العثماني وتحدي أسلوب بنكيران

30 أبريل 2017 - 11:00

عندما تم إعفاء عبد الإله بنكيران في 15 مارس 2016، خرج من القصر بعد لقاء قصير مع مستشاري الملك، فاتصل به صحافي من وكالة رويترز لأخذ رأيه حول ماذا سيفعل، فرد بتلقائيته المعهودة: «سأذهب لأتوضأ وأصلي وأواصل العمل»، وعندما سأله صحافي عن مدى رضا الملك عنه، رد عليه: «الرضا لأمي والاحترام للملك».. هذا نموذج من أسلوب بنكيران، الذي أطلق عليه الباحث مصطفى بوكرن اسم «البنكيرانية»، وهو أسلوب يقوم على التلقائية، المواجهة، الصراحة، والجرأة، والتواصل المستمر في كل اللحظات، وإشراك الرأي العام عبر تبسيط السياسة بكل الوسائل، بما فيها استعمال النكت والأمثال الشعبية، حتى أصبحت خطب بنكيران تتداول على مواقع اليوتيوب، ومداخلاته في البرلمان تحظى بتتبع كبير. فكيف سيتعامل سعد الدين العثماني مع تركة هذا الأسلوب الذي كان له وقع خاص؟

الكثير من المتتبعين يرون أن العثماني سيعاني جراء هذه التركة، لأن الناس سيلجؤون إلى مقارنته ببنكيران. وحسب مصدر من البيجيدي، فضل عدم ذكر اسمه، فإن العثماني شخص «متكتم وقليل التواصل ولا يميل إلى المواجهة»، كما أنه يميل إلى التحدث بهدوء بعيدا عن أسلوب بنكيران الذي يجمع بين الجد والهزل والانفعال. ويرى عبد العزيز الرماني، الباحث في التواصل، أنه سيكون من الصعب مقارنة أسلوب الرجلين، أو محاكمة العثماني بأسلوب بنكيران، وذلك للأسباب التالية: أولا، «بنكيران ظاهرة إعلامية وتواصلية فريدة في تاريخ رؤساء الحكومات»، بل إنه يعتبر «ظاهرة استثنائية»، فهو يستعمل كل الطرق للإقناع، «النكت والسخرية والأمثال والمعاني»، ثانيا، «نجح في تقريب رجل السياسة من رجل الشارع، وأقنع الناس بالقرارات غير الشعبية». وفي المقابل، فإن العثماني له تجربة أخرى، فهو طبيب نفسي، وفقيه، «شخصيته بعيدة عن استعمال الأساليب الشعبوية بالمعنى الإيجابي للكلمة»، لكنه أيضا شخص «يتصف بالتواضع والأخلاق»، يقول الرماني، و«هما قيمتان سيكون لهما أثر في عمله». في السياق نفسه، يرى عبد العزيز قراقي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، أن العثماني يتميز «بخلفيته الثقافية وجمعه بين الطب والفقه»، وهي خاصية ستجعل خطابه أقرب إلى النخبة منه إلى الجماهير. حسب قراقي، فإن بنكيران وصل إلى الجماهير لأنه تقمص صورة الشخص المغربي المثالي، الذي يقدره المغاربة، فهو نظيف اليد، ولم ينتقل للعيش في فيلا رئاسة الحكومة، ويتواصل باستمرار، وينفعل، ويبكي ويضحك، ويستعمل بشكل مكثف وسائل التواصل الاجتماعي، يقول قراقي: «الجماهير لن تنسى بنكيران بسهولة».

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

كريم منذ 7 سنوات

...أكتب تعليقك

مواطن منذ 7 سنوات

السيد سمير ليكن في علمك أن بن كيران كان أستاذا سابقا في المدرسة الوطنية ENES للدراسات العليا وطالبا في المدرسة المحمدية للمهندسين سابقا ونضالاته وحبه للحرية والديمقراطية حالت دون ذلك. الله يهديك.

samir منذ 7 سنوات

بن كيران لم يقم بتبسيط السياسة أو تقمص شخصية أو .... بل تلك شخصيته الحقيقية إنسان بسيط التفكير مستواه الثقافي قريب لثقافة الطبقة السائدة في المجتمع المغربي التي يتفشى فيها الجهل و الامية سهلة الاستلاب . هذا يفسر تواصله و شعبيته لذى هذه الفئة كما يفسر اسلوبه في الحديث و الاقناع و هفواته و قفشاته

مهاجر منذ 7 سنوات

بن كيران أحبه الإسلامي والقومي والعلماني والليبرالي وحتى الجماهير العربية فهو فقيه في فقه الواقع يضرب على الأوتار كلها. هو زرياب السياسة المغربية العربية بدون منازع. لو سمح له بولاية ثانية فما على الحيتان والتماسيح إلا تسليم المفاتيح أو القبول بالأمر الواقع. كيف يمكن لرئيس حكومة الجمع بين الحكومة والحزب في يد واحدة ؟ حتى في الدول الغربية لا يستطيعون فما بالك في دولة يسودها التحكم ومناورات مسامر الميدة. لكن بن كيران الكاريزما نجح في الجمع بينهما رغم استعصاءهما وصعوبتهما. لا ينظر ويراقب بل يتدخل ويقوم ويصلح ويعالج ويتحدى

التالي