تختتم اليوم الخميس في الدار البيضاء المناظرة الوطنية الأولى حول الإشهار التي ناقشت هيمنة المنصات الرقمية الدولية على سوق الإشهار.
انطلقت، المناظرة أمس تحت شعار « الوضعية الراهنة وآفاق المستقبل ». وشارك فيها عدد من المسؤولين الحكوميين والفاعلين في مجالات الاتصال والإعلام والإشهار، إلى جانب مهنيين وخبراء مغاربة وأجانب، ناقشوا واقع سوق الإشهار الوطني في ظل التحولات الرقمية العميقة وهيمنة المنصات العالمية الكبرى على المشهد الإشهاري.
وخلال الجلسة الافتتاحية، أكد وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد أن الإشهار يمثل « رافعة أساسية لتمويل الإعلام الوطني وأداة من أدوات السيادة الثقافية والاقتصادية »، مبرزاً أن التحولات الرقمية المتسارعة فرضت واقعا جديدا أصبحت فيه الشركات العالمية العملاقة، مثل « غوغل » و »ميتا » و »يوتيوب »، تستحوذ على أكثر من 80 في المائة من سوق الإشهار الرقمي بالمغرب، في غياب إطار قانوني منظم وعدالة ضريبية منصفة.
وأشار الوزير إلى أن هذه المناظرة تروم فتح نقاش وطني جدي حول سبل تنظيم سوق الإشهار الرقمي، ووضع تصور جديد يوازن بين حرية الاستثمار وحماية السيادة الرقمية، مع ضمان الشفافية والمنافسة الشريفة بين الفاعلين الوطنيين والدوليين.
من جانبها، قالت إلهام الهراوي، المديرة العامة للوكالة الوطنية للإشهار التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، إن هيمنة المنصات الرقمية الأجنبية « تُهدد مستقبل الفاعلين المحليين، وتؤثر بشكل مباشر على موارد وسائل الإعلام الوطنية »، داعية إلى بلورة سياسة عمومية جديدة في مجال الإشهار الرقمي، وإرساء آليات قانونية وتقنية كفيلة بضمان توزيع عادل للعائدات الإشهارية.
وفي السياق نفسه، دعت لطيفة اخرباش رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) إلى ضرورة ضبط العلاقة بين المحتوى التحريري والمضمون الإشهاري، وتعزيز الشفافية في السوق، مع تمكين السلطات الوطنية من أدوات المراقبة الرقمية التي تواكب التطور التقني.
وتطرقت جلسات المناظرة إلى قضايا متعددة، من بينها التحول الرقمي في الإشهار، ومقاييس الجمهور الرقمي، وإشكالية الضرائب على المنصات الدولية، ودور الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الإشهاري، إلى جانب سبل دعم المقاولات الإشهارية الوطنية وتطوير الكفاءات في هذا المجال.
وينتظر أن تُختتم المناظرة، التي تمتد ليومين، بتقديم توصيات عملية لتأطير سوق الإشهار المغربي، من بينها اقتراح إحداث مرصد وطني للإشهار الرقمي، وفرض رسوم سيادية على الإعلانات الرقمية الأجنبية، إلى جانب تعزيز الدعم الموجه لوسائل الإعلام الوطنية لضمان استدامة مواردها واستقلاليتها التحريرية.
وشكلت هذه المناظرة، التي تنظمها وزارة الشباب والثقافة والتواصل بشراكة مع عدد من الهيئات المهنية، أول محطة وطنية شاملة لتشخيص منظومة الإشهار بالمغرب، واستشراف آفاق تطويرها بما يضمن التوازن بين الفاعلين المحليين والمنصات الرقمية الدولية، ويؤسس لسيادة إعلامية وإشهارية تحمي السوق الوطنية.