فضيحة في وزارة الصحة: تراخيص لمراكز الأشعة تُمنح في ظل شكاوى نصب واحتيال

11 نوفمبر 2025 - 07:40

في وقت يُفترض فيه أن تكون وزارة الصحة والحماية الاجتماعية حارسًا على احترام القانون وضمان الشفافية في منح تراخيص المصحات ومراكز الأشعة، تكشف معطيات ميدانية عن واقع مغاير تمامًا، واقعٍ مطبوعٍ بالارتجال، والازدواجية، بل وأحيانًا بالتواطؤ الصامت الذي يضرب في العمق مصداقية الإدارة المركزية للوزارة.

القضية التي تفجّرت مؤخرًا ليست سوى نموذج صارخ لهذه الفوضى الإدارية. فطبيبة متخصصة في الفحص بالأشعة وجدت نفسها ضحية شراكة مهنية تحوّلت إلى نزاع قضائي مع شركاء سابقين، بعد أن تم إقصاؤها من مشروع مركز للأشعة كانت من بين مؤسِّسيه ومسيِّريه الفعليين. النزاع لم يعد مجرد خلاف تجاري، بل تحوّل إلى ملف قضائي ثقيل يتضمن اتهامات بالتزوير واستعماله، والنصب وخيانة الأمانة، وهو ما أكّدته وثائق رسمية تفيد بمتابعة الأطراف المشتكى بهم أمام قاضي التحقيق.

ورغم خطورة هذه المعطيات، ووجود متابعة قضائية قائمة، فوجئت الطبيبة الضحية — حسب مراسلتها الرسمية الموجهة إلى الكاتب العام للوزارة — بأن الإدارة المركزية بصدد منح إذن نهائي لمركز جديد للتصوير بالأشعة في نفس المحل المتنازع عليه، وباسم شركة جديدة تعود ملكيتها إلى أقارب المشتكى بهم، مع إدخال طبيبة صورية لتغطية الوضع القانوني الشكلي.
كيف يمكن لوزارة مسؤولة أن تتجاهل شكاية رسمية، وأن تمضي في منح ترخيص في محل محل نزاع قضائي، بل وفي قضية يتابع فيها بعض الأطراف بتهم النصب والتزوير؟
إن منح تراخيص من هذا النوع في ظل دعاوى قضائية مفتوحة يضرب في العمق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة الذي نص عليه دستور المملكة، ويمسّ بمصداقية وزارة يُفترض أن تكون نموذجًا في احترام القانون. والأسوأ من ذلك أن هذا التراخي الإداري قد يُفهم في الشارع المهني كرسالة غير معلنة مفادها أن النفوذ والعلاقات أقوى من النصوص التنظيمية، وأن العدالة يمكن الالتفاف عليها بمساطر إدارية متساهلة.

من حق الرأي العام، ومن حق مهنيي القطاع الصحي، أن يسائلوا وزير الصحة مباشرة:
كيف تسمح الوزارة بالمضي في إجراءات الترخيص في موقع موضوع نزاع قضائي مثبت؟
وأين هو مبدأ التحري الإداري، والتنسيق مع النيابة العامة قبل اتخاذ قرارات قد تُعتبر تشجيعًا ضمنيًا على التحايل؟
إن ما يجري اليوم في كواليس مديرية التجهيزات والتراخيص داخل وزارة الصحة يفرض وقفة حقيقية لمراجعة طرق منح الأذون المسبقة والنهائية لإنشاء المراكز الطبية. فحين يتحول الإذن الإداري إلى وسيلة لتصفية حسابات أو لتغطية أفعال احتيالية، فإن الثقة بين الدولة والمهنيين تتآكل، وتضيع معها هيبة القانون.

إن المسؤولية السياسية والإدارية تقع، أولًا وأخيرًا، على عاتق وزير الصحة والحماية الاجتماعية، الذي لا يمكنه التذرع بالجهل أو الاكتفاء بالتحقيقات الداخلية. فالقضية اليوم تمسّ سمعة قطاع بأكمله، وتتطلب موقفًا واضحًا وشجاعًا يعيد الاعتبار لمبدأ الشفافية والمساواة أمام القانون.
ويبقى السؤال المفتوح:
هل سيتدخل الوزير لإيقاف هذه المهزلة الإدارية، أم أن منطق “الترخيص مقابل النفوذ” سيظل هو القاعدة غير المعلنة في دواليب الوزارة؟

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *