في تطور غير مسبوق، أعلن قصر الإليزيه صباح الاثنين استقالة رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو، بعد أقل من 24 ساعة على إعلان تشكيل حكومته الجديدة، ما يعمّق حالة الجمود السياسي التي تعيشها فرنسا منذ أشهر.
وأكد بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية أن لوكورنو قدّم استقالته إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي قبلها على الفور، لتدخل البلاد مجدداً في مرحلة من الغموض السياسي. وكانت محطة BFM TV قد نقلت عن مصادر حكومية أن رئيس الوزراء الجديد فضّل التنحي في ظل الانقسامات العميقة داخل البرلمان وصعوبة تمرير برنامج حكومته.
وتأتي هذه الاستقالة بعد ساعات فقط من الإعلان عن تشكيلة الحكومة مساء الأحد، والتي كانت تهدف، بحسب الإليزيه، إلى « انتشال البلاد من أزمتها السياسية المستمرة ». فقد ضمّت الحكومة عدداً من الوجوه البارزة، من بينها برونو لو مير الذي انتقل من وزارة الاقتصاد إلى حقيبة الدفاع، ورولان ليسكيور الذي تولى الاقتصاد، فيما احتفظ عدد من الوزراء بمناصبهم مثل جان-نويل بارو في الخارجية ورونو ريتايو في الداخلية، إضافة إلى رشيدة داتي في الثقافة رغم متابعتها القضائية.
الاستقالة السريعة تضع الرئيس ماكرون أمام ثلاثة خيارات صعبة: إما الاستقالة الشخصية، وهو خيار مستبعد حالياً، أو حلّ الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة، وهي خطوة محفوفة بالمخاطر في ظل توازن القوى النيابي، أو تكليف شخصية جديدة بتشكيل حكومة أخرى، وهو ما قد لا يغيّر شيئاً في واقع الانقسام السياسي الحاد بين اليسار واليمين المتطرف.
ويعاني المشهد السياسي الفرنسي من جمود عميق منذ الانتخابات المبكرة التي دعا إليها ماكرون منتصف العام الماضي بهدف تعزيز سلطته، لكنها أفرزت برلماناً منقسماً إلى ثلاث كتل رئيسية متصارعة. وقد واجه أسلاف لوكورنو، مثل فرنسوا بايرو وميشال بارنييه، المصير ذاته بعدما أُقيلا إثر صدامات تشريعية حول موازنة التقشف.
وكان من المقرر أن يلقي لوكورنو خطاب السياسة العامة أمام البرلمان غداً الثلاثاء، وسط تهديدات من أحزاب يسارية بتقديم اقتراح لحجب الثقة عن حكومته، غير أن استقالته سبقت ذلك بساعات، لتبقى فرنسا غارقة في أزمتها السياسية دون أفق واضح للخروج منها.
وجدير بالذكر أنه تم تعيين لوكورنو البالغ من العمر 38 عاماً، رئيساً للحكومة خلفاً لـميشال بارنييه الذي استقال بعد فشله في تمرير قانون الموازنة خلال الصيف الماضي. وكان لوكورنو يشغل منصب وزير الدفاع في حكومة بارنييه، واعتُبر من المقربين من الرئيس ماكرون، ومن أبرز الوجوه الشابة في تيار الوسط. وقد جاء اختياره في محاولة من الإليزيه لتجديد الثقة في القيادة الحكومية، وتهدئة التوترات داخل البرلمان، إلا أن الانقسامات الحادة والتجاذبات الحزبية جعلت مهمته شبه مستحيلة منذ اليوم الأول لتوليه المنصب.