قال نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، إن جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية وما خلفته من تداعيات اقتصادية واجتماعية بالمغرب، أعادت للواجهة إشكالية الحفاظ على السيادة الوطنية، مما يفرض إعادة طرحها بمضامين جديدة، برزت بفعل استمرار الوباء والتواترات الجيوسياسية المقترنة بالحرب الروسية في أوكرانيا، مما قلص حسب بركة، من فرص الاستكانة إلى سيادة تقليدية، والعالم يعيش تسابقا ملفتا نحو تأمين جيل جديد من السيادات الجديدة، السيادة الغذائية، والصحية، والطاقية والمالية، والرقمية والصناعية، والثقافية.
وكشف بركة في كلمة افتتح بها مهرجانا خطابيا وطنيا حول موضوع “السيادة الوطنية في فكر الزعيم علال الفاسي”، تخليدا للذكرى 48 لوفاة هذا الأخير، نظم مساء الجمعة بمدينة سلا، أن فكر الزعيم الفاسي يمكن أن يجد فيه المغرب ما يحفز على ضرورة صيانة هذه السيادة، بفعل ما “حباه الله من الفكر والقدرة على التأثير الإيجابي في الأحداث والإسهام في صنعها وتوجيه مسارها”، يضيف بركة.
وأوضح بركة، في كلمته أن المغرب عرف تطورا مهما في مسار تحقيق سيادته الترابية التي كرسها دستور 2011 ضمن الثوابت الراسخة والجامعة للأمة المغربية، لكن بركة اعتبر أن هذه السيادة تظل غير مكتملة إذا لم يصاحبها تعزيز للاستقلالية الاقتصادية وتملك للقرار الاقتصادي، مستدلا بما أكد عليه علال الفاسي في وثيقة التعادلية، حين دعا إلى تقليص التبعية للخارج فيما يخص الموارد النادرة والمواد الأساسية مثل الغذاء والماء والدواء والطاقة والتمويل، وغيرها، والتي يحتاجها المواطنون ويحتاجها المغرب لمواصلة تطوره ونمائه.
وقال بركة، إن التحرر والاستقلال إذا كانا مشفوعين بتملك الخيار الديمقراطي، فهما شكلا عند علال الفاسي النواة الصلبة لمطلب السيادة الوطنية ضمن المشروع المجتمعي الذي حمله ودافع عنه برؤية متبصرة واعية بخصوصيات المجتمع المغربي، مشددا على حضور البعد الهوياتي في فكره كمقوم أساسي للسيادة الوطنية الذي لا يقل أهمية عن المقومات الأخرى، مشيرا إلى أنه مقوم أثبت راهنيته اليوم، في ظل ما يعرفه المجتمع المغربي من تحولات، وفي غمرة ما وصفه بركة بـ”اتساع مجالات الانفتاح الكوني، وتنامي آليات التواصل بين مختلف بقاع العالم، وما تحمله من عوامل التأثير والتأثر التي يتفاعل معها المواطنون، والتي قد تكتنفها بعض الشوائب والممارسات والسلوكات التي لا تتماهى مع طبيعة المجتمع المغربي وقيمه الروحية والأخلاقية”.
كما أوضح الأمين العام لحزب الاستقلال أن مسألة السيادة عند الزعيم علال الفاسي “هي كل مُترابط وغير قابل للتصرف والتجزيئ، بحيث يتداخل الترابي والسياسي والهوياتي بالاقتصادي والجيوـــ استراتيجي والثقافي، وهو ما تجسد في نضاله الوطني الصادق من أجل استقلال البلاد، وفي المشروع المجتمعي لما بعد الاستقلال المحدد في النقد الذاتي وفي وثيقة التعادلية الاقتصادية والاجتماعية، والذي يؤكد على ضرورة استكمال الاستقلال السياسي باستعادة السيادة على خيرات البلاد والثروات الوطنية وتزويدها بوسائل الحفاظ عليها”.
وشدد بركة على أن هم تحقيق السيادة الوطنية، كان في صدارة الثوابت الأساسية في فكر وعمل الراحل علال الفاسي، وذلك من منطلق إيمانه الراسخ بأن الكفاح من أجل الحرية والاستقلال لن يبلغ مراميه إلا باستكمال وتحرير كافة الأراضي المغربية المستعمرة، لكن تكريس السيادة الترابية في ظل التحرر والانعتاق، لم يكن لينسي الزعيم علال الفاسي أو يضعف فيه شغفه أو تطلعه إلى إرساء دعائم السيادة الشعبية، واصفا بأن الراحل علال الفاسي كان في مقدمة رواد الحركة الوطنية، الذين أدركوا أهمية التركيز غداة الاستقلال على قضايا الحريات والحكم الديمقراطي وضرورة الوصول إلى إنجاز دستور يحدد صلاحيات مختلف السلطات في إطار ملكية دستورية.