ندوة بأصيلة تحث دول إفريقيا على التعاون بينها لأن الشراكات تحولت إلى صفقات مشروطة بمصالح

30 سبتمبر 2025 - 23:59

قال مشاركون في ندوة نظمها منتدى أصيلة ضمن فعاليات الدورة الـ46 لموسمه الثقافي، إن المحيط الأطلسي، يشهد تحولا جذريا في موقعه داخل الخريطة الجيوسياسة والاقتصادية العالمية، ولم يعد مجرد مجالٍ بحريٍ يربط بين الضفتين الشمالية والجنوبية، بل أصبح ساحة للتلاقي والتنافس والتعاون في آن واحد.

وفي هذا السياق، قال محمد لوليشكي، السفير والممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة سابقا، إن مفهوم إفريقيا الأطلسية، برز كمفهوم جديد يدعو إلى صياغة رؤية متكاملة للفضاء الأطلسي، تتجاوز التفسيرات التقليدية، وتمنح القارة الإفريقية موقعا مؤثرا في المعادلة الدولية.

وهنا، حسب لوليشكي، تكمن المبادرة الملكية للأطلسي، لتفعيل دور إفريقي متوسطي يمكنه من الانتقال من موقع المتلقي للقواعد والمعايير إلى فاعل قادر على بناء منصات إقليمية ودولية تصوغ التوازنات وتحدد اتجاهات المستقبل.

وفق لوليشكي، جاءت المبادرة الملكية في خصم تحولات إقليمية ودولية غير مسبوقة، تتسم بحالة من تآكل الثقة واهتزاز في التحالفات، وفرض أسبقية المصالح الضيقة، على روح التآزر والتضامن والتعاون.

بالنسبة للباحث الأول في مركز السياسات من أجل الجنوب، لم تعد الشراكات تقوم على التزامات طويلة الأمد بل تحولت إلى صفقات مشروطة وظرفية تتأثر بتبدل المصالح.

في ظل هذا المشهد تتزايد الحاجة بالنسبة للدول المتوسطية لتعزيز نفوذها لما يمكن أن يكون عليه دور إفريقي وأطلسي.

وفق تحليل لوليشكي، تمكن المغرب خلال العقدين الماضيين، من ترسيخ مكانته كمحور استراتيجي في الفضاء الأطلسي. على المستوى الاقتصادي استطاع الحفاظ على حرية مناورة تجارية مع الاتحاد الأوربي وفي الوقت ذاته انفتح على أسواق الخليج.

ورفض الدبلوماسي المغربي السابق، توصيف المغرب بمجرد جسر يربط بين الأطلسي، جازما أنه لم يعد توصيفا كافيا أو منصفا، بل الأجدر النظر إلى المغرب باعتباره منصة نشطة لإطلاق المبادرات وصياغة الحلول المشتركة.

ومن خلال اندماج المغرب في سلسلة القيمة العالمية، يتحول إلى مركز للتجارة والاستثمار وفي قضايا النمو والهجرة، يبرز المغرب كشريك موثوق به في معالجة تحديات الساحل الإفريقي.

وأكد لوليشكي، أن التجربة المغربية تحمل جملة من الدروس التي يمكن البناء عليها لصياغة رؤية إفريقية متكاملة للفضاء الأطلسي.

وفقا لتحليل الدبلوماسي المغربي السابق، لم يعد تعدد الخيارات الدبلوماسية كافيا في حد ذاته، بل المطلوب هو القدرة على صياغة أسواق وبناء منصات إقليمية تمكن الدول من تحويل قوتها الاقتصادية إلى عملة دبلوماسية.

من هذا المنطلق فإن الرؤية الإفريقية المستقبلية، ينبغي أن تركز على تنسيق جهود المبادرة الطاقية بين الدول الإفريقية على غرار أنبوب الغاز وتعزيز الأمن الغذائي المشترك عبر استغلال الموارد بشكل جماعي.

وأوضح لوليشكي، أن إفريقيا الأطلسية ليست امتدادا أو تبسيطا جغرافيا، بل هي رؤية استراتيجية قادرة على إعادة صياغة التوازنات في المحيط الأطلسي، ومد القارة الإفريقية بدور فاعل لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين، وإنجاح مبادرات فعالة على غرار المبادرة الأطلسية.

وفقا للمتحدث ذاته، فإن مبادرة الأطلسي ليست مشروعا مكتملا، بل شبهها بمفتاح في يد إفريقيا، وجب على جميع دولها أن تتملكه وتشارك في المبادرة الملكية بقناعة، موضحا أن الملك محمد السادس ينفي رغبة المغرب في أن يكون الرائد في المبادرة، بل أن تكون إفريقيا هي الرائدة في عالم تتغير فيه الأشياء.

من جانبه، قال حاتم البطيوي، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، إن ندوة « إفريقيا الأطلسية »، تأتي في وقت يشهد العالم تغييرات كبيرة في توازناته السياسية والاقتصادية، والفضاء الأطلسي أصبح من أهم المجالات التي تتقاطع فيها مصالح كبرى تتعلق بالأمن والطاقة والتنمية.
وأوضح البطيوي، في كلمة افتتح بها الندوة، مساء الثلاثاء، أنه في الوقت الذي تتحرك فيه قوى دولية خارج إفريقيا بخطط واضحة، ما زالت الدول الإفريقية الأطلسية بحاجة إلى رؤية مشتركة تُعبر عن إمكانياتها الكبيرة.

من هنا تبرز أهمية المبادرة الأطلسية للدول الإفريقية التي أطلقها الملك محمد السادس، على اعتبار أنها ليست مجرد إعلان، بل هي تصور عملي لبناء منصة للتشاور والتعاون بين الدول الإفريقية، حتى يكون لها صوت إفريقي جماعي في قضايا الأطلسي. وهي جزء من رؤية أكبر تشمل مشاريع كبرى مثل خط أنابيب الغاز المغرب–نيجيريا، والمبادرة الملكية لمنح دول الساحل منفذاً استراتيجياً إلى المحيط الأطلسي.

 

 

 

 

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *