يونس مسكين يكتب: نظرة متفائلة

02 مارس 2020 - 18:20

1 – كورونا

في بدايات انتشار فيروس «كورونا» الجديد، الآخذ في اكتساح العالم حاليا، علّق بعض الظرفاء قائلين، إننا المغاربة سوف ننتظر إعلان فرنسا انتشار الوباء داخلها، لكي نتحرك بدورنا للتعاطي معه، لأننا «لا نضحك إلا للنكتة التي تضحك مجتهدة القسم». في الأسبوع الماضي، خرجت الدولة الفرنسية، وعلى رأسها إيمانويل ماكرون، لتعلن لمواطنيها أن الوباء الجديد قد حلّ بديارهم، وأن خطر انتشاره الكبير، على اغرار ما حصل في إيطاليا، قائم، ولم يجد الساسة والمسؤولون الفرنسيون أي حرج في القول: «سوف لن نكذب كما كنا نفعل في الماضي». لقد ضحكت مجتهدة القسم، لكننا لم نضحك. هل صحيح أن مناعتنا الصحية أقوى من تلك الأقوام القريبة والبعيدة التي ابتليت بهذا الفيروس الذي يرافقه تهويل يفوق خطورته الحقيقية، أم إن حالنا شبيه بالحالة المصرية، حيث أعلنت كل من فرنسا وكندا اكتشافها إصابة أشخاص قادمين من مصر بفيروس «كورونا»، فيما تستمر القاهرة في إعلان «نظافة» ترابها من هذا المرض؟

2 – سبتة ومليلية

علاقتنا بترابنا الوطني يكتنفها بعض التناقض الغريب وغير المفهوم. فنحن الدولة التي تهتز أركانها وينتفض شعبها إذا نشرت قناة إعلامية أجنبية خريطة البلاد مبتورة من الصحراء، لكننا نتفرج غير آبهين بالمعركة التي تدور حول مدينتي سبتة ومليلية. لقد أطلق الملك محمد السادس، منذ اعتلائه العرش، سياسة جديدة تجاه الواجهة الشمالية من مملكته، عنوانها المصالحة السياسية والتنمية الاقتصادية. ورغم ما اعترى هذه السياسة من عثرات في السنوات الأخيرة، خاصة مع منطقة الريف، فإن النهج الاقتصادي القائم على سحب بساط النمو من المدينتين المحتلتين، وإقامة بنيات الاستثمار والتجارة والنقل الدولي في المناطق القريبة من المدينتين السليبتين، بدأ يؤتي ثماره، وأصوات «الوجع» التي ترتفع هذه الأيام من داخل إسبانيا دليل على ذلك. هي مرحلة جديدة لاستعادة السيادة الكاملة للمغرب على واجهته الشمالية، يمكن أن تتحول في المدى البعيد إلى فرصة لاستعادة المدينتين المحتلتين. لكن أقصى ما بلغته أصواتنا، هو التحذير من انعكاسات منع التهريب على الشرائح الاجتماعية التي تعيش عليه. حلل وناقش.

3 – الجفاف

نحن الآن في بداية شهر مارس، والتساقطات المطرية اللازمة لتحقيق موسم فلاحي متوسط لم تلح في الأفق بعد. أصولنا القروية وعاداتنا الاجتماعية المرتبطة بالأنشطة الفلاحية تكفي لنعرف أننا بتنا عمليا في سنة جافة، أو أقل من متوسطة على الأقل. سوف لن نعدم الخبز والطعام هذه السنة دون شك، فالأسواق العالمية باتت تتولى مهمة توفير الطعام بما يزيد أحيانا عن حاجة البشرية، فتلقيه في أعماق البحار، لكننا سوف نواجه انكماشا اقتصاديا وانخفاضا في معدل النمو وتراجعا في فرص الشغل، خاصة منها الفرص الموسمية المرتبطة بالفلاحة. وفرص انتقال بعض مواطنينا إلى الحقول الأوربية لجني المحاصيل سوف لن تسمح لنا بـ«تصدير» الخصاص الذي ينجم عادة عن سنوات الجفاف. الوزير الوصي على هذا القطاع، عزيز أخنوش، منغمس في واحدة من لحظات احتجابه التواصلي التي يدخلها كلما انفجرت حوله أزمة. أتباعه يصارعون «شائعات» استقالته واعتزاله السياسة، وبالتالي، «ما كاين بو الوقت» لطمأنة المغاربة بخصوص محصولهم الفلاحي.

4 – عصى بنموسى

نكاد نكمل نصف «الولاية» الممنوحة للجنة شكيب بنموسى لتحضير النموذج التنموي الجديد. ماذا تحقق؟ وأين وصلنا؟ لا شك أن أعضاء اللجنة لديهم الكثير مما يمكنهم قوله بهذا الشأن، لكنه لا يعني أي شيء. شخصيا، اعتبرت منذ اليوم الأول أن النجاح الوحيد الممكن لهذه اللجنة، أن تتمكن من إحداث دينامية جديدة تستعيد الثقة وتحقق التعبئة. لا يمكنني، مهما أحسنت الظن، أن أصدّق أن سفيرنا في فرنسا يملك عصى موسى، وسيكفيه أن يهش بها على النموذج القديم لكي يفر هاربا ويتركنا نبني نموذجا جديدا. ولا أومن أيضا بأن مجموعة من الأشخاص، وإن كانوا عباقرة ووطنيين، سيعثرون لنا على وصفة الخلاص باجتماعهم لبضعة أشهر، وقيامهم ببضع زيارات ميدانية إلى أطراف البلاد. لا يعقل أن تكون أزمتنا مرتبطة فقط بتصوّر نظري كنا بحاجة إلى من يكتبه. إننا في حاجة إلى من يعيد إلينا التماسك واللحمة والإيمان بقدرتنا على الفعل الجماعي وبشكل إيجابي. وحتى إذا كان النموذج التنموي جاهزا، وكل ما يجري حاليا مجرد «إخراج» لمنحه التغطية اللازمة، فإنه لن يجد الجسم الداخلي القادر على التفاعل معه. كثير من الأدوية والعلاجات فشلت فقط لأن الجسم بات عاجزا عن التفاعل.

5 – إعدام صامت

دخلنا الشهر الثالث من العام 2020، ولم نحصل بعد في «أخبار اليوم» على الدعم السنوي المستحق عن سنة 2019. التزامات الجريدة لفائدة مؤسسات الضمان الاجتماعي والتغطية الصحية، وتجاه أجرائها المحرومين من رواتبهم، لا تعني شيئا لحكومة سعد الدين العثماني؟ إنها مشغولة بتلميع نظارات المغاربة، وحملهم على التخلص من النظرة المتشائمة إلى الواقع. لا شيء مهم، إنها مجرد جريدة قُتلت قبلها الصحف والمجلات. فقد سجّل التاريخ أن القائد السياسي التاريخي، عبد الرحمان اليوسفي، قد أشّر على شهادة وفاة مجلة «لوجورنال»، وبعده وقّع الزعيم الاستقلالي، عباس الفاسي، قرار إغلاق وتشميع مقر جريدة «أخبار اليوم» في شهور تأسيسها الأولى، فما المانع من تسجيل شهادة وفاة جديدة باسم سعد الدين العثماني؟ الأهم أن ننظر إلى الواقع بنظارات التفاؤل.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي