أكد وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، في لقاء خاص بثته القناة الثانية مساء اليوم الإثنين، أن الموارد البشرية تظل إحدى أهم التحديات التي تواجه المنظومة الصحية في المغرب، مشيراً إلى أن البلاد ما تزال تتوفر على عدد أطباء أقل من المعدل الدولي الموصى به، وهو ما يفرض مضاعفة الجهود لسدّ الخصاص القائم.
وأوضح التهراوي أن الوزارة رفعت عدد المقاعد الجامعية لتكوين الأطباء، غير أن هذه الخطوة تحتاج إلى بعض الوقت حتى تعطي نتائجها، إذ لن يبدأ تخرج الدفعات الجديدة إلا بعد ست سنوات، أي في أفق سنة 2030، مما يستدعي اعتماد حلول مرحلية موازية.
وفي ما يتعلق بأطباء الاختصاص، أقرّ الوزير بوجود اختلالات كانت تعيق هذا المسار، حيث كان التحاق الخريجين بمناصبهم يتم أحياناً بعد سنتين من التخرج، وهو ما وصفه بأنه « غير طبيعي ويُربك أداء المنظومة الصحية ». وأضاف أنه منذ سنة 2019 يتم سنوياً إلحاق حوالي 200 طبيب اختصاصي، فيما شهدت سنة 2022 تحولاً كبيراً بإلحاق 300 طبيب في أقل من سنة، ثم 400 طبيب إضافي، ليصل العدد الإجمالي إلى 700 طبيب في تلك السنة وحدها. وأكد التهراوي أن الوزارة تعمل حالياً على توزيع 500 طبيب اختصاصي آخر خلال هذا الشهر على مختلف الأقاليم، ما يرفع إجمالي الأطباء الاختصاصيين الملتحقين إلى 1200 طبيب منذ بدء الإصلاح. كما أشار إلى أن ما بين 6 و7 في المائة من الخريجين لا يلتحقون بالعمل، وأن الوزارة تدرس أسباب هذا العزوف لمعالجتها.
وتحدث الوزير أيضاً عن إشكالات سلوكية مرتبطة ببعض فئات العاملين، لاسيما حراس الأمن في المستشفيات، الذين يقومون أحياناً بمهام لا تدخل ضمن اختصاصهم، ويرتبط ذلك في كثير من الأحيان بتدني الأجور التي يتقاضونها، ما يدفع بعضهم إلى ارتكاب تجاوزات كقبول الرشى. وأوضح أن هذه الوضعية تعود بالأساس إلى شركات المناولة المكلفة بخدمات الأمن والنظافة، والتي لا تحترم في بعض الحالات المعايير المطلوبة.
وأكد التهراوي أن وزارته تعمل على معالجة هذه الاختلالات من خلال اعتماد دفتر تحملات جديد بمعايير أعلى، يفرض على الشركات المتعاقدة أن تكون ذات خبرة وأن يتوفر مسؤولوها على تكوين مهني مناسب. أما بشأن ما يُثار حول استفادة مقربين من صفقات هذه الشركات، فنفى الوزير وجود أي تجاوزات، مؤكداً أن جميع طلبات العروض تتم بشكل علني، وتخضع لمراقبة دقيقة من طرف الوزارة.
وأشار التهراوي إلى أن تحدي الموارد البشرية لا يقتصر فقط على الخصاص في الأعداد أو تأخر الالتحاق، بل يمتد أيضاً إلى مسألة الأجور، إذ يبقى راتب الطبيب في القطاع العام أقل بكثير من نظيره في القطاع الخاص، ما يؤثر على جاذبية العمل في المستشفيات العمومية. وأوضح أن الوزارة عملت خلال قوانين المالية الماضية على تحسين الرواتب بشكل ملحوظ رغم محدودية الإمكانيات، مؤكداً أن الفجوة مع القطاع الخاص ما تزال قائمة لكنها تقلصت بشكل تدريجي. وكشف الوزير أن العمل جارٍ حالياً على إقرار نظام “الراتب المتغير” كآلية جديدة لتحفيز الأطباء وتشجيعهم على الاستقرار في القطاع العام وتقديم خدمات أفضل.