاء اجتماعيين وطلبة في تنزيل الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية والسهر على إنجاحه، مشيرا إلى أن الحكومة سترصد الإمكانات المادية والبشرية الضرورية لذلك.