كشفت دراسة تحليلية أصدرها المعهد المغربي لتحليل السياسات (MIPA) أن مشروع القانون الجديد لإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، الذي صادق عليه مجلس النواب في يوليوز 2025، يمثل «تراجعاً خطيراً عن فلسفة التنظيم الذاتي» ويقوض الاستقلالية التي تأسس عليها المجلس سنة 2018.
وأبرزت الدراسة، التي أعدها الباحث والأستاذ الجامعي محمد كريم بوخصاص، أن التعديلات التي جاء بها النص تقلص من الطابع الانتخابي للمجلس، إذ يُنتخب الصحافيون بالاقتراع المباشر، بينما يُعيَّن الناشرون عبر آليات انتداب، في حين يُفتح الباب أمام تمثيلية مالكي المقاولات الإعلامية غير الممارسين. وحذرت من أن هذا التوجه «يضعف الشرعية الديمقراطية للمجلس المقبل ويحوّله إلى مؤسسة يغلب عليها منطق التعيين والهيمنة المالية».
وأشارت الدراسة إلى أن اعتماد معايير مالية مثل رقم المعاملات وعدد المستخدمين لتحديد تمثيلية الناشرين، يكرس هيمنة المقاولات الكبرى ويقصي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مضيفاً أن «المجلس بذلك يصبح انعكاساً لموازين القوة الاقتصادية لا لروح التعددية الصحافية». كما نبه إلى أن إشراف لجنة مؤقتة، يُعيَّن رئيسها من طرف رئيس الحكومة، على تنظيم الانتخابات المقبلة يتعارض مع استقلالية المهنة ويضع الصحافة تحت وصاية غير مباشرة.
وحصرت الدراسة أبرز الاختلالات التي يثيرها المشروع في ثماني نقاط: تغييب النقاش العمومي، غياب المساواة بين الصحافيين والناشرين، تغليب كفة الناشرين عددياً، اعتماد معايير مالية غير منصفة، فتح العضوية أمام غير الممارسين، إشراف لجنة معينة حكومياً على الانتخابات، غياب تمثيل حقيقي للجمهور، وتشديد العقوبات التأديبية على الصحافيين.
وشددت على أن هذه التغييرات تمثل «نكوصاً عن المكتسبات»، معتبرة أن المجلس الوطني للصحافة مهدد بالتحول من آلية لتنظيم الصحافيين أنفسهم إلى «إطار يخضع لتأثيرات الحكومة ورأس المال»، وهو ما قد ينعكس سلباً على استقلالية المهنة ومصداقية مؤسساتها التمثيلية.
وختم الباحث دراسته بالدعوة إلى مراجعة شاملة للنص القانوني، وإطلاق نقاش عمومي يضمن إشراكاً فعلياً للصحافيين وممثليهم، من أجل إعادة الاعتبار لفلسفة التنظيم الذاتي باعتبارها «ضمانة أساسية لحماية حرية الصحافة ودعم الديمقراطية في المغرب».