من حق الصحفي السيد حميد المهداوي، أن يرفع الصوت عاليا ويصيح في وجهكم و ينشر شيئا عن حقيقتكم، أنتم أعضاء اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر.
حميد المهداوي محق أن يقف امام ملايين المواطنين من داخل المغرب ومن خارجه، وأن يقول لكم لا تتهربوا ولا تبتعدوا عن الموضوع الرئيسي للفضيحة التي هزت عروشكم باللجنة المؤقتة، والتي كشف عنها أمام الرأي العام الإعلامي و الحقوقي وامام العديد من المؤسسات من خلال التسجيل بالصوت والصورة، والتي أظهركم في حالة تلبس مُشاهد مشهور وعلني أثناء القذف و السب فيه وفي حق دِفاعه، وانتم تفكرون كيف يمكن لكم ممارسة الاوتانازي لقتله المعنوي دون ضجيج ودون ترك بصماتكم على أوراق الإدانة والفناء التي لمسها الرأي العام عندما كنتم في لحظات مداولاتكم مضطريبن من شدة ما تصنعونه بإنسان بسبب معارضة مواقفكم و آراءكم و سوء استعمال سلطاتكم …
وحتى أنت يا يونس، وانت كبيرهم و الوصي عليهم باللجنة المؤقت للصحافة، تُفتي و تعلن بعبارات تسوقتها من معجم الطيش و المراهقة ، بانك ستضع محاميي دفاع السيد المهداوي تحت الحذاء وكأنهم لا شيء في الكون لتكون أنت يا رئيس، صاحب أول سابقة إجرامية في حق المحامين الذين لم يسيئوا إليك ولم يتحدثوا إليك ولم يرافعوا أمامك ولم يخاطبوك ولم تصدر عنهم أية إشارة إليك..، فاخترت وقررت أن تضربهم مجانا تحت الحزام بعد أن توجهت بلكماتك وجه السيد المهداوي، وكُتِب لك النصر مع أهل بيتك باللجنة المؤقتة، وخصوصا لما اقترحوا عليك بسبب ما لك من نفوذ وغرور بنشوة مهمة الرئاسة، أن تتوجه بهمسة كتابية وكلمة ناعمة للسيد فلان … UN PETIT MOT POUR A ، و استمتعت ب LES GROS MOTS التي استعملوها ضده وضد هيئة دفاعه بأصوات رنانة ومدوية دون خجل ولا حياء.
إنكم لم تتركوا يا أصحاب اللجنة أحدا دون أن تتورطوا في الاساءة إليه بشكل أو بآخر بالواضح او بالمرموز،
فقد أسأتم لممثل الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية باللجنة وهو قاضي، من دون أن تقدروا مهمته ووظيفته والجهة التي يمثلها، عندما فكرتم في استعمال رئيس مؤسسة دستورية لخدمة مصالحكم بكل وقاحة…
و اساتم للسيد A و تعاملتم مع اسمه وكأنه في خدمتكم، و تحت امرتكم، يمكنكم دون أي حرج استقطابه لصالحكم، والانحياز لظلام ظلمـكم و ظُلمة مداولاتكم لمناصرتكم في تصفية السيد المهداوي والاجهاز على القانون والمشروعية والمحاكمة العادلة…
و أسأتم لقيم الدستور لما اجتمعتم لمحاكمة السيد المهداوي فانقلبتم من هيئة للتأديب لهيئة للتهديد عابثين بواجبكم في الحياد و التجرد والنزاهة والوقار وضمان الامن القانوني للسيد المهداوي، أنتم بالهيئة الذين يجب أن تتحلوا بما يجب أن تتحلى به كل هيئة تأديبية أو قضائية تقبض بيدها سلطة قانونية على الأشخاص تصل حد معاقبتهم و المساس بحرياتهم إن اقتضى الأمر..
و أسأتم في النهاية لمهنة الصحافة تعرفون من بناها ومن قاتل من أجل استقلالها ومن أجل حصانتها ومن أجل رفع الظلم عنها وعن أهل بيتها من صحفيات ومن صحفيين ، ومن يعتبرهم الوطن و التاريخ ضمائر مهنة المتاعب أمثال: أحمد بنجلون، عبد الكريم غلاب، محمد الوديع الآسفي، علي يعتة، عزيز بلال، خالد الجامعي، علي المرابط، محمد برداة، حسين كوار، عبد اللطيف جبرو، عبد اللطيف عواد، طالع سعود الأطلسي، أبو بكر الجامعي، نرجس الرغاي، مليكة ملاك… وغيرهن وغيرهم من الراحلين الخالدين أو ممن ما زالت قلوبهم تقذف الحياة في مهنة الصحافة حتى لا تموت، وهم من شرفوا الصحافة والصحفيين وواجهوا عتات المسؤولين، و رفضوا أداء الخدمات الزائفة بالمقابل للمتربصين بحرية الصحافة و للانتهازيين و لاصحاب النفوذ و المال ممن يحسبوا عظامهم من خشب تستعصي على القانون و على المساءلة…
و أسأتم للمحاميات و للمحامين، بنعوت متدنية من أدب و شعر الصعاليك بمعانيها في معجم لسان العرب أمثال الشنفرى وتأبط شرا ، و عبرتم عن فقر في الالتزام باحترام الهيئات المنظمة مثل هيئات المحامين، ولم تنتبهوا بأن الإساءة للمحامي و التطاول عليه هي الاساءة للقاضي سواء باللفظ الصريح أو المضْمر الضمني، فاشعلتم الحروب في بيتكم والتي لن تقدروا على إخمادها بسهولة ودون اعطاب قد تصيبكم … فلستم لا انتم ولا غيركم في موقع يعطيكم جرعة تقتحمون بها بيت المحاماة و سمعة المحامين
ولا شك أنكم لا تعلمون ما معنى المداولات وفلسفتها، و بالطبع من لا يعلمها لا يعلم ما هي مسطرة التأديب والعقاب والدفاع، ولا يحق له أن ينتسب لهيئة للمراقبة او للتحكيم أو للتأديب أو لاصدار القرارات و الأحكام العقابية مثل هيئتكم…
ولا شك تجهلون أن الأصل في المداولات التأديبية أو القضائية هو السرية والكتمان وعدم عِلم الغير بمجرياتها و الآراء المعبر عنها خلالها.
ولا شك أنكم كذلك لا تعلمون بان المداولة سواء بين أعضاء لجنة التأديب أو أعضاء محكمة الحكم، تعني قطع الصلة بين الهيئة أثناء التداول بكل ما يحيط بالمتداولين وبمكان تأملهم وتعَبدِهم مع ضمائرهم و وجدانهم، وقطع الهواتف عنهم، وإغلاق الأبواب عليهم، عن يَسارهم و يَمينهم ومن خلفهم، ووضع الحواجز الصلبة حولهم حتى لا يخترق هدوئهم و اطمئنانهم لا جن ولا إنس، وحتى يعتقد المتداولون بأنهم أهل كهف من فرط العزلة.
انتم اهل باللجنة و كما تظهرون على الشريط الفضيحة، يا اصحاب قاعة المحاكمة والمداولة في ملف السيد المهداوي، انتم من صنع الشريط لانكم انتم من صور القاعة ومن فيها من الأثاث البشري ، وأنتم من سب و قذف، و انتم من هدد وارْعد، و انتم من انتهك سرية المداولة، وبالتالي انتم اول من يجب استجوابهم ومساءلتهم، و ليس السيد المهداوي الذي تحدث عن فضيحة اجتماعكم وعلق عليها،
و انكم بالطبع بالشريط الحي، الشاهد و الناطق، لم تعودوا اصحاب الملف الفضيحة، لان القضية لم تعد تعنيكم وحدكم ولا تعني لجنتكم وحدها، بل أصبحت قضيتكم ومداولاتكم و تصرفاتكم قضية رأي العام تجاوزتكم و تجاوزت المهداوي وتجاوزت يونس مجاهد وتجاوزت غضبكم و وعيدكم وعضلاتكم و عقلياتكم وسلطتكم..، فالقضية اليوم بيد الرأي العام أولا وأخيرا، فما عليكم إلا انتظار حكم الرأي العام الذي لا يعنيه من سرب الشريط و من يكون ، أكثر مما يشغل باله مضامين مداولاتكم ونقاشكم ومضامين كلامكم ومفرداته وفقراته ، بدايته ونهايته….
ومن هنا عليكم قول الحقيقة بكل نزاهة و شجاعة ودون حسابات، فلا مفر من معرفة حقيقة ما جرى ، مهما كان الثمن حتى لو تطلب الموقف إسناد البحث في الأمر للجنة تحقيق برلمانية، أو لجنة تحقيق مجتمعية من مؤسسات مهنية للصحافة مستقلة ومن ممثلي المنظمات الحقوقية، أو تطلب الأمر تحقيقا قضائيا تحت إشراف النيابة العامة، أو تطلب لجنة دولية من المنظمات الدولية للصحفيين و للمعنيين بحرية الصحافة والرأي، أو لجنة من مجلس حقوق الإنسان برئاسة المقرر الخاص المعني بحرية الرأي و التعبير….
أنتم باللجنة لستم الجهة التي لها حق التأويل و التفسير لِما هو مدون بالشريط ، ولستم المؤهلون للبحث عمن أخرج الشريط من مقر اللجنة ومن سلمه لحميد المهداوي أو لغيره، لانكم انتم الأصل في شريط الفضيحة بصوتكم و خرجاتكم وإشاراتكم واقوالكم ، و بالتالي فقد تأكد أنكم على مسافة بعيدة من الثقة حتى يسترشد أو يؤخد برأيكم و بحكمكم، لانكم تخلطون بين اجتماع لجنة التأديب و الحكم بما تفرضه في اعضائها من واجبات التمسك بالتعقل و بالحياد و بالحكمة، وبين اجتماع لجنة مباراة للمبارزة يقول فيها الحكام ما شاؤوا و يتحركون متى شاؤوا و يتحدثون مع من شاؤوا…
إن ما كان منتظر من مؤسسة مثل المجلس الوطني للصحافة هو أن يجتهد حتى يصبح مرجعا و مدرسة لعِلم الصحافة، و ان يُرافع حتى يصبح بحق محامي الدفاع عن المهنة وعن الصحفيات وعن الصحفيين، ولكن يظهر أن لجنتكم غابت عنها هويتها الحقيقية فانقلبت إلى سلطة العقاب و التأديب بسلاح الشطط عوض سلاح القانون، و اتضح أن الجهاز المؤقت لتسيير قطاع الصحافة ومن خلال التسجيل بالصوت و الصورة كما تم نشره بفيديو يظهر فيه الأعضاء بالمجلس وهم يتداولون بحضور أشخاص غرباء عن المجلس التأديبي ، ويسمع صوت السب والتهديد من داخل القاعة، ويسمع كلام خطير وهو يقول وينادي ببعث… UN PETIT MOT POUR A تبقى قراراتها و مداولات أمام هذه الحالة لا تقبل الاحارام وساقطة عنها المشروعية ، باطلة ولا يترتب عنها أي أثر…
ويتضح من وقائع الشريط الخاص بمداولات مجلس التأديب الذي ترأسه السيد السلامي على ما يبدو، أن الأعضاء كلهم ارتكبوا إخلالات بمناسبة المداولة بصفتهم الجماعية، وعلى رأسها كشف السرية بالتسجيل بالصورة والصوت وبحضور من لم يحضر جلسة المناقشة ، و بالتالي فقد عمدت اللجنة لتنفيذ عملية ذبح لقاعدة من قواعد النظام العام ، فانتقل أعضاء من مجلس تأديبي بمؤسسة مهنية تحكمها التقاليد و الاخلاق، و اصبحت حلقة من الأصدقاء يتناوبون على فَريسَتهم حميد المهداوي، يبحثون كيف َيفتضُوا حريته ويحرقون مستقبله و كيف يختارون العقوبة التي تعذبه و تعذب أسرته وتغلق صوته و تفرض عليه الصمت الدائم النهائي، لكي يشعر الفريق داخل اللجنة بالراحة من أصوات الصحفيين المتحررين من الهيمنة ومن التبعية ومن براتين المال من الممارسين لمهنتم بحرية ومسؤولية ومهنية .
إن المجموعة التي ارتكبت هذه المخاطر المهنية بالرغم من انتمائهم لأشرَفِ المهن وهي مهنة الصحافة، لابد أن يدركوا حتى ولو كانوا يعتقدون بأنه بقدرتهم الإفلات من العقاب ، أنه يمكن للقانون أن يتصدى لمساءلتهم و لمؤاخذتهم من أجل أفعال تدخل في ظل القانون الجنائي مثل:
التواطؤ بين من يملكون سلطة على الأفراد و على حقوقهم ، ومن اجل إفشاء سر المداولات، ومن أجل السب والقذف، ومن أجل اهانة هيئة منظمة، ومن أجل استغلال النفوذ، ومن أجل التحريض على ارتكاب أعمال تتنافى مع احترام استقلال القضاء…. وغير ذلك.
إن سلطتكم باللجنة المعنية ستنتهي يوما ما ، و ستبقى سلطة المساءلة الحقيقية و العقاب الناجع لمن سمح لنفسه سلوك مثل ما سلكه فريق تأديب السيد حميد المهداوي، هي سلطة التاريخ و الضمير و الرأي العام، وليست سلطة الكراسي و المناصب و المؤسسات، وكما قال المتنبي:
● هي الأخلاق ترفع كل بيت وان كان البناء من الجَريد. فما يجدي البناء بلا ضمير وإن كان الجدار من الحديد.
● فالناس، هذا حظه مال، وذا علم، وذاك مكارم الأخلاق.
إن الإنسان هو مواقفه، و صورة المؤسسات من صورة مسؤوليها، لكن مواقف اللجنة المؤقتة تتقلب حسب الأحوال، فنجدها مثلا تعلن الغضب و الاحتجاج على انتهاك أخلاقيات الصحافة وقواعد الصرامة المهنية في مواجهة جريدة لوموند الفرنسية لما نشرت سلسلة من المقالات عن المغرب في شهر غشت الماضي، ونجد اللجنة نفسها تناقض هذا الموقف لما هبت لممارسة سلطة التأديب في حق مواطن صحفي هو السيد حميد المهداوي، وتجاوزت كل شروط الصرامة مع المبادئ ومع شروط المحاكمة والتعامل مع الصحفيين… مما يطرح السؤال عن دورها المهني الحقيقي وحرصها على مصر القيم و مدونة الأخلاقيات.
إن مهنة الصحافة اليوم ومع الأسف، تتلقى الضربات القاتلة أقوى من ضربات عهد الرصاص، و الغريب انه تشن حرب علىيها وعلى الصحفيين من أهلها ومن قلب أجهزة مهنية منظمة قبل أن تعتدي عليها أجهزة السلطة والفاسدين من أصحاب النفوذ، وهذا وضع مرفوض لأننا مجتمع نحتاج لدراع اعلامي وصحفي مهني سليم يشتغل من أجل نشر قيم الديمقراطية وحقوق الانسان، وتوزيع الخبر و الحق في الوصول المعلومة ، و مساءلة أصحاب السلطة مركزيا وجهويا ومحليا، ونحن كذلك مجتمع نعيش ازمة الحروب المجتمعية الحقيقية مثل الحرب على الفساد وعلى الرشوة وعلى الشطط وعلى الفقر وعلى انتهاك المشروعية و القانون، وأننا في زمن بناء القدرات من أجل تنظيم الحكم الذاتي في الصحراء المغربية للجواب على انتظارات الشعب المغربي أولا وانتظارات المنظمات الاممية و قواعد الشرعية الدولية، فما أحوجنا لمؤسسة صحفية متماسكة تدفع الوعي العام نحو الإسهام في بناء مغرب المستقبل، مؤسسة تتصدى لإختراق صفوفها و لا تقبل جرها نحو الانزلاق في الصراعات المصطنعة التي لا تنتج سوى الضعف والتفكك …
كما أننا في زمن الاستماع انتظارات جيل Z وخلق فرص مغرب لكل المغاربة وفي مقدمتهم الشباب، الذي أنهكته السياسات العمومية وحطمت مخاطرها صبر المواطنين وتطلعاتهم..،
لقد مضى زمن الاستبداد، ولابد ان ينتهي معها عصر وحضارة المستبدين، وبالتالي على الصحفيين و الصحفيات خوض بريسترويكا مهنية، لكي تنتعش الممارسة الصحفية وتتسع حرية الرأي و التعبير، و لكي تستعيد الصحافة مجدها و يغرس الصحفيون جذورها في المجتمع و يسْقُوها بأخلاقهم واقلامهم، حتى لا يبقى بينهم دخيل و لا مناور ممن يهمس …UN PETIT MOT POUR A ويصيح أمام الكاميرا بعبارات هي من صنف DES GROS MOTS كما فسرها حميد المهداوي قبل أيام أمام زملائه وأمام كل المواطنين…