دخلت قضية تلاعب فلاحين بقلعة السراغنة في أموال مخصصة لاستصلاح اﻷراضي الزراعية، والذي رصدت لها الدولة حوالي 17 مليار سنتيم إلى البرلمان، بعد أن راسل برلمانيون وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات لمعرفة مصير الأموال المرصودة والتحقيق، الذي فتحته الوزارة بخصوص بعض الممارسات المحتملة.
واعتبرت البرلمانية فاطمة التامني، عن فيدرالية اليسار الديمقراطي أن المشروع لم ير النور، لتظل الأراضي قاحلة كما كانت، مضيفة في سؤال كتابي موجه لوزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أنه تبين أن الإعانة لم تحقق المبتغى، وتم صرفها خارج الإطار القانوني الذي خصصت من أجله.
أوضحت التامني أن القطاع الفلاحي بقلعة السراغنة يعتبر المحرك اﻷساسي للعجلة الاقتصادية بالإقليم، من خلال إنعاش الدخل الفردي للمواطنين والمساهمة في التنمية الاجتماعية بالعالم القروي، مشيرة إلى أن وزارة الفلاحة بادرت سنة 2017 بتخصيص غلاف مالي بـ 17 مليار سنتيم في شكل إعانات مالية للفلاحين بكل من دائرتي أهل الغابة وبني عامر التابعتين لإقليم قلعة السراغنة، من أجل استصلاح الأراضي من النتوءات الصخرية.
وطالبت البرلمانية الصديقي بالكشف عن الإجراءات والتدابير، التي ستقدم عليها الوزارة للوقوف على مآل الأموال المرصودة لمشروع لم يتحقق منه شيء، ومدى تفعيل مبدأ المتابعة والمحاسبة وتحديد المسؤوليات والوقوف على الجهات المتواطئة في تحويل الإعانة إلى وجهة أخرى.
كما تساءل مصطفى إبراهيمي، البرلماني عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية عن عدم قيام مصالح المكتب الجهوي للفلاحة بالحوز بعمليات الافتحاص، والتأكد من صدقية أشغال إصلاح الأراضي قبل الترخيص بصرف الدعم، وترك المستفيدين يراكمون الدعم إلى أن وصل إلى ملايين الدراهم.
يأتي هذا، في الوقت الذي تفجرت فيه فضيحة من العيار الثقيل، وصل صداها إلى المجلس الأعلى للحسابات ووزارة الداخلية ووزارة الفلاحة، تتعلق بملف دعم تنقية الأراضي الفلاحية بإقليم قلعة السراغنة، التي كشفت وثائق وتقارير عن وجود « تلاعبات » فيه من قبل فلاحين.
ودعا فلاحون في رسالة موجهة إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات ووزير الداخلية، ورئيسة المجلس الأعلى للحسابات وعامل قلعة السراغنة والوكيل العام للملك، إلى التحقيق حول ما عرفه ملف دعم تنقية الأراضي الفلاحية بإقليم قلعة السراغنة، بخصوص ما اعتبروه « تلاعبات » في الدعم.
وكشف المتضررون أن بعض المستفيدين من دعم الدولة لا تربطهم أية علاقة بالأراضي الفلاحية موضوع ملفاتهم المودعة لدى المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي الحوز، والذين استفادوا بشكل متكرر من ملفات ابتداء من سنة 2018.
وطالب الفلاحون بمحاسبة جميع الأطراف المتورطة في هذه القضية، التي دفعت بمحمد الصديقي وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات في حكومة عزيز أخنوش، إلى توجيه رسائل إلى العديد من المستفيدين من المنح المسلمة من صندوق التنمية الفلاحية، باستردادها داخل أجل لا يتعدى شهرين، وفي حالة انصرام هذا الأجل بدون أداء ما بذمة المستفيدين، ستقوم الوزارة باسترداد المبالغ التي تسلمها كل شخص عبر تفعيل مسطرة استرداد الديون العمومية.
وأشارت المصادر ذاتها إلى استفادة متكررة لبعض أفراد العائلة الواحدة بمساحات كبيرة، بجماعتي الجوالة والجبيل بدائرة تملالت بإقليم قلعة السراغنة، من خلال الإدلاء بوثائق وتصاميم غير مصادق عليها. وجاء قرار الوزير الصديقي في إطار عملية تتبع ومراقبة مختلف المصالح التابعة لوزارة الفلاحة للمشاريع المدعومة، ليتبين أنه لم يتم إنجاز أشغال إزالة الأحجار في الضيعات الفلاحية المشار إليها في التصميم الطوبوغرافي المرفق بملفات المعنيين.
وتفجر هذا الملف سنة 2019، بعدما احتج العديد من سكان المناطق، التي استفاد البعض من سكانها من أصحاب الأراضي الفلاحية، ونقابة الفلاحين التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، على استفادة أشخاص من الدعم « دون أن تتوفر فيهم الشروط المطلوبة ».
وأكد المحتجون أن ما تم صرفه من دعم لفائدة العديد من الفلاحين، تم في إطار مشاريع وهمية، بينما أشخاص آخرون استفادوا من إعانات مالية مهمة رغم عدم قيامهم بأي أشغال متعلقة بهذا النوع من الإصلاح الزراعي.
هذا، وسبق أن قدمت وزارة الفلاحة ضمن برامج صندوق التنمية القروية دعما للفلاحين، من أجل تنقية الأراضي الفلاحية من الأحجار لتصبح صالحة للزراعة. ويقدر مبلغ الدعم في 30 في المائة من مبلغ التقويم أو الفاتورة مع سقف 7000 درهم للهكتار الواحد، طبقا لشروط محددة.