كشفت المندوبية السامية للتخطيط، أمس الثلاثاء، أن الفوارق الاجتماعية بين المغاربة عادت خلال السنوات الأخيرة، إلى مستويات قريبة من تلك المسجلة مطلع الألفية، بعد أن عرفت تراجعا تدريجيا إلى حدود سنة 2019.
وأوضحت المندوبية، في مذكرة حول « مكافحة الفقر وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، التنمية البشرية والمساواة بين الجنسين في المغرب »، أن الصدمات الصحية والاقتصادية التي شهدتها البلاد منذ سنة 2019، ألغت المكتسبات التي تم تحقيقها في مجال تقليص الفوارق الاجتماعية منذ مطلع الألفية، وكشفت هشاشة التقدم المحقق.
ووفق المصدر ذاته، عرفت الفترة ما بين 2019 و2022 تراجعا في مستوى المعيشة المتوسط لأول مرة منذ سنوات، وكان هذا التراجع أكثر حدة بالنسبة للفئات الأكثر هشاشة، ففي حين لم يسجل 20% من الأسر الأغنى سوى انخفاض سنوي متوسط بحوالي 1,7% في مستوى معيشتها، تكبدت 20% من الأسر الأقل دخلاً تراجعاً أشد بكثير بلغ حوالي 4,6% سنوياً، كما تضررت الفئات الوسطى بدورها بشكل كبير، حيث سجل مستوى معيشتها انخفاضاً قدره 4,3% سنوياً.
وأضافت المندوبية أن نصف الساكنة الأكثر يسراً استحوذت على 76,1% من إجمالي الإنفاق سنة 2022، مقابل 75,1% سنة 2019، كما ارتفعت حصة إنفاق 20% من الأسر الأكثر غنى من 46,2% إلى 48,1% في 2022، في حين تراجعت حصة 20% من الأسر الأقل دخلا إلى 6,7%، مما أدى إلى اتساع متوسط الفارق في مستوى المعيشة بين القطبين، ليبلغ 7,1 مرات سنة 2022، بعدما كان قد انخفض إلى 6,2 مرات في 2019.
وفي المقابل، كشفت المندوبية أن الفترة ما بين 2001 و2014، عرفت تحسنا في مستوى العيش المتوسط للأسر المغربية ككل، مع تسجيل مكاسب أوضح لدى الفئات المتوسطة والمحدودة الدخل، مما جعل نفقات الاستهلاك أقل تركيزاً في قمة الهرم الاجتماعي، حيث تراجع الفارق في النفقات بين 10% من الأسر الأغنى، و10% من الأسر الأقل دخلا، من 12,2 مرة إلى 11,8 مرة.
كما تميزت الفترة مابين 2014 و2019 باستمرار وتيرة تقلص الفوارق الاجتماعية، حسب المندوبية، حيث تحسن مستوى المعيشة للفرد بالقيمة الحقيقية بشكل ملحوظ لدى مختلف الفئات الاجتماعية، وسجلت الأسر الأقل دخلاً المكاسب الأكبر نسبياً، إذ ارتفع مستوى معيشتها المتوسط بحوالي 3,9% سنوياً خلال هذه الفترة، مقابل 2,8% فقط بالنسبة لـ20% من الأسر الأكثر ثراء.
ووفق المندوبية، يرتبط هذا الارتفاع المسجل حديثا في الفوارق الاجتماعية بين الأسر، والمخالف للدينامية الإيجابية التي شهدتها الفترة ما بين 2001 و2019، بتفاقم التفاوتات في النفقات الغذائية، حيث صعد مؤشر تركيزها بشكل حاد إلى 31,7% سنة 2022، بعدما كان قد تراجع إلى 24,2% سنة 2019، مما يعني أن توزيع النفقات الموجهة للغذاء أصبح أكثر لا مساواة، حيث اضطرت الأسر الفقيرة إلى تقليص استهلاكها الأساسي بشكل أكبر مقارنة بالأسر الميسورة.