اعتمد حكم قضائي صادر عن إحدى المحاكم الابتدائية بالمغرب تفسيرا موسعا لجريمة التعذيب وفق ما تنص عليه اتفاقية مناهضة التعذيب والبروتوكول الاختياري الملحق بها.
وصدر هذا الحكم عن غرفة الجنح بالمحكمة الابتدائية ببنجرير الشهر الماضي، في ملف يتابع فيه 4 عناصر من الشرطة على خلفية وفاة الشاب يونس الشبلي في أكتوبر الماضي خلال وجوده رهن الحراسة النظرية بمخفر الشرطة في بنجرير.
وقضت المحكمة بعدم الاختصاص وإعادة تكييف هذه الأفعال من جنح العنف والقتل غير العمدي الناتج عن إهمال صادر عن موظفين عموميين إلى جناية تعذيب وإحالة القضية على غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بمراكش.
وتأتي استجابة المحكمة للدفع بعدم الاختصاص المقدم من قبل دفاع الضحية، وفق نص الحكم الذي نشره موقع « المفكرة القانونية » بالاعتماد على دستور المملكة الذي ينص على « انخراط المغرب وتشبثه بمنظومة الأمم المتحدة لحماية حقوق الانسان ».
وأيضا على « اتفاقية مناهضة التعذيب التي أوردت تعريفا أشمل من التعريف الوارد في القانون الجنائي لمفهوم التعذيب، وذلك بعدم اقتصار الألم أو العذاب الجسدي أو النفسي الذي يرتكبه الموظف العمومي في حق شخص على مجرد الغاية في الحصول من هذا الأخير أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، وإنما يشمل كذلك معاقبة الشخص على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث، أو تخويفه أو ارغامه هو أو أي شخص ثالث ».
ويعرف القانون الجنائي التعذيب بأنه « كل إيذاء يسبب ألما أو عذابا جسديا أو نفسيا يرتكبه عمدا موظف عمومي أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه، في حق شخص لتخويفه أو إرغامه أو إرغام شخص آخر على الإدلاء بمعلومات أو بيانات أو اعتراف بهدف معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو شخص ثالث، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه. ولا يعتبر تعذيبا الألم أو العذاب الناتج عن عقوبات قانونية أو المترتب عنها أو الملازم لها ».
ويذكر أن وفاة الشاب الشبلي داخل مخفر الشرطة ببنجرير، كان وراء تنظيم احتجاجات أمام مقر الشرطة ببنجرير شارك فيها أفراد من عائلة وأصدقاء وجيران الهالك وطالبوا بفتح تحقيق حول ملابسات الوفاة ومعاقبة المتسببين فيها.
وروت والدة الهالك وأخته، استنادا إلى شهود، أنه في حدود الساعة السادسة بتاريخ 5 أكتوبر الفائت، كان المرحوم رفقة سيدة بالحديقة المجاورة لمسجد الراضي ببنجرير، حين استوقفته دورية للشرطة، وبعد تلاسنات مع عناصرها تم اقتياد الشاب إلى مخفر الشرطة.
دخل “ياسين” إلى مخفر الشرطة على قدميه، لكنه خرج بعد ساعات محمولا من قبل عناصر الوقاية المدنية إلى المستشفى الإقليمي، لتتم إعادته على الساعة الواحدة ليلا إلى مخفر الشرطة.
وبعد إرجاعه في اليوم الموالي إلى المستشفى الإقليمي، لفظ أنفاسه الأخيرة داخل سيارة الإسعاف.
وتقدمت أسرة الهالك بشكاية إلى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بمراكش من أجل فتح تحقيق، وهو الذي استجابت له النيابة العامة بإصدار تعليماتها لإجراء تشريح طبي، وإعداد تقرير يكشف ظروف وملابسات الوفاة.
كما فتحت المديرية العامة للأمن الوطني من خلال الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحقيقا لمعرفة الأسباب التي أدت إلى الوفاة.